أكّد الدكتور أحمد ميزاب المتخصّص في العلوم السياسية، أنّ على المثقف لعب دور أساس في الدفاع عن الوطن، ومحاربة مختلف الأخطار الخارجية بفكره، مشيرا إلى أنّ السياسات هي التي تتصادم، والثقافات والديانات تتنوّع، وتُعدّ إثراءً للعالم، وهذا الثراء لا يشكّل خطرا ولا عنفا، وأنّ ما يتسبّب في هذه الأخطار هو السياسات. وأضاف الدكتور أنّ حماية الثقافات والديانات العالمية التي تدخل في مجال التصادم تكون بالقلم وموقف المثقف، للمساهمة في النموّ السليم للمجتمع، مؤكّدا على حاجتنا إلى تغيير الذهنيات، التي لاتزال غير واعية ومتماشية مع المستجدات، رغم أنّ الهياكل موجودة والكفاءات كذلك، «ونحن بحاجة إلى تكوين أحزاب وجمعيات؛ لأنّ الصراعات المستقبلية هي صراعات أفكار».وقال الدكتور ميزاب في محاضرته التي تحمل عنوان «العولمة ومسألة الهوية الوطنية» التي ألقاها ضمن تظاهرة نظمتها جمعية «المرأة الناشطة»، تحت شعار «دور المثقف في توجيه وتنمية المجتمع بين الأمس واليوم» بقاعة المسرح الصغير لدار الثقافة «مولود معمري»، إنّ المثقف لوحده لا يمكنه أن يلعب دورا في تنمية المجتمع، وتحقيق الهدف يتطلّب التعاون والتكامل، مضيفا أنّ محور المحاضرة يسوَّق في إطار التماسك في مواجهة التحديات التي تفرض نفسها وسط تغيرات دولية وإقليمية، حيث قال إنّ العولمة هي انتقال الثقافات سواء منها الثقافية، الاجتماعية والاقتصادية عبر الحدود بزوال الحدود، حيث أصبح العالم يتلقى المعلومة في لحظة.وأضاف المتحدّث أنّ العولمة سلاح ذو حدين؛ إن لم يُستغل بشكل صحيح سيكون انعكاسه سلبيا على دور وأداء المجتمع، وكذا كيفية تأقلمه وعيشه في العولمة بدون أن يتأثّر بها لكن يؤثّر فيها، مشيرا إلى أنّنا في الألفية الثالثة، ولايزال الحديث عن حوار الحضارات قائما، صدام الحضارات، صراع الديانات، تداخل الثقافات وغيرها من المصطلحات الجديدة، موضحا أنّ الحضارات والأديان لا تتصارع، وأنّ الثقافات لا تتداخل، لأنّ في مضمون كلّ حضارة قبول التعايش مع الآخر، والثقافة هي تأقلم وانسجام، في حين يوجد في الأديان عنصر التعايش والتسامح كقيمة قائلا: «باعتبارنا مسلمين، نؤمن بالديانات، وأنّ التسامح والتعايش قيمتان أخلاقيتان أساسهما يبني إنسانا متكاملا»، لذلك فالصراع قائم بين السياسات، منوّها بدور المفكر في كيفية استغلال وتوظيف هذه المصطلحات والرد عليها بأسلوب رجل مفكر ومثقف.واستدل الدكتور ميزاب في محاضرته بحادثة شارلي إيبدو، مشيرا إلى أنّ الحدث اليوم أصبح حدثا لساعات؛ حيث سال الحبر لأيام، والآن لا حديث عنها، قائلا إنّ القلم أصبح يتحرّك في المناسبات فقط، مشيرا إلى أنّ مسؤولية المفكّر أكبر من مسؤولية رجلي الدولة والسياسة، لأنّ المفكّر يعيش مع المجتمع ويحتك معه؛ فهو مسؤول عن تنوير الرأي وتحريك الضمائر وتوعية الناس، ولا يجب ترك المجال لنشر أفكار منحرفة في المجتمع.وأشار المحاضر إلى أنّ نظرة المواطنين إلى المثقفين قد تكون محدودة؛ ذلك أنّ السؤال المطروح «من نحاسب؟ المواطن أم المثقف؟»، حيث يضيف أنّ المواطن ليس معنيا بكتابات المثقف وليس المادة الخام لكتابات المثقف، منوّها بأنّ الجزائر مرّت بمرحلة عصيبة سنوات العشرية السوداء التي تخلّصت منها بفضل ميثاق أضحى مدرسة صحّحت صورة الجزائري في الخارج، لكن اليوم - يضيف قائلا - «نحن أمام إرهاب فكري لا يمكن ملاحقته ومراقبته إلاّ بشيء واحد، هو تجنيد الإنسان لنفسه، وذلك بالإيمان بالانتماء للوطن»، حيث إنّ كلّ واحد معني بالحديث عن التحديات الإقليمية والعالمية، متسائلا عن مكانة الجامعة والباحث من كلّ هذا، وكذا المجتمع المدني؛ من منظمات وجمعيات باتت - للأسف - تظهر في المناسبات فقط، مؤكّدا أنّ الجزائر بحاجة إلى تغيير الذهنيات التي لاتزال غير واعية ومتماشية مع يدور بالبلد رغم أنّ الهياكل موجودة والكفاءات كذلك.