استوقفني مؤخرا قول النبي صلى الله عليه وسلم: "الابتسامة في وجه أخيك صدقة"، الذي كان يمثل حكمة ذلك اليوم الذي زت فيه أحد المخيمات الصيفية بالعاصمة، فقلت في نفسي ما أحوج صغارنا إلى تعلم هذه المقولة أو بالأحرى تطبيقها، ذلك أن هذا أكثر شيء نحتاجه في مجتمعنا، الذي يبدو أن معظم أفراده مفكرون سلبيون مشكلتهم أنهم يفكرون ولا يجيدون تطبيق ما تعلموه، إذ كثيرا ما تكون الابتسامة كبش فداء للانفصام السلوكي الذي يحولها الى تسول مرفوض..! لا جدل في أن الابتسامة أمر فطري، وإذا أمعنا النظر في مختلف المؤسسات والأماكن العمومية، وجدنا أن أغلبهم عابسون، والأسوأ أنهم غاضبون، بل ويعلنون حربا كلامية على الغير، وذنبهم في ذلك أنهم أرادوا شراء حليب من عند البقال أو خبزا من عند الخباز أو طرحوا سؤالا على إحدى الممرضات، والأمر سيان في الحافلات والإدارات والمستشفيات والمحلات، مع أن الابتسامة لا تكلف شيئا ما عدا تحريك عضلتين.. في حين أن العبوس الذي يقابلنا أينما ولينا وجوهنا، يكلف تحريك 13 عضلة من عضلات الوجه كما يؤكده الأطباء، لتجدنا أمام معادلة معقدة تطلق النار على ثقافة الاستقبال التي يبدو أنها ستظل غائبة إلى حين تتحرر الابتسامة من زنزانة العبوس.. فالمشكلة هي أننا لم نتعلم كيف نبتسم والنتيجة هي رفض التصدق بالابتسامة والتنازل عن خاصة بشرية محضة ربما تحسدنا البهائم عليها!!