يشرع الرئيس اللبنانى ميشال سليمان يوم غد في زيارة رسمية إلى سوريا تدوم يومين هي الأولى من نوعها يقوم بها منذ انتخابه رئيسا للبنان في ماي الماضي. وتكتسي الزيارة أهمية تاريخية ليس فقط بالنسبة للبنان ولكن أيضا لسوريا بحكم علاقاتهما التي تميزت صعودا ونزولا بين التوتر حينا والتهدئة أحيانا أخرى إلى غاية وقوع القطيعة النهائية على خلفية عملية الاغتيال التي أودت بحياة رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري قبل أكثر من ثلاث سنوات. وينتظر أن يطرح الرئيسان بشار الأسد وميشال سليمان ملفات هذه العلاقات على الطاولة في محاولة لتشريحها وإزالة كل الشوائب التي علقت بها لطي صفحة الماضي وفتح صفحة أخرى مبنية على مبدأ الندية والاحترام المتبادل بين الدولتين الجارتين. والمؤكد أن بحث العلاقات الثنائية سيكون على أسس جديدة تأخذ بعين الاعتبار آخر التطورات الحاصلة على الساحة اللبنانية ولكن أيضا بالتطورات الإقليمية التي عرفتها المنطقة وتأثير القوى الكبرى في صيرورة الأحداث في كل منطقة الشرق الأوسط. وتسعى بيروتودمشق إلى وضع أسس جديدة لعلاقاتهما الثنائية كشريكين ودولتين جارتين تحكمهما علاقات تاريخية وشعبية وإقليمية مشتركة. وسيتم بمناسبة هذه الزيارة التوقيع على عدة اتفاقيات يتم بمقتضاها فتح سفارتين للبلدين في دمشقوبيروت لأول مرة في تاريخ العلاقات الثنائية منذ استقلال البلدين عن الانتداب الفرنسي قبل قرابة ستة عقود. وكان الرئيس السوري أكد دعم بلاده للبنان نافيا وجود تحفظات سورية على تبادل السفارات بين العاصمتين في نفس الوقت الذي شدد فيه الرئيس سليمان على تطلع لبنان إلى قيام أفضل العلاقات مع سوريا. كما ينتظر أن يبحث الطرفان الملفات الشائكة التي عكرت صفو علاقاتهما بكيفية تمكن من وضع تنظيم جديد وإعادة النظر في كل الاتفاقيات الاقتصادية والتجارية فى إطار علاقات ثنائية تحافظ على مصالح كل منهما. وقالت مصادر لبنانية أن التفكير جار لبحث إعادة هيكلة المجلس الأعلى السوري اللبناني وخاصة البنود المتعلقة بالتبادل الدبلوماسي وترسيم الحدود الدولية بينهما وخاصة ما تعلق بمستقبل مزارع شبعا المحتلة من طرف إسرائيل والتي تتنازع الدولتان السيادة عليهما. ولاحظ الكثير من المتتبعين أن السلطات السورية غيرت في المدة الأخيرة في طبيعة تعاملها مع بيروت اعتمدت فيها على مقاربات جديدة أخذت بعين الاعتبار التطورات الأخيرة في كل المنطقة. يذكر أن العلاقات بين بيروتودمشق دخلت منذ أكثر من عامين مرحلة توتر على خلفية اتهامات لبنانية بضلوع مسؤولين سوريين في عملية اغتيال الحريري وأرغمت على إثرها على سحب قواتها من منطقة البقاع اللبناني الذي تمركزت فيه لقرابة 24 عاما. وتعرضت سوريا لضغوط دولية أخرى على خلفية لجنة التحقيق الدولية التي أنشاها مجلس الأمن الدولي لمعرفة ملابسات اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق والتي كانت السبب المباشر في وقوع القطيعة النهائية بين البلدين. وأكدت السلطات السورية على إثرها أن هناك صفحة جديدة مبنية على الثقة والحوار والأخوة قد فتحت فى العلاقات بين البلدين بما يحافظ على مصلحة الشعبين. وسارت العلاقات بين دمشقوبيروت من الجفاء البين إلى الود المعلن بعد أن دخلت باريس على خط إعادة العلاقات إلى طبيعتها وأقنعت الرئيس السوري بشارة الأسد بزيارة العاصمة الفرنسية ولقائه لمرتين بالرئيس ميشال سليمان بمناسبة القمة الأولى لإعلان ميلاد الاتحاد من اجل المتوسط يوم 13 جويلية الماضي.