مخطئ من كان يظن أن رئيس الاتحاد الجزائري محمد روراوة بالغ في وصف "إقصاء الخضر من المونديال البرازيلي بالكارثة فالجزائر ليست ألمانيا أو إيطاليا أوالأرجنتين، كي تعتبر المشاركة في المونديال أكثر من ضرورية لأن غياب المانشافت أو لاسكوادرا أو حتى الأرجنتين والبرازيل و"لا روخا" عن مثل هذه المواعيد يفقد المونديال نكهته المميزة. صحيح أن غياب الخضر عن مونديال البرازيل على يد بوركينافاسو لن يهضمه ملايين الأنصار، كون المنافس ليس أقوى منا ولدينا تشكيلة أحسن منه ومدرب أكفأ من مدربهم وقدرات لوجيستيكية تفوق القدرات البوركينابية بأحجام فلكية ، لكن الأخطر في كل ذلك هو أن الإقصاء من المونديال يعني ماليا عدم الظفر بمنحة المشاركة في العرس العالمي، وهي المنحة التي تقدمها الفيفا للمنتخبات ال32 والمقدرة ب10 ملايين دولار، أي ما يعادل 100 مليار سنتيم جزائري، وهو مبلغ ضخم سمح للفاف خلال السنوات الأربع التي تلت مونديال جنوب إفريقيا بهيكلة نفسها وتجهيز مقراتها وتأطير منتخباتها وتوفير الوسائل اللوجيستيكية ودفع أجرة مدرب بحجم حاليلوزيتش، وغيرها من الوسائل الضرورية للرقي بالمنتخب الوطني نحو مصاف المنتخبات العالمية، وبالتالي فإن أي تعثر في الطريق المؤدي إلى بلد السامبا يعني تضييع ما لا يمكن حصره من دعائم مالية إضافة إلى عدد من عقود السبونسور التي ظلت الحصن المنيع للاتحادية الكروية والتي وصفها الكل بالاتحادية الغنية، كون مساعدات الوزارة للفاف ما زالت مجمدة منذ سنوات ولم تستغل من قبل المكتب الفدرالي. ولأن المال هو عصب الحروب مثلما يقال، فإن أي تطور فني للكرة الجزائرية لن ينجح في غياب موارد ضخمة، فلا الدولة الجزائرية يمكنها أن تمول بشكل مباشر برامج الفاف مثلما تقوم به الفيفا في الوقت الراهن، رغم أن الملايير التي تنفقها الدولة مباشرة على النوادي والجمعيات الرياضية تعد أضعافا مضاعفة مما تستهلكه الفاف من الهيئة الدولية، لكن الخطر الذي يتحدث عنه روراوة هو التمويل الخاص للمنتخبات الوطنية من خزينة الفيفا وفي حال الإقصاء، فإن تأجير الطائرات وبرمجة التربصات في الفنادق الفخمة ورفع سلم المنح واستقدام مدربين بأجور كبيرة دون الحديث عن برامج التكوين ورسكلة المدربين والحكام كلها سوف تسقط في الماء،و بالمختصر المفيد فإن الإقصاء من المونديال سيعيدنا إلى عهد السنوات العجاف لأن المال استنفده حاليلوزيتش وأشباله طوال السنوات الثلاث الأخيرة وهي الكارثة التي يخشاها روراوة، ولا سيما أن المنتخب الأول هو الشجرة التي تغطي غابة عار الكرة الجزائرية منذ عشرية كاملة.