مع دخول الموجة الثالثة لوباء "كوفيد 19" شهرها الثاني، ظهر خلل كبير في طرقة التكفل بالمصابين به في المؤسسات الصحية المكلفة بعلاجهم في ولاية وهران، من خلال أزمة تزويدها بالأوكسيجين، وظهر أن المنهج الذي قررته مصالح ولاية وهران لتخفيف الضغط على مستشفى حي "النجمة" (شطيبو)، بفتح مستشفى "الكرمة" بدائرة السانية، زادت الأمور تعقيدا. وتشير المعطيات الميدانية، في ولاية وهران، أن الوباء منتشر بشكل مريع، بالنظر إلى العدد الهائل للمواطنين الذين يقتنون أدوية البروتوكول العلاجي ضد وباء "كوفيد 19". فقد ذكر عشرات مسيري الصيدليات ل"الخبر" أن عدد الزبائن الذين يتقدمون إليهم لشراء تلك الأدوية يفوق الخمسين يوميا. في الوقت الذي تحولت فيه مخابر التحاليل الطبية والفحص بالأشعة، التابعة للقطاع الخاص، تشتغل استثناء مع الزبائن المشتبه في إصابتهم بالوباء. وفي كل هذا لا توجد إحصائيات رسمية، ولا متابعة، لهذه الظاهرة، التي يمكن أن تكون أحد المؤشرات المهمة لمعرفة مدى انتشار الوباء في الولاية. وبالتالي الطريقة الأنجع لمواجهته. ولاحظ الجميع أن السلطات المحلية تدخلت متأخرة، بعد أن تشبعت كل المصالح الاستشفائية الخاصة بعلاج مرضى كوفيد، وظهرت أزمة نفاد الأوكسيجين فيها، وما ترتب علنها من وفيات وتعقد حالات عشرات المصابين في كل المستشفيات في اليوم الثاني لعيد الأضحى، وكذا بعد أن أخذ المواطنون وأهالي المرضى على عاتقهم مهمة تدبر أمورهم لتوفير عبوات الأوكسيجين للمستشفيات. وتأكد حينها أن مستشفى النجمة، الملحق للمؤسسة الاستشفائية 1 نوفمبر، لم يعد قادرا لوحده على استيعاب العدد الهائل للمرضى الذين يقصدونه، بعد أن حدثت "كارثة" يوم الجمعة التي تلت عيد الأضحى. وتزامن ذلك مع رحيل الدكتور محمد منصوري مدير مستشفى 1 نوفمبر متأثرا بوباء كوفيد، في ظل تنامي الإصابات في صفوف الأطباء وشبه الطبيين العاملين في الصفوف الأولى لمجابهة الوباء منذ ظهوره في مارس 2020 دون توقف. ولم تجد اللجنة الولائية المكلفة بمتابعة وباء كورونا من حل سوى تقرير فتح مستشفى الكرمة، الذي انتهت أشغال إنجازه منذ سنتين دون أن يدخل الخدمة، وتقرر في البداية أن يتم تخصيص 20 سريرا، كمرحلة أولى لمرضى كوفيد. مع تحويل عدد من الأطباء والممرضون العاملون في مصلحة علم الأوبئة للمستشفى الجامعي الدكتور بن زرجب، إليه. وظهر أن هذا الحل غير عقلاني. بحكم أنه خلق اضطرابا لأطباء ومستخدمي هذه المصلحة، فلا هم قادرون على متابعة مرضاهم في مصلحتهم الأصلية ولم يستطيعوا توفير الرعاية اللازمة للمرضى الموجهين إلى مستشفى الكرمة. وفي اليوم الثاني لفتحه بدأ في تسجيل الوفيات. ليتقرر تنقل كل الطاقم الطبي وشبه الطبي وأعوان الحراسة من مصلحة الأوبئة لمستشفى بن زرجب إلى الكرمة، التي توقفت عن استقبال المرضى، باستثناء أولئك الذين يعالجون من وباء كوفيد في مصلحة الأمراض الصدرية. وهنا ظهر مشكل جديد، كون مستشفى الكرمة ليس جاهزا مائة بالمائة لمثل هذه الظروف الطارئة. حيث تم رفع عدد الأسرة لاستقبال المصابين بكوفيد فيه من 20 إلى 70 في ظرف أربعة أيام فقط. ولم يستطع الطاقم الطبي وشبه الطبي مجابهة الضغط المفروض عليهم، خاصة بعد أن طرأت أزمة نفاد الأوكسيجين فيه. وقرر القائمون على المصلحة التوقف عن استقبال مزيد من المرضى الوافدين خاصة من دوائر واد تليلات، أرزيو وبطيوة وعين البية وقديل وغيرها. في الوقت الذي بلغت فيه مستشفيات المحقن بدائرة أرزيو وعين الترك مرحلة التشبع في ظل ندرة الأوكسيجين واضطراب تزويدها به. وكان العديد من أصحاب العيادات الخاصة في ولاية وهران قد وجهوا نداءات للسلطات المحلية، وعبروا عن استعدادهم لوضع مؤسساتهم تحت تصرفها لتخفيف الضغط على المستشفيات العمومية. إلا أنه لم يتم الاستجابة لتلك الدعوات. ويقول مختصون في الميدان أنه كان على اللجنة الولائية لمتابعة وباء كوفيد 19 ، عندما ظهرت البوادر الأولى للموجة الثالثة في منتصف شهر جوان الماضي، خاصة مع الذي حدث في الجارتين تونس والمغرب، أن تستدعي اجتماعا طارئا، وتناقش فيه خريطة جديدة لمواجهة الظاهرة. وهذا من خلال إحصاء عدد الأسرة المحتمل أن تحتاجها الولاية، وإشراك القطاع الخاص وتسخيره عند الضرورة. وإحصاء الأطباء والشبه طبيين المنتمون للمصالح التي توقف فيها العمل بسبب الجائحة، وإدراجهم في جدول ولائي للمناوبة في مصالح كوفيد، لتخفيف الضغط. وهذا بانتهاج الطريقة التي وضعها المرحوم محمد منصوري مدير مستشفى 1 نوفمبر 54، في التكفل بملحقة مستشفى حي النجمة"، وتوسيع المنهجية على كامل الولاية. وكانت السلطات المحلية لولاية وهران قد أعلنت بداية شهر جويلية عن فتح ثلاث مستشفيات جديدة انتهت أشغال إنجازها منذ سنتين، كانت تشرف على متابعتها مديرية السكن والتجهيزات العمومية. وظهر أن مستشفيي واد تليلات وقديل غير مؤهلين لاستقبال مرضى كوفيد بحكم عدم إجراء التجارب على التجهيزات الخاصة بالكهرباء، المياه، التبريد وشبكة الأوكسيجين. وهو ما ظهر في مستشفى الكرمة، أمس الأول، بنفاد الأوكسيجين والخلل في التهوية، وهو ما استوجب اقتلاع النوافذ لتخفيف الاختناقات في القاعات التي تأوي المرضى في الطابق الأرضي. وبلغ الأمر بالبروفيسور رئيسة المصلحة أن صرحت بأن الفريق العامل معها "ينهار ولم يعد قادرا على مجابهة الوضع" وهم الذين يشتغلون معها منذ بداية الجائحة العام الماضي دون توقف. وكما أن ولاية وهران احتوت الوضع وحلت مشاكلها، أضافت لها السلطات المركزية مسؤولية الإشراف على توزيع الأوكسيجين على مجموع ولايات الغرب والجنوب الغربي للبلاد انطلاقا من منتوج المصانع المتواجدة فيها. وقد زار الوالي يوم الخميس الماضي ثلاثة مصانع، اثنين مختصين في إنتاج الأوكسيجين والثالث خاص لإنتاج الحديد. وصرح أن الولاية قادرة على إنتاج 56 ألف لتر يوميا.