في انتظار تحديد الحصيلة النهائية للخسائر التي تكبدها الاقتصاد الوطني جراء جائحة كورونا، أعلن الديوان الوطني للإحصائيات عن أولى الأرقام التي تؤكد تراجعا محسوسا في الناتج المحلي الخام بما بمعدله 3,9 بالمائة، لتدخل بذلك الجزائر مرحلة التباطؤ الاقتصادي. اعترف الديوان الوطني للإحصائيات، في آخر تقرير له حول الحسابات الوطنية للثلاثي الأول، بتسجيل تباطؤ في النشاط الاقتصادي في أغلبية القطاعات، زاد حدة مع نهاية الثلاثي الأول نتيجة الأزمة الصحية العالمية، رغم أنها لم تكن آنذاك إلا في بدايتها بالنسبة للجزائر. وأكد الديوان تسجيل تراجع في النشاط الاقتصادي حتى نهاية مارس من السنة الجارية بالنسبة لجميع القطاعات، باستثناء الفلاحة والصناعات الغذائية والبناء والأشغال العمومية والري، هذا الأخير الذي عرف أزمة حادة خلال الثلاثي الثاني لهذه السنة بفعل إجراءات الحجر الصحي التي أقرتها الحكومة منذ بداية الأزمة الصحية. ويشير التقرير إلى تراجع في معدل نمو الناتج المحلي الخام ب1,5 بالمائة خلال الثلاثي الأول لسنة 2020، مقابل ارتفاع بمعدل 3,6 بالمائة سنة قبل ذلك. ومثل قطاع المحروقات، حسب التقرير ذاته، أهم قطاع تأثر بالأزمة الصحية العالمية، حيث سجلت القيمة المضافة المحققة في هذا القطاع خلال الثلاثي الأول لهذه السنة انخفاضا معتبرا بما معدله 13.7 بالمائة، مقابل 7,1 بالمائة للفترة نفسها من السنة الماضية. ويؤكد التقرير تسجيل أسعار المحروقات تراجعا محسوسا بمعدل 16,9 بالمائة. تجدر الإشارة إلى أن الجزائر تتوقع انخفاض مداخيلها من عائدات صادرات المحروقات لهذه السنة جراء الجائحة، وفقا لما تضمنه قانون المالية التكميلي لهذه السنة، إلى 20,6 مليار دولار مقابل 37,4 مليار في قانون المالية لعام 2020. أما بالنسبة لقطاع الصناعة، فسجل هو الآخر انخفاضا طفيفا بنسبة 0,5 بالمائة خلال ثلاثة أشهر الأولى من السنة الجارية، مقابل نمو 4,9 بالمائة للفترة نفسها من سنة 2019. من جهته، سجل حجم نفقات الاستهلاك النهائي الإجمالي انخفاضا بنسبة 1,2 بالمائة خلال الثلاثي الأول من السنة الجارية، مقابل ارتفاع بمعدل 2,4 بالمائة خلال الفترة نفسها من السنة الماضية. الاستهلاك النهائي للعائلات والأسر الجزائرية سجل هو الآخر المنحى التنازلي نفسه، بانخفاض بلغ معدل 0,8 بالمائة، مقابل ارتفاع بنسبة 2,4 بالمائة سنة من قبل. وأرجع تقرير الديوان الوطني للإحصائيات هذا الانخفاض في النفقات إلى تراجع نفقات العائلات بالنسبة للخدمات، خاصة منها النقل، نتيجة إجراءات الحجر الصحي التي أقرتها الحكومة لمنع تفشي فيروس كورونا، حيث تم توقيف النقل الحضري العمومي والخاص، وحتى النقل ما بين الولايات. كما سجلت نفقات الإدارات العمومية، هي الأخرى، تراجعا بنسبة 2 بالمائة حتى نهاية شهر مارس الماضي. على صعيد آخر، أكد التقرير ذاته استمرار تراجع صادرات الجزائر من السلع والخدمات، بتسجيل انخفاض قدر بمعدل 11,8 بالمائة من حيث الحجم، فيما كان الانخفاض يقدر بنسبة 8.4 بالمائة خلال الثلاثي الأول لسنة 2019. وحسب التقرير، فإن هذا التراجع يعود أساسا إلى انخفاض حجم صادرات المحروقات، وذلك بنسبة 14,5 بالمائة، مقابل 9,2 بالمائة خلال السنة الماضية. على عكس ذلك، سجل حجم صادرات الخدمات خلال الثلاثي الأول ارتفاعا ب15 بالمائة، مقابل انخفاض ب3,7 بالمائة خلال الفترة نفسها من سنة 2019. بخصوص الواردات، أشار التقرير نفسه إلى تراجع حجم واردات السلع بمعدل 19 بالمائة والخدمات ب0,9 بالمائة.