قال لنا كارل مجاني وملامح الفرحة والسعادة تطير من وجهه :» كنت في بيتي وأنا أتفرج على يوم وصول الخضر من السودان بعد لقاء أم درمان إلى الجزائر وبكيت من شدة الفرحة وذهلت للمشهد العظيم لملايين الجزائريين في الشوارع وراء حافلة اللاعبين، اليوم أنا لاعب في المنتخب وأريد أن أعيش هذه اللحظة ولو مرة في حياتي بعد العودة من البرازيل». بهذه الكلمات لخص قلب الأسد كارل المحارب إحساسه الكبير بتحقيق التأهل التاريخي إلى الدور الثاني وهو يحاول إخفاء دموعه أمامنا عندما يتحدث عن روح أم درمان التي عادت بقوة في البرازيل . صحيح أن تشكيلة حاليلوزيتش كانت وعلى مدار ثلاث سنوات تبحث عن ديكليك يبعث فيها روحا قوية مثل تلك التي قفزت برفقاء زياني وعنتر يحيى إلى السماء السابعة بين ليلة وضحاها، واليوم يعيش الجيل الجديد بقيادة المخضرم «الماجيك» أسعد لحظاته واقشعرت أبدان براهيمي وفيغولي وتايدر وكثير من اللاعبين الذين سمعوا عن روح أم درمان برواية يبدة وحليش وبوڤرة . ورغم المباريات الكبيرة التي لعبها المنتخب الوطني في السنوات الثلاث الأخيرة، إلا أن روح التضامن فوق الميدان والتي كانت سر صمودنا ضد روسيا وانفجارنا ضد كوريا توحي بأن المنتخب الوطني ولد من جديد على أرض البرازيل. مجاني يريد أن يعيش يوما مثل يوم من نوفمبر 2009 الذي خرجت فيه الجزائر تحتفل بأبطالها القاهرين للفراعنة على التراب السوادني وهذه أقل هدية يمكن للجماهير العاشقة للخضرة أن تمنحها إياهم ولو نقصى ضد ألمانيا يوم الإثنين، فأبطالنا لا يطالبون بمنحة خاصة ولا علاوة مغرية بل يريدون أن يحتفلوا مع الأنصار مثلما فعلوا ذلك مطولا مع كتيبة ال4 آلاف مشجع الذين تنقلوا عبر الملاعب البرازيلية الثلاثة لشحن كوموندس البوسني. ولعل النقائص الفنية والبدنية التي ظهرت وستبقى تظهر في التشكيلة الوطنية لا يمكن تعويضها سوى بالروح الجماعية التضامنية فوق الميدان وعندما تشاهد فيغولي يعود لمساعدة ماندي وبلكالام وترى جابو وبراهيمي يدافعون قبل أن يهاجموا تحس فعلا بأن الفريق الوطني بدأ يكبر في شخصيته وبدأ يأخذ ملامح المنتخب. مونديال الجزائريين انتهى لأننا حققنا المهم والأهم، وما هو قادم سيكون «فايدة» مثلما يقول التاجر، و بعد المونديال من حقنا أن نحلم برفع التاج القاري حتى لا يحدث ما وقع لجيل بلومي وعصاد الذين كانوا الأحسن في القارة السمراء على مدار عشر سنوات ولم يرفعوا الكأس ولا مرة قبل سنة 90 فجيل براهيمي وفيغولي قادر على معانقة هذا الحلم عند جيراننا في المغرب.