يشرع رئيس دولة فلسطين، محمود عباس ابتداء من اليوم و إلى غاية ال23 من الشهر الجاري في زيارة إلى الجزائر، بدعوة من رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، يستعرض خلالها الرئيسان آخر تطورات القضية الفلسطينية. وأفاد بيان لرئاسة الجمهورية أمس، أن المحادثات تتناول سبل تجنيد دعم أكبر من طرف الأمة العربية والمجموعة الدولية بصفة عامة من أجل تكريس حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس. من جهته، ينتظر أن يستعرض الوفد المرافق للرئيس الفلسطيني مع أعضاء الحكومة، وضع وآفاق التعاون بين الجزائروفلسطين وكذا "تعزيز تضامن الجزائر المطلق مع الشعب الفلسطيني الشقيق"، حسبما أضاف المصدر. وكان الرئيس الفلسطيني، محمود عباس قد صرح في وقت سابق لوكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية أنه سيلبي دعوة رسمية لزيارة الجزائر خلال الشهر الحالي، وجهها له الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، مشيدا في هذا الصدد بالعلاقات الأخوية بين الشعبين الشقيقين.وتتزامن زيارة الرئيس الفلسطيني للجزائر مع التطورات التي تشهدها القضية الفلسطينية، والتي كان آخرها إقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره بعد أن اعتمد القرار بأغلبية ساحقة، في انتظار تصويت مرتقب في مجلس الأمن على مشروع قرار فلسطيني عربي يضع حدا زمنيا لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية منذ عام 1967. ويأتي ذلك بعد قرابة العامين من منح الجمعية العامة للأمم المتحدة، فلسطين صفة دولة مراقب غير عضو في الأممالمتحدة، في خطوة تعد انتصارا دبلوماسيا ومكسبا قانونيا للفلسطينيين، حيث صوتت 138 دولة لصالح مشروع القرار الذي منح دولة فلسطين هذه الصفة، في حين عارضته تسع دول، وامتنعت 41 دولة عن التصويت.وقد رحبت الجزائر بهذا القرار، واصفة إياه بالانتصار الدبلوماسي الباهر الذي يأتي بعد 65 من خطة تقسيم فلسطين و بعد سنوات من الإعلان الرسمي للمجلس الوطني الفلسطينيبالجزائر عن قيام الدولة الفلسطينية، مشيرة إلى أن ذلك ينبئ بانتصارات جديدة للكفاح البطولي الذي يقوم به الشعب الفلسطيني من أجل استعادة حقوقه غير القابلة للتصرف. و كان رئيس الجمهورية السيد، عبدالعزيز بوتفليقة قد وجه رسالة إلى لجنة الأممالمتحدة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف وذلك بمناسبة إحياء اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني شهر نوفمبر الماضي، مشيرا إلى أن مثل هذه الوقفة تعد مناسبة سانحة لتحسيس الرأي العام العالمي بهذه القضية وتذكير المجموعة الدولية، بما فيها منظمة الأممالمتحدة بمسؤولياتها الأساسية والتاريخية في إنصاف هذا الشعب وكل الشعوب التي مازالت تحت نير الاستعمار. واغتنم رئيس الجمهورية هذه المناسبة للتأكيد على موقف الجزائر "الثابت" المتمثل في نصرة الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة، "لاسيما حقه في إقامة دولته المستقلة كاملة السيادة على حدود 4 جوان 1967 وعاصمتها القدس". وقد جددت الجزائر في عدة مناسبات دعمها الثابت و غير المشروط لقضية الشعب الفلسطيني العادلة، مع دعوتها مجموع الطبقة السياسية الفلسطينية إلى "العمل بإخلاص و بإصرار من أجل المصالحة وتوحيد الصفوف لتغليب الطموحات التاريخية والحق المشروع للشعب الفلسطيني الباسل في تقرير مصيره والاستقلال". كما لم تأل الجزائر جهدا في حشد الإجماع العربي حول ضرورة تقديم المساندة والدعم للمقاومة الفلسطينية، سواء في القمم العربية أو في المحافل الدولية من منطلق أنه "ليس مهما من يقود أو يبادر، بل المهم السند والدعم من الأشقاء قبل الأصدقاء". ولم تكن مساعي الجزائر في مساندة القضية الفلسطينية تنصب في إطار التباهي أو البروز، بل كانت من أجل توحيد الكلمة والصف العربيين بعيدا عن الحسابات السياسية الضيقة، في ظل معاناة الشعب الفلسطيني من طمس للحقوق والهوية.