لا تزال تداعيات الأزمة المالية الخانقة التي تسببت فيها جائحة كورونا تخيم على المؤسسات الوطنية التي اضطرت إلى تسريح الآلاف من عمالها خلال هذه السنة، أو إحالتهم على البطالة التقنية. لكن على عكس ما حدث في دول كثيرة من العالم، أين استفاد بطالو الجائحة من إعانات حكومية من خلال المنح التي ضخت في حساباتهم من صناديق البطالة، صنع بطالو الجزائر الاستثناء؛ حيث ورغم الاشتراكات التي كانت تقتطع من أجورهم الشهرية قبل صبها، لتمويل صندوق البطالة، لم يتمكن هؤلاء من تلقي أي تعويضات من هذا الصندوق. وتبقى التساؤلات مطروحة عن وجهة الأموال التي تضخ سنويا في الصندوق الوطني للبطالة، رغم أن هذا الأخير تم إنشاؤه خصيصا لمرافقة العمال المحالين على البطالة، بسبب أزمات اقتصادية ومالية تشهدها المؤسسات الوطنية، مثل الأزمة المالية غير المسبوقة التي خلّفها وباء فيروس كورونا. وحسب أرقام تحصلت عليها "الخبر"، فإن الصندوق يستفيد سنويا من مبالغ هامة تصل قيمتها إلى ما يتجاوز 45 مليار دينار، أي ما يعادل 4500 مليار سنتيم سنويا. وتمثل نسبة الأموال المحصلة من طرف صندوق البطالة ما يعادل 4,16 بالمائة من القيمة الإجمالية للاشتراكات التي يجمعها الصندوق الوطني للتضامن الاجتماعي "كناص". وتخصص كل شركة وطنية ما يمثل 35 بالمائة من قيمة إجمالي كتلة أجورها، منها معدل 9 بالمائة تقتطع من أجرة كل عامل قبل أن يتقاضى راتبه، لتدفعها كاشتراكات شهرية ل "كناص". ويبقى الآلاف من العمال المسرحين خلال الأشهر الأخيرة، بعد غلق أبواب شركاتهم التي أفلست نتيجة الأزمة المالية الخانقة التي خلّفها الوباء العالمي، محرومين من منحة البطالة، رغم أن مرافقة البطالين الذين سبق لهم دفع اشتراكات لصندوق الضمان الاجتماعي، تبقى أهم مهمة أنشئ من أجلها صندوق البطالة سنة 1994، أي منذ حوالي 27 سنة، ضخت فيها أموال طائلة، لاسيما في عهد البحبوحة المالية. ولم يؤد الصندوق الوطني للبطالة الدور المنوط به حتى بالنسبة للمؤسسات الوطنية المتعثرة ممن أحالت عمالها على البطالة التقنية، وذلك بالتخفيف من أعبائها من خلال دفع أقساط من رواتب العمال المعنيين بالبطالة المؤقتة، فيما تدفع الشركات القسط المتبقي عوض اللجوء إلى قروض البنوك التي أثقلت كاهلها بالديون وأزمت من وضعيتها المالية. كما أوكل للصندوق ابتداء من سنة 2010 مهمة أخرى، من غير التكفل بمنح البطالين من العمال، تمثلت في استحداث جهاز لتوسيع النشاطات لصالح البطالين ذوي المشاريع البالغين ما بين 30 إلى 50 سنة، إلا أن حصيلة هذه العملية على أرض الواقع، بالنظر إلى عدد الشركات المصغرة التي تم إنشاؤها في إطار هذا الجهاز، تبقى لا تعكس قيمة المبالغ الضخمة التي دفعت كاشتراكات لسنوات طويلة من طرف العمال.