مع اقتراب المهلة التي أعلن عنها وزير المالية، أيمن بن عبد الرحمان، للقضاء على مشكلة السيولة النقدية على مستوى مراكز البريد والبنوك، التي حددها مع نهاية ديسمبر الجاري، لا تزال هذه الإشكالية تراوح مكانها دون أن يظهر بصيص من الضوء من مخرج هذا النفق الطويل، والأزمة المتواصلة لتجعل حصول المواطنين، أو بالأحرى العمال والموظفون، على رواتبهم مأمورية صعبة كل نهاية شهر. حسب الأصداء التي جمعتها "الخبر" على مستوى العديد من مراكز ومكاتب البريد، فإنّ الجواب المتكرر هو "ما كاش دراهم اليوم ممكن ترجع غدا"، باعتبارها العبارة التي قوبلت بها صكوك المواطنين للحصول على رواتبهم، بينما يتطاول طابور الانتظار للمواطنين إلى خارج المراكز، لاسيما في ظل البروتكولات الصارمة لمواجهة والوقاية من تداعيات وباء كوفيد 19. الواقع الحالي للبريد والمؤسسات المالية والمصرفية تتصادم مع التصريحات التي أدلى المسئول الأول على قطاع المالية مؤخرا، حينما قال إن الإجراءات التي أقدمت عليها الحكومة والوزارة ستهدف لإيجاد حل والقضاء نهائيا على مشكل السيولة المالية المسجلة على مستوى مراكز بريد الجزائر والبنوك مع نهاية الشهر الجاري، مضيفا "مشكل السيولة النقدية سيجد طريقه إلى الحل النهائي والتام في أوائل شهر ديسمبر المقبل". وذكر في السياق ذاته أنه تم القيام بأولى الخطوات للقضاء على هذا المشكل من خلال السماح للمواطنين الحاملين للبطاقات البريدية بسحب مبلغ قدره 50 ألف دج، مضيفا أنّ هذه الخطوة ستتبع بخطوات عملية أخرى لم يذكر تفاصيلها، في وقت تبقى هذه الإجراءات تنتظر طريقها إلى التجسيد الميداني، بينما خطوات الأخرى التي اتخذتها السلطات العمومية في هذا الشأن غير معروفة لحد الآن. وتدفع الوضعية الراهنة أيضا إلى تكريس عدم ثقة المواطنين بالبنوك ومراكز البريد على السواء، وتعصف بالمبادرات التي قامت بها الحكومة والسلطات العمومية لإقناع المواطنين بإيداع أموالهم على مستوى حسابات بنكية، ومن ثمة استرجاع الكتلة النقدية المتداولة نقدا ويد بيد خارج الأطر الرسمية، على الرغم من جميع التدابير والإجراءات المتخذة على مدار السنوات القليلة الماضية. وفي ظل هذه الظروف، تشهد مكاتب البريد في نهاية شهر أزمة حقيقية في توفير السيولة المالية للمواطنين بسبب محدودية السيولة الممنوحة لها من طرف بنك الجزائر وعمليات إيداع النقود المحدودة بسبب جائحة كورونا، مقابل ارتفاع عمليات السحب وحجمها الكبير من طرف المواطنين، لاسيما بعد رفع منح المعاقين والمنحة الجزافية للتضامن، وتسديد منح المتضررين من وباء كورونا والمساعدات الاجتماعية في رمضان والتعويضات التحفيزية للعاملين في مواجهة الوباء.