تنشر "الخبر" الرد الذي وردها من عميد مسجد باريس، السيد شمس الدين حفيز، على الحوار الذي أجرته مع المفكر الإسلامي ورئيس مؤسسة إسلام فرنسا، غالب بن شيخ، يوم 8 نوفمبر 2020 تحت عنوان "ما تصرفه الجزائر على مسجد باريس يذهب هباء منثورا"، وذلك في إطار حق الردّ المكفول قانونا: بادئا ذي بدء، من الأهمية بمكان الإشارة إلى أنه ليس غريبا ولا جديدا، أن يتلقى مسجد باريس الكبير هجمات وادعاءات تلقى جزافا دون أدلة ملموسة، ومع ذلك فهو مستمر في النجاح والريادة والمضي قدما في تحقيق أهدافه وتجسيد برامجه. ليس لدينا ما نخفيه، لأن دعاة الفتنة من الداخل أو الخارج يسيئون لبلدانهم، قبل أن يسيئوا للمسجد الذي رفعه الله بأن ذكر فيه اسمه. هل تتصورون أن الجمعية المسيّرة لمسجد باريس ومعهد الغزالي الخاضعة للقوانين الفرنسية هي بمنأى عن الرقابة هنا في فرنسا ولا تستجيب لقوانين الجمهورية فيما يخص الشفافية والنزاهة والمسؤولية في تسيير الجمعيات، خاصة الدينية في ظروف استثنائية فرضتها سياسات مكافحة الإرهاب وتبييض الأموال والجريمة المنظمة العابرة للقارات. كما أنهم يسيئون للسلطات الجزائرية، التي تقدم إعانات لمسجد باريس الكبير في إطار الشفافية بين اللجنة الوطنية للأوقاف وجمعية حبوس الحرمين الشريفين والتي تقدّر ب205 مليون يورو، مهما كان سعر الصرف، والتي لم تتغير منذ سنة 2012 رغم ما عرفه الدينار الجزائري من انخفاض في قيمته التي قاربت 30 بالمائة، كما أن هذه الإعانة لا يمكن صرفها إلا بعد تقديم بيان الحصيلة المالية لمسجد باريس مصادق عليه من طرف محافظ الحسابات، وبعد التوقيع على اتفاقية برنامج تحدد بدقة أوجه إنفاق هذه الإعانات حسب الأولويات التي تراها وزارة الشؤون الدينية والأوقاف. ننوه أيضا إلى أن مسجد باريس مسيّر حسب قانون الجمعيات الفرنسية لعام 1901، ويسير وفق بنود هذا القانون. وبالتالي، فإنه في كل سنة تعقد الجمعية العامة وتقدّم لها الحسابات بعد تحقيقها ومراجعتها بشكل دقيق من طرف محافظ الحسابات الذي من صلاحياته إخبار النائب العام إذا وجد شبهات. تقدر المساعدة المالية التي يحصل عليها مسجد باريس كما تعرف بالفرنسية la subvention d'équilibre ب205000000 دينار وتصل بعد التحويل إلى 1.500.000 أورو. إن هذه المساعدة لا تكفي لتغطية الرواتب والمستحقات الاجتماعية لحوالي 40 عاملا. ولمسجد باريس مداخيل خاصة به تصرف على تسيير الأعباء الثابتة والحالات الاجتماعية للمحتاجين حسب ما يعرف ب les charges fixes. يتلقى مسجد باريس الكبير الميزانية من الجزائر في إطار اتفاق مشترك وهذا حسب القانون الجزائري، وذلك بعد تقديم الجرد السنوي لحسابات مسجد باريس بعد التصديق عليها من طرف محافظ الحسابات. وتجدر الإشارة في هذا الصدد، إلى أن مسجد باريس هو من المؤسسات الدينية القلائل في فرنسا الذي تعتمد حساباته كل سنة بصفة قانونية، كما تصرف رواتب الأئمة لأصحابها مباشرة من المصالح المالية لمسجد باريس. فمن يدعي أن المسجد لا يقدم شيئا، فإننا للأمانة حتى في فترة سابقة، منذ سنوات ظل المسجد من خلال معهده الإسلامي المسمى معهد الغزالي المتأسس سنة 1413 هجرية الموافق 1993، يوفر قسما للغة العربية للصغار والكبار على حد سواء. كما يوفر المعهد دراسات معمقة في العقيدة والقرآن وعلومه وتفسيره والحديث وعلومه وشروحه والفقه وأصوله والسيرة النبوية والتاريخ الإسلامي والشريعة الإسلامية والأديان بشكل عام، فضلا عن ذلك، فالمعهد يخرج منذ 2008 دفعات متواصلة من المرشدين الدينيين بالمشافي والسجون الفرنسية. وقد تم وضع من طرف السيد العميد برنامجا جديدا لمعهد الغزالي هذا العام بخطة واستراتيجية مختلفة لتكوين أئمة محليين من أبناء فرنسا المسلمين. إن المعهد يفتح أبوابه أيضا من خلال معهده لاستقبال غير المسلمين الذين يجلسون جنبا إلى جنب مع المسلمين بقسم الحضارة والدراسات الإسلامية باللغة الفرنسية الموجهة لغير الناطقين بالعربية. كما أن إدارة مسجد باريس عملت منذ شهر جانفي 2020 على إعادة بعث الحياة في معهد الغزالي، حيث تم الشروع في تكوين جديد لصالح الأئمة المحليين والعمل على مشروع إنشاء مجمع مدرسي يهتم بالتكوين من الحضانة إلى الثانوي وتأسيس الجامعة الشعبية المتنقلة les vendredis des savoirs. إن الذي يرمي مسجد باريس الكبير بالبهتان دون علم ولا اطلاع، ندعوه ليقترب منا ونفتح له أبوابنا، ونعلمه أن مسجد باريس حاضر خارج حدوده الجغرافية ومواكب للمستجدات التي تطرح على الساحة الدعوية والفكرية والعلمية، من خلال مشاركاته الدولية في كبرى الندوات والنشاطات وبملتقيات رابطة العالم الإسلامي التي تنظمها المملكة العربية السعودية وغيرها. أما فيما يخص الأنشطة الداخلية التي يشرف عليها المجلس الأعلى للثقافة والعلوم لمسجد باريس الكبير، نذكر ملتقياتنا الشهرية المندرجة في إطار نشاطات هذا المجلس. les mercredis du savoir أن هذا المجلس المرموق يضم شخصيات علمية وأكاديمية عالية المستوى، نصّبه السيد العميد بمجرد استلامه مهامه على رأس المؤسسة في أسابيعه الأولى. أما فيما يتعلق بالجانب الديني والإفتاء، فالكل لدينا يعمل في حدود اختصاصه ومجاله، ولا يحق لأحد التدخل في صلاحيات الآخر ولا حتى العميد في عمل الإمام والمفتي. فالعميد أو المدير العام كلاهما يقفان على مساحة معتبرة من التقدير والاحترام لجميع الأئمة والمشايخ ولا يصدر من الإدارة غير قرارات تتعلق بالتسيير الداخلي أو السياسة الخارجية للمؤسسة وهي من صلاحيات سيادة العميد. أما الشأن الديني والعلمي، فله رجاله ومؤسساتنا تحترم وتقدّر عاليا مهامهم الجليلة التي يقومون بها. إن مسجد باريس الكبير يتعرض لهجمات غير مسبوقة منذ انتخابي وفقا للقانون الأساسي لجمعية الحبوس، هذه الحملة الشرسة تأتي من أطراف داخلية وخارجية تحالفت فيما بينها لعرقلة نشاط المسجد وإبعاده عن مقاصده وأهدافه. هذه الأطراف لطالما فعلت بذلك كل ما في وسعها لتحقيق أطماعها لرئاسة مسجد باريس، ولكن ذهبت تلك الأطماع كلها أدراج الرياح بعد انتخابي عميدا لمسجد باريس.