تشهد جل أحياء مدينة سكيكدة القديمة منها والجديدة تدهورا كبيرا في المحيط وصل إلى حد لا يطاق أمام انتشار رهيب للفئران التي غزت كل شوارع المدينة، التي كانت تلقب في السابق بباريس الجزائر، فضلا عن الروائح الكريهة المنبعثة من أقبية العمارات ومن الشوارع المحاصرة بالكم الهائل من القاذورات. يعد شارع زيغوت يوسف الذي يضم ما يعرف بمجمع «شارل مونطالو» الشهير المشكل من النزل البلدي والبنك المركزي والقباضة الرئيسية للبريد وما يحيط به من حدائق التي لم تعد تحمل سوى الاسم فقط، من بين أرقى شوارع المدينة إطلاقا، لكن وعلى الرغم من هذه المكانة التي خصها السكيكديون لهذا الشارع الذي يثير السكن فيه لعاب الكثيرين لعدة اعتبارات، إلا أنه يعاني من تدني خطير في المحيط حيث لا تزال الروائح الكريهة تنبعث من العمارات منذ مدة، كما تفاقمت ظاهرة انتشار الجرذان بشكل مقلق للغاية. وما زاد من تدهور المكان، كما وقفنا عنده، انتشار النفايات المنزلية بشكل فوضوي وتردي وضعية البلاط الرخامي الممتد على طول هذا الشارع، حيث فقد الكثير من جمالية لونه الأبيض الناصع ليتحول إلى سواد بفعل الأوساخ الناجمة عن غياب شبه كلي للنظافة دون الحديث عن تحطم أجزاء منه، وحتى العمارات المتواجدة على طول هذا الشارع والذي كان من المفروض أن تكون النموذج فإنها هي الأخرى توجد في وضع لا تحسد عليه بسبب الإهمال وغياب الصيانة والعناية اللازمتين، كما أدى اهتراء باب المصاعد إلى غلق بعضها من قبل السكان بواسطة وتائد حديدية وكذا اهتراء الجدران وأجزاء من الشرفات. شكاوي المواطنين في مهب الريح أكد السكان، خلال حديثهم مع «المساء»، بأنهم في كثير من الأحيان اشتكوا للجهات المعنية قصد التدخل لكن طلباتهم ذهبت في مهب الريح، معبرين عن تذمرهم لما آلت إليه الأوضاع على مستوى عماراتهم التي غزتها الحشرات الضارة والفئران. وما زاد الطين بلة وجود بعض المحلات مغلقة منذ أكثر من 10 سنوات كالوكالة السابقة للخطوط الجوية الفرنسية وكذا محل تابع لمؤسسة عمومية محلة تقع بقسنطينة، ما يطرح أكثر من سؤال عن سبب صمت القائمين على شؤون البلدية على الأقل لاتخاذ قرارات بشأنها، كما هو معمول به في العديد من الولايات لاسترجاع هذه الأخيرة التي اعتبرها السكان إحدى بؤر انتشار الجرذان وكذا الروائح الكريهة المتسربة من هذه المحلات المغلقة. والغريب في الأمر أن كل هذا الديكور يقع على بعد أمتار فقط من المدخل الرئيسي للمجلس الشعبي البلدي، الأمر الذي تأسف له بعض المواطنين ممن تحدثنا معهم عن وضعية هذا الشارع الذي فقد الكثير من مظاهر التمدن والتحضر. أحياء تغرق في القاذورات وإذا كان هذا حال أرقى حي بمدينة سكيكدة، فإن الوضع على مستوى جل أحياء المدينة التي توسعت بشكل فوضوي يبقى متدهورا للغاية، بالخصوص من ناحية المحيط البيئي فلا أرصفة موجودة ولا شوارع معبدة ولا قنوات صرف للمياه منجزة بالطريقة اللازمة، أما الإنارة العمومية فهي شبه منعدمة كما هو الحال بحي مرج الذيب والموجود منها بحاجة إلى إعادة تجديد الأعمدة الكهربائية التي يبقى وضعها الحالي يشكل خطرا حقيقيا على السكان، بسبب قدمها من جهة، ومن جهة أخرى بروز الخيوط الكهربائية، أما المساحات الخضراء فهي غير موجودة بعد أن تحولت العديد منها إلى جانب الحشائش الضارة التي غزتها إلى مزبلة حقيقية بفعل تكدس الأكياس البلاستيكية والنفايات، وهذا دون الحديث عن الروائح الكريهة أمام تسرب المياه القذرة من أقبية العمارات التي أضحت هي الأخرى مرتعا لمختلف الحشرات الضارة والجرذان، وأفضل مثال على ذلك حي الإخوة بوحجة أو كما يعرف بحي مرج الذيب الذي يعد مثالا حيا لواقع الأحياء بسكيكدة التي ما تزال تنتظر حظها من التحسين الحضري، وهذا رغم الأرصدة المالية التي تم تخصيصها والمقدرة بأكثر من 120 مليار سنتيم موجهة لأشغال التهيئة والتحسين الحضري الذي سيمس أحياء الإخوة بوحجة وهضبة صالح أبو الكروة أو كما تعرف بحي الزرامنة والإخوة عياشي والإخوة ساكر، إضافة إلى منطقة سيدي أحمد حيث ستمس الأشغال عمليات تجديد الإنارة العمومية وإصلاح وتعبيد الطرقات الرئيسية منها والفرعية وإنجاز المساحات الخضراء ومساحات اللعب وتبليط الأرصفة وتجديد قنوات الصرف، مع العلم أن أكبر مبلغ مالي رصد لحي الإخوة بوحجة بأكثر من 35 مليار سنتيم تليه هضبة صالح بو الكروة المعروفة بحي الزرامنة ب33 مليار سنتيم وبعدها منطقة سيدي أحمد ب30 مليار سنتيم. حدائق عمومية لا تحمل غير الإسم إذا كانت عاصمة «روسيكادا» تضم في الأصل حوالي 24 حديقة عمومية جلها يعود إلى الحقبة الاستعمارية، فإن عددا كبيرا منها خاصة تلك المتواجدة بالجهة الغربية تعرف إهمالا كبيرا وتسيبا لا مثيل له، فإلى جانب قيام بعض الأشخاص بإنجاز أكشاك وسطها، كما هو الحال بحي الأمل وبحي 500 مسكن فإن الموجود منها يعرف تدهورا، حيث غابت الأزهار والأشجار والساحات الخضراء والموجود منها يعاني من نقص في مياه السقي وكذا نقص في الحراسة وأيضا في عدد من البستانيين المتكونين والمؤهلين سواء المتخرجون من الجامعة أو من مراكز التكوين، ناهيك عن تعرض السياج الحديدي لبعضها إلى التخريب والسرقة وتحول البعض منها إلى مرتع للسكارى والمنحرفين، كما هو الشأن بالحديقة المقابلة للمسرح الجهوي أو تلك المتواجدة بالقرب من مقر المجلس الشعبي الولائي التي تحولت إلى مكان يلتقي فيه المنحرفون. والأمر الأكثر غرابة هو أنه بالرغم من تنصيب، خلال سنة 2009، لجنة وزارية مشتركة للمساحات الخضراء تضم ممثلين عن 10 قطاعات وزارية وخبراء في المجال يتم تعيين أعضاؤها لمدة 3 سنوات وتجتمع مرتين في السنة مهمتها الاهتمام بدراسة مشاريع ومخططات من شأنها تطوير المساحات الخضراء في بلادنا، إلا أن الواقع خلاف ذلك فلا مساحات خضراء أنجزت حسب المواصفات ولا هم يحزنون ليبقى واقع مدينة سكيكدة واقعا مؤلما للغاية، أما مؤسسة سكيكدة الخضراء، التي أنشئت في أوت 2012 بموجب القرار الوزاري المشترك بين وزارات كل من الداخلية والجماعات المحلية والمالية وتهيئة الإقليم والبيئة، التي دخلت حيز الخدمة قبل نهاية شهر جانفي الأخير، فإن الكثير من السكيكديين يتساءلون عن مصير هذه الأخيرة ودورها في الميدان، خاصة إذا علمنا أنها عبارة عن مؤسسة عمومية ذات طابع صناعي تجاري تهتم بإنشاء وتهيئة المساحات الخضراء على مستوى إقليم الولاية. سكان حي ممرات 20 أوت يشتكون من تدني المحيط خلال قيامنا بهذا الاستطلاع فإن سكان حي ممرات 20 أوت 55 بمدينة سكيكدة بالخصوص القاطنين بمحاذاة الوادي اشتكوا ل«المساء» من تدني المحيط بشكل مقلق للغاية، بسبب انتشار الروائح الكريهة المنبعثة من الوادي المجاور للعمارات الذي يوجد في وضع جد كارثي، ما أدى أيضا إلى انتشار البعوض بشكل كثيف جعل الحياة داخل العمارات جحيما لا يطاق، خاصة أن مختلف المبيدات التي يستعملها المواطنون غير ناجعة، كما يواجه هؤلاء مشكل الانتشار الرهيب للفئران والجرذان التي أصبحت تشكل خطرا حقيقيا عليهم رغم أنهم قاموا بمراسلة الجهات المعنية على مستوى البلدية قصد التدخل لتنقية الوادي وتطهيره وإزالة الحشائش الضارة، إلا أن الأمور بقيت على حالها. أموال كثيرة وانجازات قليلة للتذكير، فإن السيد فوزي بن حسين والي سكيكدة وعند إشرافه على مراسيم تنصيب مير سكيكدة الجديد شهر جوان الأخير، كان قد أشار إلى الميزانية الكبيرة التي استفادت منها هذه البلدية، غير أنه ومن أصل 12.7 مليار دج بعنوان ميزانية التجهيز لم يستهلك منها إلى غاية 25 /05 /2014 سوى 0.8 مليار دج أي بنسبة استهلاك تقدر ب6.25 بالمائة، كما أن تخصيص بلدية سكيكدة ما قيمته 12 مليار سنتيم من الميزانية الذاتية للبلدية للقضاء على البعوض لم يأت بنتيجة. الكرة في مرمى المواطن وفي تعليقه على هذا الوضع ارجع السيد قيسمون أمين رؤوف نائب رئيس بلدية سكيكدة المكلف بالبيئة والصحة والنظافة، سبب الانتشار الفوضوي للنفايات المنزلية إلى عدم احترام مواقيت الرمي من قبل المواطنين بسبب نقص التوعية وغياب الحس المدني لديه، مضيفا أن مصالح بلدية سكيكدة على عاتقها عملية جمع هذه الأخيرة وتنظيف المحيط بداية من مندوبية العربي بن مهيدي إلى غاية مندوبية سطورة إلى وسط المدينة، معترفا في ذات السياق بأن البلدية تعاني من قدم العتاد ونقصه مقارنة مع حجم العمل والتحديات، مشيرا إلى أن الوضع سيتحسن مباشرة بعد استلام البلدية للعتاد مع الشروع في محاربة الحشرات الضارة والفئران وكذا الكلاب الضالة، إلى جانب الشروع في تهيئة وإنشاء المساحات الخضراء. وفي سياق حديثه، أكد ذات المسؤول بأن الحلول موجودة والأفكار أيضا، لكن يبقى الإشكال المطروح في الإجراءات القانونية التي كثيرا ما تصطدم باعتراض من المراقب المالي، ونشير هنا إلى أننا حاولنا الاتصال ببعض الجمعيات النشيطة في مجال البيئة إلا أننا لم نتمكن.