يعيش نادي ريال مدريد فترة من النجاحات الكبيرة على المستوى المحلي والقاري تحديدًا في السنوات الأخيرة، مما جعل النادي الملكي يعود مرعبًا مرة أخرى لقارة أوروبا. ولم يكن ذلك وليد الصدفة أو مجرد ضربة حظ مع النادي الملكي، ولكنه مشروع بدأه الرئيس فلورينتينو بيريز ودائمًا ما يشير إليه في المؤتمرات الصحفية. المشروع الجديد كان سببه برشلونة بشكل رئيسي، وتم البدء فيه عام 2009 فور تولي بيريز مسئولية رئاسة النادي الملكي للمرة الثانية في تاريخه. وفي التقرير التالي سننقل لكم أهم وأبرز محطات مشروع فلورينتينو بيريز لإعادة ريال مدريد لإعتلاء عرش أوروبا، وهو ما نجح فيه بالفوز بدوري ابطال أوروبا وكأس العالم للأندية والسوبر مرتين، والدوري الإسباني وكأس ملك إسبانيا. تقرير ماركا لاحتلال المنتخب الإسباني: عندما آتى فلورنتينو بيريز لرئاسة ريال مدريد في عام 2009، كان نادي برشلونة هو المسيطر الاكبر على الكرة الإسبانية، ويبتعد النادي الملكي عن المنافسة بشكل كبير وتحديدًا المنافسة الأوروبية. وأدرك بيريز أن نجاح برشلونة هو اعتماده على شبابه بشكل كبير، و وجود فكر مختلف عما يسير عليه باقي الفرق الإسبانية، وبالتالي كان لابد من تغيير السياسة. وكشفت صحيفة "ماركا" في تقرير لها منذ عدة أشهر أن بيريز حاول إعداد جيل من اللاعبين من ريال مدريد يحتل به المنتخب الإسباني. والمعنى وراء هذا التقرير، أن يكون للنادي الملكي لاعب يشارك في كل مركز مع منتخب إسبانيا، حتى يصبح ريال مدريد هو الداعم الاول لمنتخب إسبانيا وهو ما سينعكس على الفريق. ونشرت الصحيفة هذه الصورة لتبين أن الجيل الجديد من نادي ريال مدريد، بإمكانه أن يشارك في كل أماكن المنتخب الإسباني سواء في الفترة الحالية أو في المستقبل. وجاءت التشكيلة كما: حراسة المرمى: كاسيا. الدفاع: كارفخال، راموس، فاييخو، ناتشو. وسط الملعب: فاسكيز، ماركوس لورينتي، إيسكو، اسينسيو. الهجوم: موراتا، بورخا مايورال. التعاقد مع مدربين أصحاب الخبرات: كان الهدف الأساسي لبيريز هو إيجاد مدرب صاحب شخصية قوية ولديه القدرة على الفوز بالبطولات المحلية والقارية لإعادة ريال مدريد مرة أخرى. وفي خلال هذه الفترة كان لا يوجد أفضل من البرتغالي جوزيه مورينيو، بعد نجاحاته الكبيرة سواء مع بورتو وتشيلسي أو إنتر ميلان والفوز بدوري أبطال أوروبا معه. وكان مشروع مورينيو بالتعاون مع بيريز كما أشارت التقارير الإسبانية، هو القضاء على مدرسة لاماسيا الخاصة ببرشلونة، وان تصبح مدرسة كاستيا المدريدية هي الأقوى. ولذلك توحلت السياسة إلى الاعتماد على الشباب والبحث ضمن فرق الناشئين لإيجاد لاعبين بإمكانهم أن يكونوا عمود الفريق الأول، ويصبح لديهم إنتماء للنادي الملكي لتربيتهم فيه وبالتالي يكون لديهم الدافع الكبير للدفاع عن الألوان البيضاء، وهو ما كان يميز برشلونة في تلك الفترة. مشروع بيريز نجح مع مورينيو بإعادة الدوري إلى البيت الملكي، والعودة للمنافسة الأوروبية والوصول إلى نصف نهائي البطولة بعدما كان الخروج من دور الستة عشر هو المسيطر. مشروع ريال مدريد لم يتوقف عند مورينيو، بل كان اختيار انشيلوتي هو الانسب في تلك الفترة، والدليل تمكنه من إعادة دوري أبطال أوروبا والحصول على اللقب العاشر بعد غياب من عام 2002. وحاول بيريز أن يكمل المشروع مع الإسباني رافا بينيتيز ولكنه لم يكن يملك الشخصية القوية التي تجعله يسيطر على اللاعبين في الفريق. التعاقد مع النجوم لبناء الشخصية: فور إعلان فوز بيريز برئاسة ريال مدريد، بدأت الصفقات القوية تنضم إلى النادي الملكي، وكانت البداية مع رونالدو وكاكا وبنزيما وتشافي ألونسو. وتوالت الصفقات على مدار السنوات التي تليها، بداية من جاريث بيل وإيسكو مرورًا بتوني كروس ولوكا مودريتش. وكان الهدف الرئيسي من هذه الصفقات هو جلب اللاعبين أصحاب الشخصيات القوية والفكر البطولي فقط، حتى يكونوا نواة لمشروع ريال مدريد لإعادة البطولات مرة أخرى، وهو ما نجح فيه ريال مدريد مع مجموعة الشباب وتواجد المدربين. التخلص من بؤر الفساد: معنى مصطلح "بؤر الفساد" لا يقصد به هنا أنه هؤلاء اللاعبين كانوا ينشروا الفساد في النادي الملكي أو مشروع بيريز. ولكن المعنى منه أنهم لم يتمكنوا من التأقلم مع مشروع ريال مدريد للعودة إلى منصات التتويج مرة أخرى. ومن ضمن هؤلاء اللاعبين، نجد أن ريال مدريد تخلص من إيكر كاسياس بعد مشاكله مع مورينيو، وعلى الرغم من رحيل مورينيو وقدوم انشيلوتي إلا ان كاسياس لم يتمكن من العودة لمستواه، بالتالي كان قرار التخلي عنه لمصلحة الفريق، على الرغم من الانتقاد أنه لم يعامل بالشكل الامثل كونه أحد أساطير النادي. وحاول ريال مدريد التعاقد كثيرًا مع دي خيا ومازال، ولكن نافاس يثبت كل فترة أنه قادر على حماية عرين الملكي. من ضمن اللاعبين الذين تخلص منهم ريال مدريد أيضًا هم مسعود أوزيل وانخيل دي ماريا، الأول اثبتت الأيام أن قرار ريال مدريد كان صائب، خاصة بعد وجود اتهامات لدى اللاعب أنه غير طموح، أما دي ماريا فالفريق لم يكن يسعه هو وجاريث بيل الصفقة الأغلى في ريال مدريد، وبالتالي كان قرار التخلي من دي ماريا، مع محاولة بناء المستقبل مع جاريث بيل لكونه بديل كريستيانو رونالدو من وجهة نظر الإدارة. أيضًا قررت الإدارة الموافقة على رحيل تشابي ألونسو بعد تقدمه في العمر، والتعاقد مع توني كروس لاستكمال المسيرة، وهو ما نجح فيه اللاعب الألماني بوضوح شديد. خماسية برشلونة ولقطتي راموس غيروا المسار: لا أحد ينسى خماسية برشلونة في مرمى ريال مدريد في عام 2010 تحت قيادة البرتغالي جوزيه مورينيو. فكما ذكرنا مسبقًا أن مورينيو كان نواة لمشروع بيريز، إلا أن خماسية برشلونة كانت بمثابة المفاجأة لبيريز ومشروعه، ولكنه جرس إنذار أنه مازال أمامه الكثير من أجل الوصول للنجاح الذي يريده. وأنه مازال هناك الكثير من الوقت والعمل الشاق للحاق ببرشلونة والعودة لمنافسته في البطولات المحلية والأوروبية. النقطة الثانية كانت لقطتين للقائد سيرجو راموس، الأولى ضربة الجزاء الشهيرة له أمام بايرن ميونخ في نصف نهائي دوري الأبطال عام 2012، والتي اطاحت بأحلام الملكي للعودة إلى نهائي دوري الأبطال والحصول على البطولة. اللقطة الثانية كانت بقاء القائد بعد الخروج ريال مدريد في العام الذي تليه أمام بروسيا دورتموند في نصف النهائي، وكان يتبقى للملكي هدف وحيد للتأهل، ولكن مشهد بكاء راموس كان مشهد لا ينسى الكثير. ومن هذه المشاهد نجد أن شخصية راموس تكونت بشكل كبير جعلته الأنسب لقيادة كتيبة الملكي في السنوات التي تليها. فرغم الأخطاء الدفاعية لراموس، إلا أنه الأنسب لقيادة الملكي في الملعب، من الحماس الكبير الذي يبثه لزملائه أو التركيز الشديد طوال المباراة، والذي ينعكس على من حوله. لنجد راموس بعد ذلك يحرز هدفين في نهائين متتاليين عامي 2014 و2016 ليكونا سببًا مهمًا في الفوز بالبطولة. وقاد الفريق حتى الآن من أجل الوصول للنهائي أمام يوفنتوس. حصاد المشروع: بعد رصد النقاط السابقة نجد أن ريال مدريد حصد نتائج بداية المشروع الذي بدأ منذ سنوات. فوجود مجموعة من الشباب مع مدربين أصحاب خبرة بالإضافة إلى جلب اللاعبين أصحاب الشخصيات القوية والطامحة لتحقيق الفوز دائمًا مع تكوين شخصية قائد يقود المجموعة، وتغيير العقلية، مع الاعتماد على أبناء النادي، كل هذه العوامل جعلت ريال مدريد من أنجح المشاريع في السنوات الأخيرة. وأخيرًا بمناسبة ذكر نقطة أولاد النادي، لا يمكن أن ننسى زين الدين زيدان، والذي كان يتم تحضيره منذ سنوات لتولي مسئولية التدريب الأول، من الممكن أن وجوده جاء بالصدفة ومبكرًا عن موعده بعد فشل بينيتيز، إلا أنه نجح في إثبات وجوده وأحقيته بالتواجد في ريال مدريد. وسواء خسر نهائي كارديف أمام يوفنتوس أما لا، فإن ريال مدريد نجح في تحضير زيدان من أجل قيادة النادي الملكي.