أمر الوزير الأول عبد العزيز جراد، أعضاء حكومته بتقديم حصيلة انجازاتهم بعد سنة من النشاط، وعرضها على المواطنين من خلال نشرها في المواقع الالكترونية للوزارات، بعد أن كان الأمر في السابق يقتصر على تقديمها أمام النواب أو مسؤولين في الدولة فقط. يريد جراد من خلال هذا الإجراء وضع بصمته كأول مسؤول في الدولة يطالب بجرد إنجازات الحكومة وعرضها على الجزائريين. غير أن هذه المبادرة لن تمر بردا وسلاما على الوزراء، حيث ستسمح للمواطنين بالاطلاع على حصائل فارغة طبعتها الوعود والإعلانات الكاذبة والخرجات الميدانية والإعلامية التي تضاعف عددها، مع تداول معلومات حول تغيير حكومي مرتقب، خاصة بعد أن أعلن رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، عن عدم رضاه عن أداء بعض الوزراء في الحكومة. وتؤكد أغلبية الحصائل التي تم نشرها إلى غاية الآن، على استمرار الوزراء في اعتماد "سياسة البريكولاج"، حيث أخفق أغلبيتهم في تجسيد المطالب الشعبية، خاصة عندما يتعلق الأمر بتحسين القدرة الشرائية للجزائريين والتحكم في الأسعار، أو حتى تحقيق أحلام أصبحت بعيدة المنال؛ مثل اقتناء سيارات جديدة. ويحاول الوزراء تبرير إخفاقهم في مهامهم، من خلال ما تضمنته كل حصيلة، بشح الموارد المالية الذي انجر عن أزمة كورونا نتيجة انهيار أسعار المحروقات. وكانت وزارة الصناعة من أول المبادرين إلى الإعلان عن الحصيلة التي اشتملت في مجملها على نشر الخطوط العريضة لبرنامج الوزير فرحات أيت علي، التي لا تزال تنتظر التجسيد إلى غاية الآن، فلا قانون استثمارات دخل حيز التطبيق، ولا سيارات جديدة تم استيرادها، ولا مؤسسات عمومية تم إعادة هيكلتها. ويبقى الإنجاز الوحيد الشاهد على مرور أيت علي على رأس وزارة الصناعة؛ دفتر الشروط المتعلق باستيراد السيارات الجديدة الذي تعرض لحملة انتقادات لاذعة أخرت من العملية التي تم اعتمادها منذ سنتين في قانون المالية المعد من طرف حكومة الوزير الأول الأسبق، نور الدين بدوي. أما بالنسبة لحصيلة وزارة الطاقة، فتم التأكيد فيها على تراجع إنتاج المحروقات المسوق بما معدله 10 بالمائة، مقارنة بسنة 2019، بعد أن تراجع إنتاج الحقول النفطية، مقابل انهيار غير مسبوق لعائدات الجزائر من صادرات المحروقات بما قيمته 20 مليار دولار، أي بتراجع بلغ 40 بالمائة، في ظل غياب استثمارات أجنبية جديدة لا تزال هي الأخرى رهينة مشروع قانون المحروقات الذي تم المصادقة عليه منذ أكثر سنة، في انتظار الانتهاء من إصدار نصوصه التطبيقية التي وعد وزير الطاقة، عبد المجيد عطار، بالانطلاق في العمل بها قبل نهاية الثلاثي الأول لهذه السنة. من جهتها، لم تستطع وزارة المالية هي الأخرى الوفاء بالتزاماتها المتعلقة بتوفير السيولة النقدية اللازمة للقضاء على طوابير مكاتب البريد، لاسيما بالنسبة للأيام المخصصة لصب أجور المتقاعدين. والغريب في الأمر؛ أن ذلك حدث ويحدث في عز الجائحة. كما عجز المسؤول الأول عن القطاع المالي، أيمن بن عبد الرحمان، عن استقطاب أموال "الشكارة"، التي يعول عليها الرئيس في تمويل الاقتصاد الوطني بعد رفضه للاستدانة الخارجية والتمويل غير التقليدي. أما مسار إصلاح البنوك فلا يزال مجمدا بعد أن تحولت هذه الأخيرة إلى شبابيك لسحب الأجور فقط، ناهيك عن النظام الجبائي الموجه خصيصا إلى نخر جيوب الجزائريين لملء الخزائن الفارغة، في ظل غياب استراتيجية فعالة لاحتواء ظاهرة التهرب الضريبي. أما بالنسبة لوزارة التجارة، فقد أخلفت وعودها بخصوص مراقبة نشاط الأسواق والقضاء على المضاربة، فلا يزال "بارومتر" الأسعار يصعد وينزل متى يشاء، ولا يزال كيس الحليب غير متوفر في جميع الأحياء، ومائدة الجزائريين تخلو من اللحم الذي وعد وزير التجارة كمال رزيڤ، بتخفيض أسعاره إلى مستويات تكون في متناول جيوب المواطنين. فيما يتعلق بوزارة الصيد والموارد الصيدية، فحدث ولا حرج، بعد أن أصبح سعر الكيلو من السردين يتجاوز 1000 دينار. حصيلة وزارة العمل تطرقت، هي الأخرى، إلى التدابير التي قامت بها مصالحها للسهر على تطبيق البروتوكول الصحي لمنع تفشي فيروس كورونا، لكن دون أن تفصح عن الإجراءات التي قامت بها لجرد ومرافقة الآلاف من العمال الذين أحيلوا على البطالة بعد فقدان مناصب عملهم وغلق مؤسساتهم بفعل الأزمة التي خلّفها وباء كورونا. كل هذه حصائل دوّنت في سجلات الوزراء، في وقت يحبس الجميع أنفاسه في انتظار تغيير حكومي مرتقب.