الإشكالية الرئيسية في العلاقات العربية - العربية والعربية - الغربية هي القضية الفلسطينية التي تفرعت منها جميع مشاكل العالم العربي، ذلك أن التوترات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط مرتبطة ارتباطا عضويا بقضية فلسطين التي لا حل يلوح في الأفق بشأنها. وهي القضية التي شتّت الموقف العربي من هذه المسألة بين مؤيد للمفاوضات ورافض لها، وبين متبن للمقاومة ومعارض لها بحجّة أن اسرائيل مدعومة أمريكيا بصفة خاصة، وغربيا بصفة عامة، وأن أي مواجهة لها لن تجر إلا المزيد من المشاكل والأزمات للمنطقة. والدعوات العربية اليوم بمناسبة انعقاد القمة العربية في دورتها السادسة والعشرين إلى عمل عربي مشترك في جميع الميادين وعلى جميع الأصعدة لابد أن تتركز على إيجاد الصيغ المناسبة التي تضمن حلا عادلا وشاملا للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وإعادته إلى أصله ليصبح صراعا عربيا - اسرائيليا كما بدأ. وبدون هذا المفهوم لن تكون هناك مبادرة جماعية واحدة موحدة لمواجهة الاحتلال الاسرائيلي والتحديات التي فرضها على الفلسطينيين المهددين في وجودهم، وعلى البلدان العربية وفي مقدمتها دول الطوق التي تعيش إما حربا معلنة مع الكيان الصهيوني، أو حرب استنزاف أفقرت هذه البلدان اقتصاديا وخلقت لها أزمات سياسية واجتماعية جعلتها في وضع لا تستطيع معها مواجهة هذا الكيان الذي يعمل بوتيرة سريعة على تهويد الدولة العبرية. فبعد أن كان الاحتلال الاسرائيلي يطالب بالسلام مقابل الأرض، ها هو اليوم في ظل الفتور العربي تجاه هذه القضية يشترط الاعتراف بعبرية الدولة الصهيونية للعودة إلى طاولة المفاوضات، التي يراها مقدمات لايجاد وطن بديل للفلسطينيين حتى يتسنى له إقامة الدولة العبرية العنصرية على أرض فلسطين كل فلسطين. إن القضية الفلسطينية كانت ومازالت وستبقى عقدة العقد في الوطن العربي، ما لم تتوفر إرادة جماعية عند العرب لفرض حل نهائي لها، تضمن بعده الاجماع العربي، والتعاون العربي والتكامل الاقتصادي والثقافي العربي...