رفع "سيرك عمار" رحاله ليلة الأربعاء 27 أوت 2014، ليضرب موعدا لعشاقه في الصائفة القادمة، بعد أن عرف طيلة شهر رمضان وبقية الموسم الصيفي، توافد جمهور غفير من المواطنين الذين قطع بعضهم مسافات طويلة للاستمتاع بعروضه المختلفة، هذا السيرك السحري الذي يشد إليه الأنظار ويجلب الفضول. أجواء رائعة طبعت السهرة الأخيرة لسيرك عمار ، حيث اصطف حشد كبير من الزوار منذ السابعة مساء أمام كشك بيع التذاكر، ليتدافع البعض بغية الحصول على تذكرة تمكنه من بلوغ خيمة السيرك والاستمتاع بالعروض منها المرحة أو المخيفة أو الحماسية.. «المساء» حضرت الليلة الأخيرة وحاولت الاقتراب من القائمين على السيرك، إلا أنه واجهتنا بعض العوائق بسبب عدم حصولنا على رخصة تمكننا من الحديث مع الإيطاليين، مالكي السيرك، خصوصا أنهم كانوا يُحضرون للرحيل بعد أن قدموا آخر عرض لهم. رغم ذلك، عملنا على نقل مختلف المشاهد المرحة التي حضرناها وسط مختلف الفئات العمرية من الرجال والنساء والأطفال الذين استمتعوا بكل لحظة ولمدة ساعتين كاملتين. قبل بداية العرض، بدأ المنظمون في تحضير الخيمة وتوجيه كل زائر نحو مقعده المخصص، حيث أن كل تذكرة تحمل رقم المقعد والجهة، حسب المبلغ الذي دفعه الفرد والذي يتراوح بين 1600 دينار للمقاعد الأمامية، تليها 1200 دينار، ثم 900 دينار بالنسبة للمقاعد الخلفية. ومع الخبرة التي اكتسبها أصحاب السيرك، أصبح التنظيم يبدو بالنسبة لهم في غاية السهولة، حيث لم تسجل انطلاقة العرض أي تأخير وعند حلول الساعة السابعة، انطلقت العروض، حيث كان أول عرض لملوك الغابة: الأسود والنمور المفترسة وبعض اللبؤات، حيث فاقت أحجامها حجم مروضها الذي العشرينات، إلا أنه نجح في ترويضهاوجعلها تطيع أوامره، وبحركات بسيطة كان يقوم بها، تمكنت تلك الحيوانات الضخمة من التفاعل مع إشارات صاحبها وإمتاع الجمهور. وفي جو رائع، كانت نفوس الجمهور مشدودة مع كل زئير أسد، مخافة أن يهاجم صاحبه، إلا أن ذلك كان جزءا من العرض الذي نجحت تلك الحيوانات . لم ينته السيرك بعد.. وفي العرض الثاني، ما ميز حلبة المسرح هي العروض القصيرة غير المملة، بعضها تبكيك من شدة الضحك وأخرى تجعلك تعيش جوا من السحر والخيال، في حين كانت العروض النسوية تتميز بنوع من الرقة المغمورة بالأحاسيس الجميلة والظريفة في عروض راقصة، فضلا على البهلواني الذي نجح بدون تلفظ أية كلمة، في شد انتباه الجمهور، فقط بفضل حركاته المضحكة واحتكاكه بالحضور الذين استحسنوا مشاطرة عروضه. اقتربنا من عائلة «محجوبي» المتكونة من الأبوين والأطفال، حيث قال لنا رب العائلة بأنه كان على دراية بأن اليوم هو الأخير في عروض «سيرك عمار» لهذه السنة، مما جعله يسرع لشراء التذاكر والاستمتاع رفقة عائلته به، خصوصا أنه وعد أبناءه باصطحابهم إلى السيرك قبل رحيله. من جهة أخرى، التقينا بمجموعة من الفتيات رفقة مجموعة أخرى من الشباب، من أبناء العمومة، وأوضحت لنا إيمان بأنها تقوم بزيارة العرض كل سنة ولا تصاب بالملل، وتشير إلى أن هناك عروضا جديدة وخدعا سحرية، وأنها كثيرا ما أحبت ذلك الجو الذي يميز هذه السهرات. واستحسنت البنت ندى 9 سنوات أخت إيمان، عروض الحيوانات التي أخافتها في البداية خصوصا التماسيح والأفاعي، إلا أنها تعودت على رؤيتها والاقتراب من بعضها، على حد تعبيرها.