أكد وزير العدل حافظ الأختام، الطيب لوح، أن الأحكام الحالية لقانون العقوبات ”تغفل” بعض أشكال العنف الذي يستهدف المرأة مما يستوجب تكييف هذا القانون من خلال تعديل بعض مواده واستحداث قواعد تجريم جديدة. وأوضح بيان للمجلس الشعبي الوطني، أنه وخلال عرضه أمس، أمام لجنة الشؤون القانونية والإدارية والحريات بالمجلس، لمشروع القانون المعدل والمتمم للأمر رقم 66-156 المؤرخ في 18 صفر 1386 الموافق ل8 جوان 1966، والمتضمن قانون العقوبات، أكد الوزير أن ”الأحكام الحالية لقانون العقوبات وإن كانت توفر حماية جزائية عامة للمرأة ضد مختلف الاعتداءات فإنها تغفل بعض أشكال العنف الجسدي واللفظي والجنسي والاقتصادي الذي يستهدف المرأة بشكل خاص بسبب جنسها”. ويستوجب هذا الأمر حسب الوزير ”تكييف قانون العقوبات من خلال تعديل بعض مواده واستحداث قواعد تجريم جديدة، مع مراعاة توفر عناصر التوازن بين الطابع الخصوصي والأخلاقي للموضوع، وبين الدور الذي يمكن أن يلعبه القانون الجزائي ليحقق للمرأة الحماية المرجوة”. وفي هذا الصدد، تم استحداث مادة جديدة (266 مكرر) تقرر حماية خاصة للزوج والزوجة من الاعتداءات العمدية التي تحدث جروحا أو تؤدي إلى بتر أحد الأعضاء، أو عاهة مستديمة أو الوفاة مع التنصيص على عقوبات متناسبة مع الضرر الحاصل للضحية تكون أكثر شدّة من العقوبات المقررة لنفس الاعتداءات عندما ترتكب في الظروف العادية. كما تم أيضا وفي نفس الإطار استحداث مادة أخرى (266 مكرر1) لتجريم العنف الزوجي الذي يبين وبحكم تكراره إصرارا على إيذاء الضحية، والمساس بكرامتها وسلامتها البدنية أو النفسية. وأشار السيد لوح، إلى أن هذا العنف قد يتخذ عدة أشكال كالتعدي الجسدي الذي لا تنجر عنه بالضرورة جروح ظاهرة، وكذا التخويف والمعاملة المهينة، مع التنصيص على أن الجريمة تقوم سواء كانت العلاقة الزوجية قائمة أو انقضت، وسواء كان الفاعل يقيم مع الضحية أم لا، مضيفا أنه سيتم التنصيص كذلك على عدم إفادة الجاني من ظروف التخفيف إذا كانت الضحية حاملا أو معاقة، أو إذا ارتكبت الجريمة بحضور الأبناء القصّر. أما فيما يخص العنف الاقتصادي فقد تضمن القانون المذكور تعديلا في مادته 330 المتعلقة بالإهمال العائلي، لتشمل إهمال الزوج لزوجته سواء كانت حاملا أم لا، مع استحداث مادة جديدة (330 مكرر) لحماية الزوجة من العنف الاقتصادي المتمثل في حرمانها من ممتلكاتها ومواردها المالية، أو ابتزازها عن طريق الإكراه والتخويف مع التنصيص على أن صفح الضحية يضع حدا للمتابعة الجزائية. وفي نفس السياق تم تعديل المادة (368) لإلغاء العذر المعفي من العقاب في حالة السرقة بين الأزواج، كما مس التعديل المادة (369) لجعل المتابعة الجزائية في هذه الحالة مشروطة بالشكوى المسبقة. وفيما يتعلق بالأحكام المتعلقة بحماية المرأة من العنف الجنسي، أوضح ممثل الحكومة، أنه تم استحداث مادة جديدة (333 مكرر 2) تجرّم كل اعتداء يمس بالحرمة الجنسية للضحية، كما تم تعديل المادة (341 مكرر) لتشديد العقوبة في جريمة التحرش الجنسي. ويرفق هذان الإجراءان بتوسيع نطاق التجريم ليشمل أفعال التحرش التي ترتكب في غير الحالات التي يستغل فيها الفاعل سلطته، أو وظيفته لارتكاب الجريمة مع مضاعفة العقوبة إذا كان الفاعل من المحارم، أو كانت الضحية قاصرا أو حاملا أو مريضة أو معاقة. وأخيرا تم استحداث مادة جديدة (333 مكرر1) لمحاربة ظاهرة مضايقة المرأة في الأماكن العمومية، من خلال تجريم هذه التصرفات غير الأخلاقية والمتمثلة غالبا في عنف لفظي أو أفعال تخدش حياءها مع تشديد العقوبة إذا كانت الضحية قاصرا لم تكمل السادسة عشر. وعقب العرض، فسح رئيس اللجنة عمار جيلاني، المجال للأعضاء لإبداء رأيهم، حيث ثمّنوا مشروع القانون لكونه يوفر الحماية القانونية للمرأة، كما طرحوا بعض الانشغالات حول أحكام مشروع القانون. وكان السيد جيلاني، قد أشار في مستهل الاجتماع إلى أن مشروع القانون يندرج ضمن إطار تعزيز المنظومة التشريعية، وتكييفها مع التزامات الجزائر الدولية من خلال إقرار الحماية القانونية للمرأة بتسليط الضوء على ظاهرة العنف الممارس ضدها وسبل مكافحتها والحد من تأثيراتها السلبية. ويأتي ذلك تطبيقا لما أكده رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، حول ضرورة العمل على ترقية حقوق المرأة، وتنفيذ الاستراتيجية الوطنية لمحاربة العنف ضد المرأة.(واج)