نشرت منظمة مراسلون بلا حدود تصنيفها الجديد لحرية الصحافة في دول العالم وفقاً لمؤشر حرية الصحافة العالمي. وأشارت المنظمة إلى أن هذا العام سجّل رقماً قياسياً مع تصنيف 12 دولة إضافية في الخانة الحمراء، وهي الدول التي يعيش فيها الصحافيون أوضاعاً "سيئة جداً". وقد استندت المنظّمة في تصنيفها إلى 5 عوامل أساسية هي: السياق السياسي لكل دولة، الإطار القانوني لعمل الصحافيين، السياق الاقتصادي، السياق الاجتماعي والثقافي والأمان المتاح للصحافيين في عملهم. فالنسبة للدول العربية دقّت المنظمة ناقوس الخطر، مع تراجع الحريات بشكل أساسي في دول شمال إفريقيا، إذ جاء في تحليلها الخاص لأوضاع الحريات في المنطقة: "لم يكن وضع الصحافة في منطقة شمال إفريقيا (باستثناء مصر) مقلقًا إلى هذا الحد أبدًا". وأشارت إلى أن الحريات الصحافية تدهورت بشكل مقلق في الجزائر (المرتبة 134) وبات سجن الصحافيين أمراً شائعاً. كذلك الأمر في المغرب (135) حيث يقبع 3 صحافيين في السجن "بتهم ملفقة"، في إشارة إلى سجن كل من توفيق بوعشرين، وعمر الراضي، وسليمان الريسوني. في شمال إفريقيا أيضاً، رأت المنظمة أن الأوضاع أقل إثارة للقلق في موريتانيا (97) حيث أتاح وجود فسحة ديمقراطية بين 2005 و2008 "إلغاء تجريم المخالفات الصحافية وتخفيف حدة الإطار القانوني القمعي". أما في تونس، فرغم وجود هامش واسع من الحريات الصحافية منذ اعتماد دستور جديد في عام 2014 "ظهرت مخاوف جدية منذ الانقلاب الذي قام به الرئيس قيس سعيد، في 25 جويلية 2021". أما بقية الدول العربية فلا يبدو الوضع فيها أكثر إشراقاً، خصوصاً في لبنان (130) "المهدد بالغرق في دوامة العنف، حيث تتزايد الهجمات عبر الإنترنت والتهديدات بالقتل ضد الصحافيين. وفي مواجهة تقاعس السلطات، اضطر العديد منهم للفرار إلى الخارج". ومن لبنان إلى اليمن (169) تحدّث التقرير الجديد عن جحيم الصحافيين في عدن، "حيث لقي 3 منهم حتفهم متأثرين بجراحهم في تفجيرات وقعت أثناء تغطيتهم الصحافية. وفي إشارة إلى ممارسات الاحتلال الصهيوني ضد الفلسطينيين، قالت المنظمة إن الصحافيين دفعوا ثمناً باهظاً سواء خلال اعتداءات الاحتلال في القدس المحتلة عام 2021 أو خلال "العدوان العسكري الصهيوني على قطاع غزة (170) حيث قتل صحافيان في قصف". أما السعودية (166) فلا تزال بحسب المنظمة، جنباً إلى جنب مع مصر (168) من أسوأ السجون في العالم بالنسبة للصحافيين. ورأت المنظمة أن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (الدول العربية ومعها تركيا وإيران) تعتبر من بين الأسوأ، حيث يتراوح تصنيف الدول فيها بين "سيئ جداً" (52.63% من الدول) و"سيئ" (36.84%) و"إشكالي" (10.53%). ترتيب الدول العربية: جزر القمر (83)، تونس (94)، موريتانيا (97)، قطر (119)، لبنان (130)، الجزائر (134)، المغرب (135)، الإمارات (138)، الصومال (140)، ليبيا (143)، السودان (151)، الكويت (158)، سلطنة عمان (163)، جيبوتي (164)، السعودية (166)، البحرين (167)، مصر (168)، اليمن (169)، فلسطين (170)، سورية (171)، العراق (172(. وبحسب مؤشر حرية الصحافة العالمي الذي يقيّم ظروف ممارسة الصحافة في 180 دولة ومنطقة، شهد عام 2022 آثاراً كارثية لفوضى المعلومات التي تركّزت بشكل أساسي على انتشار المعلومات المضللة والأخبار الكاذبة. ولم تسلم المجتمعات الديمقراطية من هذا الواقع، خصوصاً مع بدء الحرب الروسية على أوكرانيا. ورأت المنظمة أن غزو روسيا (155) لأوكرانيا (106) يعتبر المثال الأوضح على غياب التناسق هذا، إذ "تم الإعداد للغزو بواسطة حرب دعائية شنتها روسيا". ومن روسيا إلى الصين (175) التي صنفتها المنظمة كواحدة "من الأنظمة الاستبدادية الأكثر قمعاً"، إذ استخدمت بكين ترسانتها التشريعية لتقييد سكانها وعزلهم عن بقية العالم خصوصاً في هونغ كونغ (148) التي تراجعت بشكل كبير في التصنيف. وفي ميانمار (176) أدى الانقلاب العسكري إلى إعادة وضع الصحافيين إلى الوراء عشر سنوات، فبات ترتيبها يظهر جنباً إلى جنب مع كوريا الشمالية (180) وإريتريا (179) وإيران (178) وتركمانستان (177(. لكن الخطر على حرية الصحافة لا يقتصر فقط على الأنظمة القمعية، بل إن الديمقراطيات كذلك عرفت استقطاباً إعلامياً كبيراً. في الولاياتالمتحدة (42) "على الرغم من انتخاب الديمقراطي جو بايدن. تسارعت عودة التوترات الاجتماعية والسياسية من خلال الشبكات الاجتماعية ووسائل الإعلام الجديدة" وهو ما ينطبق كذلك على فرنسا (26(. أما في "الديمقراطيات غير الليبرالية"، بات يعتبر قمع الصحافة المستقلة "عاملاً استقطابيًا شديدًا". وأعطت المنظمة مثالاً على ذلك الأوضاع في بولندا (66) حيث عززت السلطات سيطرتها على البث العام ومحاولتها للتضييق على وسائل الإعلام الخاصة. بحسب تصنيف "مراسلون بلا حدود"، تظل البلدان الاسكندنافية الثلاثة الأولى، أي النرويج والدنمارك والسويد، النموذج الديمقراطي الأفضل حيث "تزدهر حرية التعبير". كما أضاءت على التغيير الإيجابي في كل من مولدوفا (40) وبلغاريا(91). وكانت أول 10 دول في المؤشر جاءت على الشكل التالي: النرويج، الدنمارك، السويد، إستونيا، فنلندا، إيرلندا، البرتغال، كوستاريكا، ليتوانيا، ليشتنشتاين.