أكد البروفيسور كمال بوزيد، رئيس مصلحة الأورام السرطانية بمركز بيار وماري كوري لمكافحة السرطان بالجزائر العاصمة، في حديثه ل "الخبر" بخصوص مسألة تحويل مرضى الجزائر للعلاج بالخارج، أنه أحرى بالجزائر أن تستفيد من خبرة 20 ألف طبيب جزائري متواجدين بمستشفيات فرنسا، مؤكدا أننا البلد الوحيد الذي يستورد الكثير من الأدوية ويصدّر في المقابل الكثير من المرضى، مفصلا في هذه الأمور في حواره التالي. التقى بحر الأسبوع الماضي وزير الصحة بأعضاء اللجنة الوطنية لعلاج المرضى بالخارج، قصد دراسة سبل استمرار ذات العلاج لبعض الحالات المرضية التي لا يتوفر علاجها عندنا، ما رأيكم في المسألة؟ أولا وقبل أن أعطي رأيي حول مسألة العلاج خارج الوطن، اسمحوا لي أن أدلي برأيي حول هذه اللجنة في حدّ ذاتها، والتي أرى أنه يتوجب حلّها لأنها حادت عن الغرض الذي تم وضعها من أجله، حيث إن هناك تلاعبا في مسألة تحويل مرضى الجزائر للعلاج خارج الوطن، هذا من جهة، أما فيما يخص مسألة علاج مرضانا بالخارج في حد ذاتها، فأظن أنه حان الأوان لرد الاعتبار لأطبائنا في مختلف التخصصات الطبية، والذين تعج بهم مستشفيات فرنسا وغيرها من الدول الأوروبية، ويكفي أن يعلم الجزائري أن مستشفيات فرنسا وحدها تشغّل 20000 طبيب جزائري من مختلف التخصصات يصنعون بهجة الفرنسي ويسهرون على صحته، وكان أحرى أن يستفيد مرضى بلادهم من خبراتهم الطبية، كما أننا نحوز على أكثر من 1500 طبيب من مختلف التخصصات يعيشون البطالة، في الوقت الذي يستمر تحويل كثير من المرضى للعلاج بمستشفيات فرنسا وغيرها ويشرف على علاجهم جزائريون.
بروفيسور كنتم عضوا ضمن هذه اللجنة، كيف كان يتم اختيار المرضى المحولين للعلاج بالخارج، خاصة أن كثيرا من الأصوات تعالت منذ سنوات منددة بتجاوزات هذه اللجنة؟ يجب أن تعلموا أن اللجنة التي تشرف على مسألة تحويل عدد من مرضى الجزائر للعلاج بالخارج، كانت تضم 22 عضوا من أساتذة في مختلف التخصصات الطبية ومن كل أنحاء الوطن، أشرف البروفيسور قيدوم رحمه الله وقتها على تشكيلها، حيث كنا نجتمع مرة في الأسبوع لدراسة ملفات المرضى، والحالات التي كان يستعصي علينا حينها التكفل بعلاجها بمستشفيات الوطن يتم تحويلها للعلاج بمستشفيات خارج الوطن، واستمر الوضع حتى عام 1999 حين تم حل هذه اللجنة، أو قولي تقليص عضويتها، حيث لم يبق ضمنها سوى 3 إلى 4 أعضاء كلهم من وسط الجزائر، تابعوا مهمة تحويل عدد معتبر من المرضى من الجزائر نحو الخارج لغرض العلاج، علما أنه لم تكن هناك دراسة للملفات، بل بات هناك تلاعب ملحوظ في هذه التحويلات.
تم خلال ذات اللقاء التنديد باستحواذ مرضى السرطان على نسبة معتبرة من ميزانية الصيدلية المركزية، مطالبين بتخفيضها. ما ردكم على ذلك؟ فعلا، قالوا إن 60% من ميزانية الصيدلية المركزية توجه لعلاج مرضى السرطان بمختلف أنواعه، وأقول إنه في حالات خاصة بمختلف السرطانات تصل النسبة حتى 80%، لكنها علاجات ضرورية لعلاج هذه الفئة، علما أنهم نددوا بغلاء بعض الأدوية المتمثلة في العلاجات الجديدة، على غرار العلاجات المستهدفة والعلاجات الهرمونية وغيرها، وهنا أشير إلى أنه منذ سنتين ونصف السنة لم نتلق لعلاج مرضانا أدوية العلاج المناعي.
في ظل هذه الأوضاع، ماذا تقترحون كبديل لتحويل مرضى الجزائر للعلاج بالخارج؟ أطالب بأن يتم استثمار الأموال التي تدفع بالعملة الصعبة للعلاج بالخارج داخل الوطن، وأن تخصص لدعم المستشفيات، سواء العمومية أو الخاصة في التزوّد بالعتاد الطبي اللازم لعلاج مختلف الحالات المرضية. فنحن البلد الوحيد الذي يستورد الأدوية ويصدّر المرضى، أطباؤنا من مختلف التخصصات أكفاء وقادرون على الإشراف على علاج مختلف الحالات. فمثلا في مجال زراعة الكبد، يقولون إن المستشفيات التركية أقل تكلفة من المستشفيات الأوروبية، في حين يتم تداول ذات التجربة بمركز بيار وماري كوري بالجزائر العاصمة وكذا بمستشفى باتنة ووهران. ونفس الأمر بالنسبة لزراعة النخاع الشوكي، وبالتالي نطالب بتزويد هذه الفرق الطبية بالأجهزة والعتاد الطبي اللازم لذلك ومختلف المستلزمات الطبية التي يتطلب استهلاكها، وسترون كيف سيبلي أطباؤنا في الميدان، فالكفاءات الطبية عندنا متوفرة، ويكفي فقط أن يتم اعتبارهم وتوفير ما يحتاجونه من عتاد.