وصلت مفاوضات وقف إطلاق النار في قطاع غزة إلى طريق مسدود مرة أخرى، إذ عجزت الوساطة المصرية والقطرية عن تحريك المياه الراكدة خلال جولة القاهرة التي نظمت أمس، وذلك بسبب تعنت الجانب الصهيوني الرافض للانسحاب من محور فيلادلفيا على الحدود بين غزة ومصر. بالمقابل، أشارت مصادر مطلعة إلى أن الوفود التقنية ستواصل المباحثات بغرض البحث عن مخرج لدفع المفاوضات إلى الأمام. نقلت وكالة "رويترز" عن مصدرين أمنيين مصريين قولهما إن "أيا من حركة المقاومة الإسلامية والكيان لم يوافق على العديد من الحلول التي قدمها الوسطاء"، ما يزيد الشكوك إزاء فرص إحراز تقدم في أحدث الجهود المبذولة لإنهاء الحرب الصهيونية المستمرة منذ أكثر من 10 أشهر. وأشارت هيئة الإذاعة العبرية عن مسؤولين قولهم إن هناك احتمالا ضئيلا أن تقود محادثات القاهرة إلى تقدم في مفاوضات صفقة التبادل. ووفقا للهيئة، فإن التفويض الممنوح للوفد المفاوض لا يتيح التوصل إلى تسوية بشأن محور فيلادلفيا، وذكرت أن وفدا تقنيا صهيونيا مازال موجودا في القاهرة لمواصلة المفاوضات وتقليص الفجوات بشأن الصفقة. كما نقلت شبكة "سي إن إن" الأمريكية عن مسؤول تأكيده أن المناقشات ستستمر خلال الأيام المقبلة وأن الفرق التفاوضية ستبقى في القاهرة لحل القضايا المتبقية. وكشف مسؤول في حركة حماس لوكالة الأناضول أن الوسطاء في مصر وقطر أبلغوا وفد حماس في القاهرة مقترحا جديدا لوقف إطلاق النار، مشيرا إلى أن المقترح الذي قدم لهم لا يشمل وقفا دائما لإطلاق النار وانسحابا صهيونيا كاملا من قطاع غزة. وتتضمن نقاط الخلاف الرئيسية في المحادثات الجارية بوساطة مصر وقطر والولايات المتحدة الوجود الإسرائيلي في ما يسمى بمحور فيلادلفيا، وهو شريط ضيق من الأرض يبلغ طوله 14.5 كيلومترا على امتداد الحدود الجنوبية لقطاع غزة مع مصر. وقال مصدر مصري إن الوسطاء طرحوا عددا من البدائل لوجود القوات الإسرائيلية على ممر فيلادلفيا وممر نتساريم الذي يمر عبر وسط قطاع غزة، لكن الطرفين لم يقبلا أيا منها. وأضافت المصادر أن الكيان أبدى أيضا تحفظات بشأن عدد الأسرى الذين تطالب حماس بالإفراج عنهم، حيث طالب الكيان بخروجهم من غزة إذا تم الإفراج عنهم. وكان القيادي بحركة حماس، عزت الرشق، قال في بيان إن وفد الحركة غادر القاهرة مساء الأحد بعد أن التقى الوسطاء في مصر وقطر واستمع منهم لنتائج جولة المفاوضات الأخيرة. وأضاف أن الوفد طالب بإلزام الاحتلال الصهيوني بما تم الاتفاق عليه في الثاني من جويلية الماضي، المبني على ما ورد في خطاب الرئيس الأمريكي جو بايدن وقرار مجلس الأمن الدولي. وجددت حماس التأكيد على استعدادها لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه "بما يحقق مصالح شعبنا العليا" وضرورة أن يتضمن أي اتفاق "وقفا دائما لإطلاق النار وانسحابا كاملا من قطاع غزة، وحرية عودة السكان إلى مناطقهم، والإغاثة والإعمار وصفقة تبادل جادة". وتؤكد حماس أن الكيان تراجع عن التزامه بسحب قواته من محور فيلادلفيا ووضع شروطا جديدة أخرى، منها فحص الفلسطينيين النازحين في أثناء عودتهم إلى شمال القطاع الأكثر اكتظاظا بالسكان عندما يبدأ وقف إطلاق النار. ووفقا للمسؤول في حماس فإن المقترح الجديد يتضمن مطلب منح الكيان السيطرة على الحدود بين مصر وقطاع غزة التي يبلغ طولها 14 كيلومترا، كما ينص المقترح على استمرار الوجود العسكري الصهيوني في غزة. وكانت الحركة قد أكدت قبل بدء جولة القاهرة أنها ملتزمة باقتراح وقف إطلاق النار الذي أعلنه الرئيس الأمريكي جو بايدن في الثاني من جويلية ووافق عليه مجلس الأمن. وبرزت إشكالية محور فيلادلفيا بعد إصرار نتنياهو على عدم الانسحاب من المحور، رغم أن تلك القضية لم تطرح أبدا في أي جولة للمفاوضات ورغم أن ما تم التوافق عليه سابقا يشير إلى الانسحاب من المحور. وكانت وسائل إعلام عبرية قد ذكرت أن نتنياهو تعهد لبايدن بالانسحاب نحو كيلومتر واحد من محور فيلادلفيا، باعتباره مقترحا جديدا للتوصل إلى اتفاق. ويتهم مسؤولون أمنيون والمعارضة وعائلات الأسرى الصهاينة نتنياهو بعرقلة التوصل إلى اتفاق خشية انهيار حكومته وفقدان منصبه، إذ يهدد وزراء اليمين المتطرف بالانسحاب منها وإسقاطها إذا قبلت باتفاق ينهي الحرب. وفي وقت سابق، نقلت وكالة "رويترز" عن مصدر مطلع أن هناك خلافات بين نتنياهو وفريق التفاوض الصهيوني بسبب تمسكه ببقاء الجيش في محور فيلادلفيا.