تعيش الحملة الانتخابية لرابع محليات جزائرية في عهد التعددية السياسية، الأيام الأخيرة، من عمرها، يتوقع أن يلعب فيها منشطوها أوراقهم الأخيرة، من خلال تكثيف النشاطات الدعائية والتظاهرات التحسيسية واللقاءات الجوارية، ولاسيما على مستوى المدن الكبرى والعاصمة بوجه التحديد، وذلك لكسب ود الناخبين ولإقناعهم بضرورة الذهاب بكثافة إلى الصناديق يوم الخميس المقبل، واختيار الأنسب والأقدر على تحمل همومهم وحل مشاكلهم والإستجابة لانشغالاتهم المحلية··· فقد انقضى أسبوعان من عمر هذه الحملة، دون تحقيق انتعاش في مستوى التظاهرات والمهرجانات التي اتخذت منحى مستقرا، تركز على تنشيط قيادات التشكيلات السياسية للتجمعات الشعبية، وتكليف متصدري القوائم بالقيام بلقاءات جوارية، تتيح لهم فرصة الاحتكاك بالمواطنين، وظل المشهد الانتخابي فاترا في جوانب عديدة، في ظل عدم تمكن بعض التشكيلات السياسية من تأطير حملتها بشكل كامل، فغابت ملصقات بعضها في بعض المناطق ولم تتح الفرصة بالتالي للمواطنين للتعرف على كافة المترشحين في بلديتهم· وفي خضم كل ذلك، ركز رؤساء الأحزاب السياسية في الأيام الأخيرة من عمر الحملة الانتخابية على أهمية انتخاب ممثلين قادرين على إحداث التغيير بتصورات وبرامج جديدة تعطي دفعا جديدا للتنمية المحلية· وفيما نادى البعض بضرورة إحداث التغيير بكل ما تحمله العبارة من معنى، ركز البعض الآخر ممن سبق له تحمل مسؤوليات محلية على ضرورة إنتخاب القادرين على تحمل المسؤوليات والأكفاء، و"المهم انتخاب مجالس شعبية محلية تحمل تصورات وبرامج قادرة على التغيير الإيجابي للواقع المعيشي للمواطن"، ولم يكن أمام بعض التشكيلات شيء آخر تقدمه لتبرير ما تقصده بالتغبير باعتبار أنها أعادت ترشيح "أميار" العهدة المنتهية، غير أنها وجدت من الدعوة إلى ضرورة توسيع صلاحيات المجالس الشعبية ضالتها، وهو المطلب الوحيد الذي حقق الإجماع بين كافة المترشحين للانتخابات المحلية المقبلة، وبهذا المطلب أرادت الأحزاب التي سبق وأن تولت مهام قيادة المجالس المحلية أن تبرر بعض مواطن فشلها· ومن فشل الآخرين بنت أحزاب سياسية خطابها في الحملة الانتخابية، بحثا عن عامل إقناع الناخب على ضرورة تغيير اختياراته السابقة التي لم تجلب له ما كان يصبو إليه، فغلب على خطابها، انتقاد المنتخبين الذين تخللت عهدتهم الفضائح المتتالية واختلاس الأموال العمومية وتحويل السكنات الاجتماعية لصالحهم الخاص· ومن هذا الفشل أيضا استرسل منشطو الحملة في أحاديثهم عن مشاكل الشباب وأزماته الخانقة التي انتهت به عند الانتحار في حال فشله في الهجرة السرية· وتعهدت كل الأحزاب السياسية بحمل مشاريع هذه الفئة من المجتمع وتحسين ظروفها المعيشية، مؤكدة حملها اقتراحات وتصورات جادة لتغيير أوضاع الشاب الجزائري انطلاقا من ترقية محيطه على المستوى المحلي وإشراكه في إعداد ميزانيات البلديات وتسطير برامجها التنموية ثم الإسهام في تجسيدها· ولعل أبرز ما ميز الأسبوع الثاني من عمر الحملة الانتخابية لمحليات 29 نوفمبر الجاري، علاوة على التجمعات الشعبية التي تواصلت عبر ولايات الوطن، هو تنظيم لقاء جهوي بالعاصمة شاركت فيه 14 ولاية من منطقة شمال ووسط البلاد وممثلون عن وزارتي الداخلية والجماعات المحلية والعدل ومجلس قضاء الجزائر وكذا رؤساء اللجان الانتخابية، بهدف اطلاع المعنيين على الإجراءات القانونية والتنظيمية والتقنية الخاصة بحسن سير الانتخابات المحلية وتقديم توضيحات حول أهم الوثائق الإدارية التي سيتم اللجوء إليها خلال الانتخابات ولاسيما فيما يخص كيفية تحرير محضر حول عملية الفرز أو الطعون· وبالرغم من المشهد الباهت الذي ظل يطغى إلى حد الآن على وجه الحملة الانتخابية، إلا أن المتوقع لدى العديد من الأوساط وخاصة السياسية، هو أن تشهد الانتخابات المحلية، إقبالا أهم من ذلك الذي عرفته التشريعيات الماضية، بالنظر إلى أهمية الاستحقاق ورهاناته التي ترتبط بشكل مباشر بالحياة اليومية للمواطن·