لا يزال كل من آدم وحواء هائمين في رحلة البحث لمحاولة فهم بعضهما البعض، حيث أوضحت دراسات عالمية أنهما جنسان مختلفان كليا من حيث طريقة التفكير لدرجة أن البعض اعتقد أنهما من كوكبين مختلفين، بسبب العديد من المشاكل التي تحدث بينهما، الأمر الذي دفع بعض المفكرين إلى عرض مبادئ الرجال والنساء على شكل دراسات وكتب أهمها كتاب "الرجال من المريخ والنساء من الزهرة"، والذي أثار فضول المرأة بصفة خاصة للاطلاع على محتواه. لمعرفة مدى إقبال المرأة على هذا الكتاب كان ل"المساء" جولة ميدانية ببعض محلات بيع الكتب بالعاصمة، حيث كشف لنا من مسهم استطلاعنا أنه من أشهر الكتب التي تقتنيها المراهقة والمتزوجة على السواء. هذا الكتاب من تأليف الطبيب النفساني جون غراي من أصول أمريكية صدر سنة 1992 وترجم إلى عدد كبير من اللغات وبيعت منه ملايين النسخ، من أشهر الكتب النفسية - الاجتماعية عالميا، حيث يتناول موضوعا كثيرا ما كان محل صراع بين الرجل والمرأة، والمتمثل في اختلاف القيم بينهما. يتطرق المؤلف في كتابه إلى العديد من المواقف والمشاكل، محاولا بكتابته البسيطة وأسلوبه السهل أن يشرح لكل طرف مبادئ الطرف الآخر، وتوضيح أن هذا الاختلاف بين القيم هو طبيعي ولا يمكن تغييره، وإنما لابد من فهمه ومحاولة التعايش معه. كانت معتقدات المؤلف حسبما جاء في كتابه، أن الجنسين في زمن بعيد كانا يعيشان في كوكبين مختلفين تماما، وفي يوم من الأيام، وبفضل مناظير، اكتشف كل جنس موطن الجنس الآخر، وحدث نوع من الشرارة بين الطرفين ووقعا في حب بعضهما ما دفعهم إلى اختراع سفن فضائية وطار بها الرجال إلى كوكب النساء الزهرة. و رغم الاختلاف، وجدت المرأة متعة في ذلك، وقضيا بعدها وقتا طويلا في اكتشاف بعضهما البعض. تختلف حاجة الرجل عن المرأة، ولكل طرف تفضيل وأنماط وسلوكيات مختلفة ما وضع الرجل والمرأة في خلاف عاطفي دائم. وهي طبيعة معقدة بين الجنسين، وحسب بائع بمكتبة "العالم الثالث" بالعاصمة، فإن اهتمام المرأة بهذا الكتاب مرده إلى ما قيل عنه: "إنه ذو نصائح مهمة في فهم الشريك"، حيث يعطي نصائح للرجال لفهم النساء والعكس، وكيف أن الرجال يحتاجون إلى أن يشعروا بأن هناك من يحتاج إليهم، بينما تحتاج النساء إلى أن يشعرن بأنهن معززات، فالرجال يحتاجون إلى الثقة، بينما تحتاج النساء إلى الرعاية والصيانة، والرجل لا يقبل النصيحة لأنها تشكيك في قدرته ورجولته، بينما لا تقبل النساء عدم الاهتمام بمشاعرهن... وهي من بين الأساسيات التي بني عليها الكتاب. أوضح بائع بإحدى المكتبات بشارع ديدوش مراد أن لهذا الكتاب دورا كبيرا في فهم كل طرف للآخر.. ورغم أنه من الكتب القديمة، إلا أنه لا يزال يشهد إقبالا كبيرا وشعبية وسط النساء، ونادرا ما يقتنيه الرجل وعادة ما تكون هذه الأقلية من النوع الرومانسي فقط، الذي يبذل مجهودا في فهم المرأة، لأننا اعتدنا على أن الجنس اللطيف هو الذي يبحث عن محاورة الرجل في الأمور العاطفية. ويتسم الرجل بصفات أكثر تحررا من المرأة ما يجعله لا يهتم ببعض التفاصيل التي يدرجها ضمن "التفاهات". حدثتنا (ا.ب) أنها خطبت مؤخرا، و هي على علم بفحوى هذا الكتاب باللغة العربية، وتعتبره مرجعا أساسيا في التعامل مع شريك حياتها، وقالت في هذا الصدد: "أكثر ما أثارني في المواضيع التي تطرق إليها المؤلف، أنها تعكس حقيقة سلوكياتنا الروتينية، وكأن الكاتب عاش كل تلك المواقف، والأدهى أن أغلب نصائحه التي أخذتها بعين الاعتبار، حققت لي مخرجا في التعامل مع الخلافات التي أواجهها أحيانا مع شريك الحياة"، مشيرة إلى أنها تخفي واقع مطالعتها لهذا الكتاب عن خطيبها، وتحاول أن تجعله يعتقد أنها تقوم بتضحيات كبيرة لمحاولة فهمه، في حين أن بساطة كلمات المؤلف هي التي تساعدها، ما جعلها تطالع الكتاب مرارا وتكرارا لتبني كل تلك الأفكار، وتفادي الوقوع في الأخطاء. من جهتها، أوضحت نسرين، طالبة جامعية أن هذا الكتاب لا يسمح بفهم الطرف الآخر فقط، وإنما يسمح للجنسين بفهم بعض النقاط الغامضة في شخصية الآخر، أمور وسلوكيات قد نقوم بها أحيانا دون معرفة السبب الحقيقي وراءها، وهي تبدو لنا أفعالا لاإرادية، إلا أن الكاتب نجح في ترجمتها وتوضيحها لنا. كما ذكرت لنا موظفة بمكتبة الجامعة المركزية، أن كتاب "الرجال من المريخ والنساء من الزهرة"، كشف أهم الحقائق المتعلقة بالمرأة، وأخرى متعلقة بالرجل، إلى درجة أنها أصبحت من بديهيات الحياة الاجتماعية بين الجنسين، مثلا الرجل يحب الاستقلالية ويبحث في مرحلة من حياته عن العزلة والابتعاد، والمرأة عكس ذلك، فهي كثيرا ما تبحث عن الاهتمام الزائد بها وقد برهنت صحتها علميا بدراسات تطرقت إليها العديد من المعاهد العالمية لتحليلها واختبار مدى صدقها".