لا يزال مشروع إنجاز الأسواق الجوارية بمختلف بلديات العاصمة مجرد حبر على ورق، مما ساعد على انتشار التجارة الموازية، التي قامت السلطات الوصية بمحاربتها في السنوات الماضية، ليبقى السكان ينتظرون البديل الذي لم يتحقق، وتبقى معه متاعب تنقل المتسوقين من بلدية إلى أخرى، خاصة خلال شهر الصيام، مثلما هو الحال ببلديات أولاد فايت، الدويرة، العاشور وغيرها. في الوقت الذي تعهدت فيه السلطات المعنية بتسليم 17 سوقا جواريا، عقب الحملة التي شنتها مصالح الأمن على الأسواق غير الشرعية تنفيذا لتعليمة الداخلية في الصائفة الماضية، حيث استبشر عشرات التجار والشباب بفتح الأسواق قبيل رمضان الماضي قبل أن تُخل المصالح التزاماتها ووعودها، فضلا عن طي ملف الأسواق الجوارية بشكل مفاجئ، مما جعل الكثير منها بمثابة هياكل بلا روح تنتظر إعادة بعث النشاط بها، موازاة مع ذلك بدأت الأسواق الفوضوية تعود بقوة في الآونة الأخيرة كنتيجة لفشل مصالح الولاية في التعامل مع الملف. سوق بومعطي لغز لم يجد تفسيرا وفي نفس السياق يبقى سوق بومعطي ببلدية الحراش، بمثابة اللغز المحير، وبعدما استثني من حملة التطهير التي باشرتها مصالح الأمن ضد الأسواق الفوضوية، وأرجأت ذلك لغاية إنجاز السوق الموعود الذي قيل إنه يستوعب أكثر من 600 تاجر، لكن الواقع يوحي بأن القضاء على أكبر سوق فوضوية بالعاصمة لن يتم في القريب العاجل، بدليل أن المشروع لم ينطلق بعد وبالنظر إلى التجارب السابقة مع الأسواق الأخرى التي تطلب إنجازها مدة تجاوزت 18 شهرا ولا تزال تنتظر الانتهاء منها، وهو ما سيؤخر تنفيذ القرار لا محالة إلى غاية نهاية السنة المقبل. في خضم ذلك، استغرب سكان المنطقة عدم تحرك والي العاصمة، الذي عاين بلدية الحراش، على الرغم من تعهده بدفع وتيرة جميع المشاريع من دون استثناء خصوصا وأن الرهان الذي تم وضعه على طاولته يتمثل في تحويل العاصمة إلى جوهرة المتوسط والقضاء على كل مظاهر الفوضى. نفس الأمر ينطبق على سوق علي ملاح بسيدي امحمد الذي قيل عنه الكثير وعلى الرغم من الانتهاء من إنجازه، فأن تأخر تدشينه يطرح العديد من علامات الاستفهام، مما يرجع إمكانية خسارة المسؤولين للرهان لثاني مرة على التوالي، بعدما سقطت جميع الوعود في الماء، وهو الأمر كذلك مع أسواق باب الزوار والجرف وغيرها. بلديات العاصمة تستنجد من جهة أخرى، يطالب سكان مختلف بلديات العاصمة السلطات بالتدخل من أجل إنجاز أسواق جوارية تخفف عنهم عناء التنقل للبلديات المجاورة يوميا لشراء حاجياتهم خصوصا في شهر رمضان الذي تكثر فيه المتطلبات، حيث أكد سكان بلدية العاشور أنهم يجدون صعوبات كبيرة في اقتناء حاجياتهم في غياب سوق منظمة ونفس الشيء بالنسبة لسكان بلدية أولاد فايت، بينما أوضح رئيسا البلديتين المذكورتين ل«المساء» أن المشكل مرتبط بانعدام الأوعية العقارية، كما لا يزال مشكل الأسواق الجوارية يمس العديد من البلديات على غرار ابن عكنون، باب الوادي، الدويرة، باب الزوار وأماكن أخرى، مما يستدعي تدخل الجهات العليا لاستدراك هذا النقص وتوفير البديل للقضاء نهائيا على التجارة الموازية التي انتشرت بشكل لا يطاق في الآونة الأخيرة. اتحاد التجار ينتقد ويؤكد تفاقم الوضعية ويحمّل اتحاد التجار البلديات مسؤولية تأخر إنجاز الأسواق الجوارية التي برمجت ضمن مشروع شبكة التوزيع، في إطار المخطط الخماسي الجاري المتضمن إنجاز 35 سوق جملة و800 سوق تجزئة و1000 سوق جوارية والرامية إلى القضاء على السوق الموازية وتوفير مليون منصب شغل، زيادة على الدخل الذي تستفيد منه البلدية. وأكد الناطق الرسمي لاتحاد السيد الطاهر بولنوار ل«المساء» أن غياب الأسواق الجوارية ساهم في انتشار السوق الموازية التي يزداد انتشارها خلال شهر رمضان، حيث كشف عن وجود أكثر من 500 سوق فوضوية ثابتة على المستوى الوطني، تنتشر في الساحات العمومية، ساحات المساجد، المساحات الخضراء، الشوارع والطرقات والمحاور الرئيسية للمدن، مؤكدا عجز السلطات المعنية عن محاربة هذه الظاهرة التي تكلف الخزينة العمومية خسائر كبيرة، مفيدا أن عدد التجار الفوضويين في تفاقم مستمر، حيث فاق مليون ونصف مليون تاجر فوضوي على المستوى الوطني، يتم استغلال أغلبهم من قبل شبكات مختصة في المتاجرة بالممنوعات والمواد المهربة.