اختتم رئيس جمهورية تركيا، السيد رجب طيب أردوغان، أول أمس، زيارته الرسمية للجزائر التي دامت يومين بدعوة من رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، حيث كان في توديعه بمطار هواري بومدين رئيس مجلس الأمة، عبد القادر بن صالح، والوزير الأول، عبد المالك سلال، ونائب وزير الدفاع الوطني رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أحمد قايد صالح، وكذا وزير الشؤون الخارجية رمطان لعمامرة. وقد أجرى السيد أردوغان خلال هذه الزيارة محادثات مع رئيس الجمهورية، السيد عبد العزيز بوتفليقة، والوزير الأول عبد المالك سلال، كما كانت هذه الزيارة مناسبة للقاء عدة مسؤولين ورجال أعمال لتعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين، خاصة في مجال الطاقة، حيث تم التوقيع على اتفاقية مع الشريك التركي لتمديد تزويده بالغاز لعشر سنوات أخرى. وحظي قطاع المقاولات أيضا باهتمام الطرفين من خلال تعزيز الشراكة المقاولاتية بالنظر إلى حجم الاستثمارات المسجلة بين البلدين. وكان الرئيس التركي قد زار في اليوم الثاني من زيارته لبلادنا ورشة ترميم مسجد كتشاوة، حيث أكد في تصريح للصحافة أنه بإمكان البلدين تحقيق إنجازات كبيرة في إفريقيا، مضيفا أن هذه الزيارة شكلت فرصة جديدة "لتقييم والاطلاع" على العلاقات الثنائية وذلك من خلال لقاءاته مع كل من الرئيس بوتفليقة ورئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح والوزير الأول عبد المالك سلال. وأبرز في هذا السياق أن جامع كتشاوة يعكس "مدى الترابط الموجود بيننا" ويشكل رمزا مهما لهذه العلاقات، مؤكدا أن ترميم حي القصبة من قبل شركة تركية "سيعطي قوة ودفعا" للعلاقات الثنائية. وبعد أن حيا الصداقة الجزائرية-التركية قال الرئيس أردوغان "إنني أرى أن حي القصبة يبرز جزءا من جمال الجزائر الذي ينبغي مواصلة الحفاظ عليه، مضيفا في هذا الصدد "لقد زرت الجزائر في 2013 بصفتي وزيرا أول، والآن أقوم بصفتي رئيسا للجمهورية بأول زيارة لإفريقيا والجزائر التي تشهد تطورا ونموا كبيرين في عهد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة". وفي هذا السياق، أبرز أن اللقاء "المطول" مع الرئيس بوتفليقة ذكره بدور الجزائر خاصة في المنطقة وأنه استفاد من "تجاربه الخاصة ومعارفه العميقة بصفته شخصية معروفة على الساحة الدولية". وبعد أن أشاد بالروابط التاريخية بين الجزائروتركيا، أكد أن سنة 2016 ستكون مناسبة لإحياء ذكرى مرور 500 سنة على العلاقات الثنائية. وعلى الصعيد الاقتصادي، أكد الرئيس أردوغان على إمكانية رفع حجم التبادل التجاري بين البلدين الذي يقدر حاليا ب4,5 ملايير دولار إلى 10 ملايير دولار "في وقت قصير"، مشيرا من جهة أخرى إلى إمكانية تطوير العلاقات الثنائية في المجال الثقافي والعسكري. وقد رافق الرئيس التركي خلال زيارته لهذه الورشة رئيس مجلس الأمة، عبد القادر بن صالح، ووزراء السكن والعمران والمدينة عبد المجيد تبون، الشؤون الدينية والأوقاف محمد عيسى، الثقافة نادية لعبيدي والتربية نورية بن غبريط. وقد استمع السيد أردوغان إلى شروحات حول عملية الترميم ومستوى تقدم الأشغال. كما تم بالمناسبة عرض شريط فيديو يشرح مراحل الترميم. وكانت وزارتا السكن والعمران والمدينة، والشؤون الدينية والأوقاف، قد اتفقتا مع مؤسسة "تيكا" التركية في ماي المنصرم على الشروع في أشغال إعادة تأهيل وترميم مسجد كتشاوة. وينتظر أن تدوم هذه الأشغال حسب الشركة سنتين. وتم الاتفاق على أشغال الترميم دون مقابل مالي بناء على الاتفاق الذي أبرم بين الوزير الأول، السيد عبد المالك سلال، والرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، الذي كان يشغل آنذاك منصب الوزير الأول خلال الزيارة التي قادت هذا الأخير إلى الجزائر في سبتمبر 2013. ويعد جامع كتشاوة الكائن بمدخل حي القصبة العتيق بالجزائر العاصمة من أشهر المعالم التاريخية التي تعود إلى العهد العثماني وأحد معالم التراث الثقافي العالمي، حسب تصنيف اليونسكو. ويعود بناؤه إلى سنة 1613 وهو مزيج بين الطابع المعماري البيزنطي الروماني والعربي-التركي وقام بتوسيعه الداي حسين سنة 1794 وتم تحويل الجامع إلى كاتدرائية خلال الحقبة الاستعمارية (1830-1962) وقتل بداخله آلاف المسلمين الذين قاوموا هذا القرار، ليستعيد المكان بعد ذلك بعده الروحي بتحوله إلى مسجد أقيمت به أول صلاة جمعة سنة 1962، حيث كان الشيخ العلامة البشير الإبراهيمي أول خطبائه. وقبل ذلك، كان الرئيس التركي قد أشرف على اختتام ملتقى الأعمال الجزائري التركي بمعية الوزير الأول السيد عبد المالك سلال يوم الأربعاء الماضي، حيث أكد إرادة بلاده رفع استثماراتها في الجزائر إلى مستويات أفضل وتكثيف مشاركة المؤسسات التركية في مشاريع البني التحتية. كما أعرب عن سعادته لتوقيع اتفاقية تقضي بتمديد تزويد الجزائر الغاز المميع لتركيا لعشر سنوات إضافية مع مضاعفة هذه الكميات بنسبة 50 بالمائة، واصفا هذا القرار بالصائب. كما تطرق ضيف الجزائر إلى المشاكل التي تواجهها منطقتا الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، مبرزا ضرورة إيجاد حلول محلية من خلال تعزيز التعاون والتضامن لنيل هذا المسعى. وتعتبر زيارة أردوغان للجزائر الأولى من نوعها إلى الخارج منذ توليه منصب رئيس جمهورية تركيا. وهي تندرج في إطار التعزيز المستمر للعلاقات بين البلدين اللذين تربطهما معاهدة صداقة وتعاون تم التوقيع عليها في 2006.