وصفت الزيارة الأخيرة للوزير الأول عبد المالك سلال، إلى الصين بالثرية جدا والمشجعة بالنسبة للجزائر، وذلك لكونها سمحت بتقريب وجهات النظر وتجسيد الشراكة الاستراتيجية بين البلدين. فقد اتفق الطرفان خلال هذه الزيارة التي تعد الأولى من نوعها لوزير أول جزائري إلى الصين، على ضرورة الانتقال من مرحلة حضور المؤسسات الصينيةبالجزائر، والتي قامت بعمل جيد بإنجازها العديد من المشاريع في مجال المنشآت القاعدية ولا سيما في قطاع السكن، إلى مرحلة جديدة تحتاج إليها الجزائر لدفع تنميتها الاقتصادية، وتشمل إنشاء مؤسسات مختلطة في إطار الشراكة المربحة التي تخدم النمو وتدر الثروة ومناصب الشغل. وفي هذا الصدد أبرز الوزير الأول عبد المالك سلال، المؤهلات الكبيرة والمتعددة التي تزخر بها الجزائر، بداية من كونها نقطة جيوستراتيجية بارزة وهامة على الصعيد الاقتصادي، باعتبارها حلقة قوية في حوض المتوسط وبوابة لإفريقيا، حيث سيسمح كل من الطريق العابر للصحراء الذي تم الإنتهاء من الجزء الجزائري منه، وكذا الميناء الكبير الذي سينجز وسط الجزائر، بنقل السلع وتمريرها عبر الجزائر نحو العديد من البلدان الإفريقية.
ارتياح لنجاح المنتدى الاقتصادي الجزائري - الصيني وفي سياق متصل أكد الطرفان نجاح المنتدى الجزائري - الصيني للتجارة والاستثمار، بالنظر إلى النتائج المحققة والاتفاقات التي تم توقيعها بالمناسبة، والتي تمحورت حول إنجاز وحدات إنتاج أو إنشاء مؤسسات في إطار الشراكة. كما تم التوقيع خلال هذا المنتدى الذي شارك فيه رؤساء المؤسسات العمومية والخاصة الجزائريون، على ما لا يقل عن 18 بروتوكول اتفاق وعقود ومذكرات تفاهم تخص مجالات الصناعة والمناجم والفلاحة والسياحة. وعكف رجال أعمال البلدين عبر 9 ورشات عمل على دراسة مواضيع هامة، تضمنت المنظومة البنكية والطاقة والمناجم والفلاحة والصناعات الغذائية، والنقل السريع بالسكك الحديدية وتربية المائيات والصناعة الصيدلانية، والموارد المائية والفندقة والسياحة.
تكريس التضامن والدعم المتبادل كما كرست زيارة السيد عبد المالك سلال، والتي جاءت بدعوة من نظيره لي كيكانغ، علاقات التضامن والدعم الذي تتبادله كل من الصينوالجزائر منذ سنوات عديدة، وهو تضامن صقل خلال الكفاح من أجل الاستقلال والسيادة. وإذ ذكرت الجزائر بالمناسبة بأنها "لن ننسى أصدقاءها الذين ساندوها في كفاحها ضد المستعمر من أجل الاستقلال"، ذكر المسؤولون الصينيون بما قدمته الجزائر من دعم لصالح الصين من أجل استرجاع مقعدها كعضو دائم في مجلس الأمن الأممي. ولم يفوت الرئيس الصيني خلال استقباله للسيد سلال، الفرصة ليشيد برئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، مؤكدا بأن القادة والشعب الصيني "لن ينسوا أبدا هذا الصديق العزيز. كما أنهم لن ينسوا أبدا المساهمة الكبيرة التي قدمها لكي تستعيد الصين مقعدها كعضو دائم في مجلس الأمن الدولي وللصداقة الجزائريةالصينية". وتجاوز هذا التضامن مرحلة استقلال الجزائر، واستعادة الصين لمقعدها بالأممالمتحدة، لاسيما في إطار حركة عدم الانحياز وروح باندونغ التي لا زالت حيّة لدى قادة البلدين. في هذا السياق فإن الاقتراح الذي قدمه الرئيس الصيني خلال القمة الأخيرة بين آسيا وإفريقيا من أجل نوع جديد من العلاقات مع شراكة اقتصادية مربحة للجانبين وجد صداه الايجابي لدى الجزائر، وذلك فضلا عن فكرة تجسيد مشروع "حزام طريق" الذي يقصد به الطريق الجديد للحرير، من أجل إقامة شبكة كبيرة من الاتصالات والمنشآت والتبادل بين آسيا وإفريقيا وأوروبا التي أطلقها الرئيس الصيني سنة 2013. ولا زال التضامن بين الجزائروالصين متواصلا من خلال المنتديات الدولية، ولا سيما حول كبريات المسائل الدولية على غرار إصلاح نظام الأممالمتحدة، حيث يوجد توافق تام بين البلدين حول هذه المسائل.
ترقية التعاون الثقافي والسياحي للتقريب بين الشعبين من جانب آخر حظي الجانب الثقافي والتقريب بين الشعبين الجزائريوالصيني باهتمام خاص خلال زيارة الوزير الأول إلى الصين، لا سيما وأن الجزائر التي تعتبر التعارف المتبادل بين الشعبين ضرورة أساسية، على قناعة تامة بأن الثقافة تعد المحور الأساسي الذي يرتكز عليه هذا التقارب، خاصة وأن تطوير العلاقات الثقافية شكلت أهم مبادئ مؤتمر باندونغ. وفي هذا السياق وقّع البلدان على برنامج تنفيذي للتعاون في المجال الثقافي لسنوات 2015-2019، كما خصا الجانب السياحي باهتمام كبير من خلال توقيعهما على بروتوكول اتفاق بين شركة الاستثمارات الفندقية والشركة الصينية للبناء والهندسة والتعاون من أجل إنشاء شركة مختلطة في ميدان إنجاز المنشآت الفندقية والسياحية. وتجدر الإشارة إلى أن رئيسي البلدين بادرا في ماي 2014، بتطوير الشراكة الشاملة الاستراتيجية التي عززت بالتوقيع على المخطط الخماسي للتعاون الاستراتيجي الشامل الخاص بالفترة 2014-2018.