سألني أحد التقنيين متعجبا «كيف تستغني فرق عن مدربين حققوا معها نتائج ممتازة وتمكنوا من الظفر بورقة الصعود إلى القسم الأول، في حين لم يجد مدربون فشلوا في إنقاذ فرق من السقوط أية صعوبة في الظفر بعقود جديدة؟». هذا السؤال الموضوعي ليس من السهل أن يجد له أي محلل مهما كانت كفاءته ردا مقنعا لأن ما يقع في الجزائر الكروية حالة شاذة لا يمكن لأي معادلات رياضية ولا نوبل للفيزياء أن يحكم فيها. صحيح أن مدربين مثل تبيب الذي حقق الصعود مع شباب باتنة وخزار مع شباب قسنطينة وهدان مع نصر حسين لهم خبرة وكفاءة لا يمكن لأحد أن ينكرها غير أن مافيا المسيّرين في الجزائر لا تقيس بهذا المنظار إذ ليست الألقاب التي يحصدها المدربون هي التي ستثري رصيدهم بل هناك أشياء وعوامل عديدة تتحكم في دواليب الكرة الجزائرية. فكم من مرة سمعنا بأن الرئيس الفلاني يتهجم على المدرب لترحيله ثم يقول « أنا اشتريت له المباراة السابقة ولولا الكواليس لما حققنا الصعود»، وكم من مرة يرتدي المسيرون والمناجيرة ثوب المدرب وينتقدون البرنامج التحضيري والخطط التكتيكية لا لشيء سوى لأننا نحن في الجزائر نفهم كرة القدم أكثر من أي شعب في العالم ونحلل أشياء لا نفقهها ولا نملك التكوين الذي يؤهلنا للحديث فيها . وإذا كان بعض المدربين محظوظين لأنهم ومهما فشلوا مع فرقهم فهم يجدون دوما بوابة لدخول فرق أخرى، فإن الكثير من التقنيين الجزائريين تقاعدوا مجبرين حتى لا يدوسوا على مبادئهم وتكوينهم الجامعي، دون الحديث عن شخصيتهم التي لا تسمح بأن يتحول التقني إلى شبه دمية لترفيه مجموعة من اللاعبين مثلما يحدث في أغلبية النوادي الجزائرية. ولا يستغرب أحد إن وجد أن أكثر من 60 بالمئة من فرق الدوري الأول لهذا الموسم غيرت مدربيها هذه الصائفة و80 بالمئة من فرق الدوري الثاني جلبت مدربين جددا لن يعمروا طويلا . ولعل المرض الذي ينخر جسد الكرة الجزائرية نابع من هنا لأنه وبدون مدربين أكفاء لا يمكن بناء وتسيير مراكز للتكوين ومن ثمّ لا يكمن الحصول على لاعبين في المستوى .