يتواصل ببلديات العاصمة ال 57 الاستقصاء العمومي حول مشروع المخطط التوجيهي للتهيئة والتعمير لولاية الجزائر إلى غاية31 مارس الجاري، حيث شرع المواطنون منذ ال15 فيفري الماضي في إبداء اقتراحاتهم واعتراضاتهم في السجل الذي وضع تحت تصرفهم، من أجل إشراكهم في إعداد هذا المخطط الذي سيعطي نظرة مستقبلية للمحيط العمراني والبيئي للعاصمة، والتي ارتفعت كثافتها السكانية بصفة ملفتة للانتباه، وشهدت تجسيد العديد من المشاريع الكبرى التي سيشملها المخطط الجديد، الذي اقترح استغلال مناطق جديدة للتعمير في عدة بلديات، وخصص له مبلغ مالي ضخم قدر ب 1000 مليار سنتيم، فهل سيراعي هذا المشروع تحفظات السكان واعتراضاتهم، وهل سينهي فوضى التوسع العمراني بالعاصمة؟. تعرف عملية الاستقصاء أو التحقيق العمومي حول مشروع المخطط التوجيهي للتهيئة والتعمير للعاصمة إقبالا محتشما بمختلف بلدياتها، بسبب جهل المواطنين بمحتوى هذا المشروع الذي وضع على مستوى مصالح التعمير دون التحسيس بأهميته وشرح فحواه من قبل مختصين في هذا المجال، والذين أوضح بعضهم ل«المساء» أن المشروع الذي تضمن خرائط جديدة حول التعمير بالعاصمة، النقل، الفلاحة والمرتفعات ومختلف المشاريع الجديدة التي يجري إنجازها، لم تقدم معلومات كافية عنه للمعنيين على مستوى البلديات قبل الشروع في عملية الاستقصاء والتحقيق العمومي، ما جعله مبهما وغير واضح، حتى بالنسبة للكثير من رؤساء البلديات والمنتخبين، وذلك رغم أهمية هذا التحقيق في جمع أكبر عدد من الاقتراحات المتعلقة بالتعمير وتحسين وضعيته بالعاصمة التي تعرف فوضى كبيرة في هذا الجانب الذي يتطلب عملية تحسيس واسعة تمس المواطنين وقبلهم المسؤولين المحليين وعمال مصالح التعمير بالبلديات لتقديم اقتراحات واعتراضات تمس صلب المشروع الذي سيصبح عمليا بعد المصادقة عليه. سيدي موسى رئة العاصمة وبوزريعة بحاجة إلى عناية أكثر إن مشروع المخطط ضم العديد من المناطق للمحيط الحضري، كما سمح لبعض البلديات بالاستفادة من عقارات جديدة، بينما حافظ على طبيعة بلديات أخرى، مثل سيدي موسى التي ستبقى رئة العاصمة من خلال عدم المساس بغطائها النباتي، عكس بلديات أخرى التي أدخلت بعض مناطقها في المحيط العمراني مثلما هوالأمر لبلدية هراوة، التي ذكرت رئيستها حورية عزوني ل«المساء» أن مصالحها اطلعت على مشروع المخطط التوجيهي للتهيئة والتعمير ووضعت بخصوصه الملصقات بقاعة المداولات، وفتحت سجلا في المصلحة التقنية التي فيها عمال مختصون في هذا المجال يرافقون المواطنين ويقدمون لهم شروحات حول المواقع التي ستدخل في مخطط التعمير الجديد، الذي سيشمل مواقع وأراضي يعتبرها المخطط القديم أراضي فلاحية، بينما هي مشغولة الآن وفيها بنايات، الأمر الذي يزيل مختلف العراقيل ويسوي وضعية هذه البنايات بعد ضمها إلى المخطط واعتبارها منطقة عمرانية، كما وضعت بلدية السويدانية إعلانات على مستواها، حيث يتقدم بعض مواطنيها لتسجيل ملاحظاتهم واقتراحاتهم بخصوص هذا المشروع الذي اعترض بعضهم عليه، كونه لم يدرجهم ضمن المناطق العمرانية، بينما سيدرس المجلس المنتخب، مثلما ذكر رئيسه ل»المساء» المشروع بصفة عامة ويقدم اقتراحات لولاية الجزائر. من جهتها، وضعت بلدية بوزريعة، حسب رئيسها محمد أمين كيتوني، الملصقات تدعو فيها المواطنين إلى المشاركة في الاستقصاء العمومي الذي تقوم به مديرية التعمير لولاية الجزائر، غير أن سكان هذه البلدية لم يبدوا اهتماما بهذا المشروع، الذي لم يمس بوزريعة بصفة كبيرة، ولم يأت حسب محدثنا بجديد بالنسبة لهذه المنطقة الواقعة بأعالي العاصمة، حيث يلتمس المجلس الشعبي البلدي من المصالح المعنية إعطاء عناية خاصة لهذه البلدية التي سترفع تقريرا نهائيا للولاية في نهاية الحملة التحسيسية في31 مارس الجاري. تعاونيات عقارية خارج المخطط الجديد ببني مسوس على عكس ذلك، فإن سكان بلدية بني مسوس يقبلون حسب رئيسها محمد بورابة ، للتعبير عن اقتراحاتهم واعتراضاتهم، خاصة الذين لم يشملهم مشروع القانون، على غرار القاطنين بالتعاونيات العقارية التي اعتبرت أراضيها غير قابلة للبناء، رغم أن أصحابها يحوزون عقود الملكية، حيث قدم هؤلاء طعونا لإعادة النظر في هذا الملف. كما اعترض على مشروع القانون عدد من المواطنين الذين أنجزوا سكنات بالقرب من الوديان والذين لم يتم رفع الحظر عن البناء في مثل هذه السكنات، حسب بورابة، الذي أكد ل»المساء» أن مشروع القانون الجديد حدثت فيه تغييرات جذرية، بالنظر إلى تطور البلديات وارتفاع الكثافة السكانية بها وتجسيد العديد من المشاريع التنموية في السنوات الأخيرة، والتي يجب أن تدرج في المخطط التوجيهي الجديد الذي وضعت بلدية الرايس حميدو حسب رئيسها جمال بلمو، الملصقات على مستوى البلدية لتحسيس المواطنين في الساحة العمومية وشرح التدابير الجديدة الواردة في مشروع المخطط العمراني الجديد، الذي يحدد التوجهات العامة للسياسة العمرانية وآفاق التنمية العمرانية بالعاصمة، حيث يتم تسجيل الاعتراضات بخصوص هذا المخطط الذي قسمها إلى جزء غير قابل للبناء والمتمثل في الواجهة البحرية وجزء آخر قابل للتعمير من الجهة العلوية للمنطقة التي ستحرر بعض العقارات، كما سيسمح للبلديات بمنح رخص البناء مستقبلا، فضلا عن تجميد العمل بالتعليمة التي منعت البناء في بعض المناطق التي وصفت بالخطيرة بعد فيضانات باب الوادي. منطقة نشاط اقتصادي مهددة بالمسح بالكاليتوس سجل بعض سكان سيدي موسى اعتراضاتهم على مشروع المخطط الجديد الذي لم يأخذ بعين الاعتبار التوسع العمراني الذي شهدته المنطقة، وطالبوا بضم أراضيهم التي شيدوا فوقها بناياتهم إلى المخطط، على غرار تلك المتواجدة بحي دهيمات وحي قايد قاسم، الذي دوّن أصحابها طلبهم في السجل الذي وضع تحت تصرفهم بمديرية التعمير، التي يتواجد بها مهندس معماري يشرح للمواطنين فحوى المشروع الذي سيضع مخططا عمرانيا موحدا بين كل بلديات العاصمة، التي كانت تحوز كل واحدة مخططا خاصا بها. وحسب التوضيحات التي تلقيناها، فإن المخطط احتفظ بالطابع الفلاحي لبلدية سيدي موسى التي ستبقى رئة العاصمة من خلال الحفاظ على الفضاءات الخضراء وعدم إدراج أي مشروع للتعمير بها في هذا المخطط، الذي حددت مدته من 2009 إلى 2029 ورصد له مبلغ مالي ضخم قدر ب1000 مليار سنتيم، ويمثل فرصة لإدراج كامل الأراضي التي مسها التوسع العمراني في المخطط، خاصة تلك الواقعة بالقرب من المدينة، حيث أدخلت بعض الأحياء فقط ضمن مشروع المخطط، بينما يطالب المواطنون بالمزيد كونهم مستفيدين من مختلف الشبكات كالصرف الصحي، الماء والغاز ومن حقهم أن يكونوا ضمن مخطط التهيئة والتعمير الجديد، الذي وضعت بلدية الكاليتوس الملصقات الخاصة به بمقر البلدية والملحقات التابعة لها، لإعلام المواطنين بانطلاق الاستقصاء العمومي حول مشروع المخطط التوجيهي للتهيئة والتعمير، غير أن السكان لم يبدوا اهتماما كثيرا بهذا الجانب بسبب عدم وعيهم بأهميته، باستثناء بعض الملاحظات التي تشير إلى افتقار المنطقة لوسائل نقل حديثة، كما أن المشروع لم يشر إلى تسوية وضعية البنايات والعقارات المتواجدة داخل المحيط الأمني للمطار، مثلما ذكر مواطن من حي كوريفة، كما أبدت وكالة تسيير وتسوية العقار لولاية الجزائر تحفظاتها بخصوص منطقة النشاط الاقتصادي ببني حميدين بالقرب من سوق الجملة للخضر والفواكه المسيرة من قبلها، والتي اقترحت إزالة مشروع مخطط التهيئة والتعمير بحجة أنه فوضوي، حيث اعتبرت الوكالة أن هذا العذر لا أساس له من الصحة وأن المنطقة أنشئت بطريقة قانونية وبعقود الملكية، وهي عملية الآن وتقوم باستثمارات مهمة، مطالبة الحفاظ على هذه المنطقة ذات النشاط الاقتصادي، وذلك تطبيقا لما جاء به مشروع المخطط الذي يراعي طبيعة المنطقة «فلاحية، صناعية أوعمرانية»، مثلما أوضح ل«المساء» أحد عمال مصلحة التعمير ببلدية الكاليتوس، الذي أعاب على المخطط الجديد عدم مراعاته خصوصية كل بلدية واحتياجاتها المختلفة، ما جعل بلدية الكاليتوس تنتظر آراء مكاتب الدراسات المتواجدة بإقليمها، خاصة أن الاستقصاء لم يلق استجابة من قبل المواطنين الذين أبدى عدد قليل منهم رأيهم بخصوص مشروع المخطط الذي أعد من قبل مكتب دراسات برتغالي، عوض إسناد هذه المهمة، حسب بعض المختصين، لمكتب دراسات جزائري يعرف جيدا طبيعة كل بلدية، خاصة أن بعض المناطق والأحياء لم تدرج ضمن المحيط العمراني في هذا المشروع الذي وضع خرائط ومخططات حول شبكة النقل السريعة والفرعية وتلك التي تشهد حركة مرور كثيفة، فضلا عن اقتراح إنجاز طرق حديثة مثل الترامواي بين الحراش والدار البيضاء. اقتطاع الأراضي لإنجاز سكنات بعدة بلديات تم اقتراح أراض جديدة تابعة لعدة بلديات من أجل استغلالها في التعمير وبناء سكنات استجابة لاحتياجات المواطنين خلال 20 سنة المقبلة، إذ سيتم بناء أحياء سكنية جديدة، حسب مشروع المخطط الذي اطلعت «المساء» على نسخة منه بالرويبة، الرغاية، بئرتوتة، تسالة المرجة، أولاد فايت، الشراقة، الدويرة، براقي، حيدرة والخرايسية. كما برمجت مديرية التعمير إنشاء مساحات خضراء ووضع حد للعمران العشوائي، في إطار المحافظة على البعد الجمالي للعاصمة، فضلا عن إدراج ضمن هذا المخطط المشاريع الكبرى التي أنجزت أو يجري إنجازها على غرار تهيئة الواجهة البحرية من المحمدية إلى حسين داي، دار الأوبيرا، المسجد الأعظم، المكتبة الكبرى، ملعبي براقي والدويرة، تهيئة ميناء الجزائر، المحطة المركزية الجديدة بالعاصمة، كليتي الطب والحقوق، جامعة بوزريعة، المعهد العالي التكنولوجي للرويبة، المدينة الجديدة سيدي عبد الله، مشروع مقر جديد لولاية الجزائر، وغيرها من المشاريع التي ستكون ضمن المخطط التوجيهي للتهيئة والتعمير لولاية الجزائر، الذي سيحدد المناطق العمرانية من عدمها، فضلا عن مراعاة علو البنايات ومساحتها، كما سيكون خارطة طريق لكل القطاعات ويحدد مصير العديد من العقارات التي منع بها البناء والتعمير لعدة سنوات، خاصة في بعض البلديات التي ستشهد خارطة عمرانية جديدة بعد مصادقة المجلس الشعبي الولائي على المشروع الذي أعده مكتب دراسات برتغالي، والذي تأخر في ذلك ل5 سنوات كاملة لأسباب تقنية وأخرى تتعلق بوضعية النسيج العمراني بالعاصمة التي شهدت تشييد العديد من البنايات والهياكل الإدارية والاقتصادية الجديدة، حيث سيكون المخطط الوسيلة الوحيدة لتحديد النشاطات وشغل كل الأراضي سواء الفلاحية أو ذات الطابع العمراني، وذلك بناء على المعطيات الحديثة الخاصة بالطابع الجيولوجي للأرض ومدى تعرض الوعاء العقاري لكوارث بيئية أو صناعية.