عرفت بجرأتها الكبيرة التي «جرجرتها» إلى المحاكم، لديها أسلوب نقد لاذع ولا تخشى العواقب، بدأت مشوارها كمقدمة تلفزيون وكانت لها قدرة فائقة في محاورة الشخصيات خاصة في مجال السياسة، لكن حواراتها الجريئة سببت لها العديد من المشاكل، فانتقلت إلى الصحافة الفنية وصنعت لنفسها اسما في هذا الحيز الكبير.. تتأسّف على حالة المشهد الثقافي العربي المزري وترى أنّ المثقف ساهم فيه بسبب استسلامه أو بيعه لنفسه، كما تعترف بأنّها متوحشة .. هي الإعلامية الكبيرة نضال الأحمدية صاحبة قناة ومجلة «الجرس» اللبنانية، التي تعتبر نفسها ضحية نجاحها كامرأة..»المساء» التقت «بالمشاكسة» نضال الأحمدية وكان لها معها هذه الدردشة الجريئة التي تحدّثت فيها بصراحتها المعهودة والجارحة أحيانا. ❊ تزورين الجزائر لأوّل مرة، كيف وجدتها؟ ❊❊ أنا أحب الجزائر ومصر أكثر من أيّ دولة عربية أخرى ولا أعرف لماذا، أحب أيضا العراق كثيرا، لكن الجزائر كدولة في المغرب العربي أحبها وافتخر بها وأشعر وكأنّها قريبتي وعائلتي وأشعر بالأمان فيها، فهذا البلد يشعرك بالفخر، فخر التاريخ العريق من النضال والمقاومة والإصرار والصبر وقوة الشكيمة، الجزائريون يملكون كبرياء وكرامة، أنت لا تجد جزائري يتسوّل في بيروت أو في غيرها، الجزائري بطبعه شامخ ولا ينحني، و الجزائر بلد جميل وأنا أجد نفسي أشبه الجزائر أحيانا، فأجد أنها متوحشة، صادقة، ثرية، متواضعة ولا تنافق، هي تعاني مثلي تماما. ❊ وكيف وجدت مدينة قسنطينة؟ ❊❊ عند وصولي إلى هذه المدينة، كنت أراقب كلّ المناظر من نافذة السيارة، وخلال السهرة التكريمية للراحلة وردة، استمتعت مع عدد من الفنانين والمطربين العرب بجمال المدينة ونحن نشاهد ليلها.. حاولت تخيّل سيناريو بكلّ بيت مضيء داخل هذا الفضاء المكاني، وكنت أقرأ أفكاري على الحضور، فكان البعض يضحك ويستمتع وحتى هناك من كان يبكي، هي مدينة جميلة وللأسف لم أملك الوقت بسبب ارتباطاتي الكثيرة لزيارتها ولكن سأرجع من جديد. ❊ رغم ارتباطاتك إلا أنك أبيت إلا أن تشاركي في الذكرى الثالثة لرحيل وردة الجزائرية؟ ❊❊ سعيدة بأن أكون حاضرة في ذكرى رحيل وردة وببلدها ومسقط رأسها وحزينة في نفس الوقت، سعيدة لأنّ وردة لديها أهلها وأحبتها وأصدقاؤها الذين أحبوها واحترموها وقدّروها، فهي لا تريد أن ينسوها في القبر، وتريد دائما أن تكون حاضرة بينهم. وردة نالت التكريم وهي على قيد الحياة من أهلها وأحبّتها في الجزائر، وهذا لم يحدث في بلدي لبنان مع المبدعين والفنانين الذين أجد أنهم منسيون.. في بلدنا الدولة لا تعطي المبدع حقه، بينما أرى أن دولة الجزائر دعت كلّ المبدعين العرب وسهروا طيلة أيام وأسابيع من أجل إنجاح هذا الحدث، كما سمح التلفزيون الجزائري للمحطات الفضائية بنقل الحفل كاملا، هذا كرم لا أعرفه في بلدي لأيّ فنان ولا حتى فيروز ولا حتى صباح التي لم يحضر يوم رحيلها ولا مسؤول رفيع في السلطة. ❊ تتكلّمين بحرقة عن صباح، هل آلمك رحيلها؟ ❊❊ بالفعل، كانت صباح صديقتي ومحبوبتي، صباح الفنانة والشحرورة كانت تحب وردة أكثر من أي فنان آخر وكانت تحب كلّ الناس، كانت من الداخل تحب وردة، تحترم وردة وكانت تقول عنها «هذه ست ما فيش مثلها.. وجدعة»، رحلت صباح ولم يحضر أيّ مسؤول رفيع جنازتها، رحلت وهي لم تكرّم ببلدها. ❊ لو نعود إلى مشاريع الإعلامية نضال الأحمدية، هل تحديثنا عن جديدك؟ ❊❊ حاولنا اكتساح عالم المواقع الإلكترونية من خلال العمل على تطوير موقع خاص بمجلتي، فالإعلام الإلكتروني أصبح يصل إلى أكبر عدد من المتلقين، وصلنا إلى أكثر من 3 ملايين معجب بصفحة المجلة، واستطعت أن أحقّق المرتبة الأولى على المستوى العربي من خلال مسابقة «الواب سايت» وحقّقنا مراكز مشرفة عالميا، فمن أصل مليار موقع إلكتروني مشارك، استطعنا احتلال المركز 1700 وهذا مركز مهم جدا، أمّا الآن، فأعمل على مشروع في كتابة الدراما التلفزيونية والسينمائية، وهو خط جديد في حياتي المهنية وأردت من خلاله التنويع، وأظن أني أملك موهبة في كتابة الرواية وسأستفيد ماديا وأصبح ربما ثرية (تضحك). ❊ كيف تقيّمين المشهد الثقافي العربي في ظلّ الأزمة التي تعيشها البلدان العربية؟ ❊❊ لا أجد مشهدا ثقافيا أساسا على المستوى العربي، من هو الشاعر العربي البارز في الوقت الحالي ومن هو الروائي، ولا يوجد على الساحة حتى جزء من مشهد، نحن نفتقد إلى عمل مسرحي في المستوى، إلى عمل فني ونفتقد إلى معرض كتاب يتواجد فيه كاتب واحد محترم، كما نفتقد إلى ديوان شعري، أسألوا النقاد الذين كانوا في المجال منذ 25 سنة، فقد أصبحوا استعراضيين ويقتنون كتاب الصيدليات، المشهد الثقافي أصبح يعاني من الركود ويشهد الهزيمة ويعاني من العجز الكبير، هذا طبعا ليس بسبب «داعش» أو بسبب الإرهاب، وإنّما بسبب التراكمات.. نحن وصلنا إلى هذه الوضعية بسبب الطرق العرجاء التي اتّبعناها، أظنّ أنّه لا أحد يمكنه أن يقف في طريق شاعر، فلا أحد استطاع أن يوقف الخيام ولا أحد تمكّن من أن يوقف ابن عربي ولا أحد استطاع أن يوقف الحلاج الذي قتلوه وشنقوه، لا أحد يستطيع أن يوقف المبدع، المبدع يجب أن يتمكّن من نفسه، أين هم المبدعون؟، العالم العربي ممتلئ بالراقصات والراقصين وهنا لا أقصد برقص الخصر، فالكل يرقص مثل رقاص الساعة وبشكل أعوج وأعور ولا أحد يقبل رأي الآخر، نحن في حالة تراجع مرهبة، الكل يشتم، ولا تقبّل للرأي الآخر. ❊ ربما هي صورة سوداوية كثيرا ترسمينها عن واقع الإبداع في العالم العربي، هناك مبدعون ربما لم تتح لهم الفرصة فقط؟ ❊❊ أنا أتحدى أن يعطوني أسماء لهؤلاء المبدعين، والشعراء والمثقفين الذين لم يتمكّنوا من إيصال أصواتهم إلى القراء، وأظنّ أن المبدع الذي لم يتمكّن من إيصال صوته إلى نضال الأحمدية غير موجود لأنّني أعتبر نفسي فأرة كتب ومتابعة 24 ساعة على 24، لأنّ المبدع هو علاقة مع الجمهور، وفي زمن الفايس بوك، التويتر وغوغل، لا يوجد إعلام يظلم، فالشاعر يمكن أن يصل بنفسه إلى الجمهور وبسرعة كبيرة مثل المغني الذي يعيش أيضا مرحلة صعبة، فنجوم الطرب والفن العربي دخلوا في هذه الدوامة وبدلا من الإبداع والإنتاج، تحوّلوا إلى لجان تحكيم في برامج ترفيهية، فأن تجد راغب علامة بلجنة تحكيم مثل هذه البرامج شيء مؤسف. ❊ هناك بعض الأسماء عندنا في الجزائر خطت طريق النجاح والشهرة على غرار المرحومة آسيا جبار وأحلام مستغانمي... ❊❊ أحلام مستغانمي لبنانية، فهي لا تعترف بالجزائر.. ❊ ولكن مسقط رأسها الجزائر؟ ❊❊ من هذا المنطلق فشاكيرا لبنانية وسلمى الحايك أيضا لبنانية، أنا أتكلم عن الانتماء، متى كانت في الجزائر أحلام ولماذا لم تكن حاضرة معنا في الجزائر اليوم في ذكرى رحيل وردة أو في عاصمة الثقافة العربية؟ ولماذا لم تكتب مقالة واحدة عن وردة الجزائرية، لماذا لم تبك وردة ولو بكلمة؟ حين كنت أطالب بالجنسية اللبنانية لوردة عبر عدد من المقالات، كانت أحلام وقتها حصلت على الجنسية اللبنانية، ومع هذا لم تكتب مقالة تطالب فيها بحق تجنيس وردة، أظن أن آخر أعمال أحلام مستغانمي فشلت بلبنان وعملها ما قبل الأخير كان صيدلية، مستغانمي فقدت بريقها بلبنان، فهي مثل الفنان كاظم الساهر حققت قفزة سريعة ثم هوت.. أنا غير متأكّدة ولكن أظنّ أنّها لم تؤسّس لنفسها كما يجب وهذا رأيي واعتقادي ويقبل النقد، كما أنّها عادت الجميع وأصبحت تخاصم الجميع من منطلق أنّ هناك من يريد أن يسرق أعمالها وهناك من يريد أن يعتدي عليها وهناك من يريد أن يترصد لها وغيرها، ما أثّر على محيطها وارتفعت حالة الأنانية عندها ودخلت حتى في حالة مرضية وأصبحت لا تريد الحديث الإعلامي ولا أخذ الصور. ❊ وماذا عن لبنان؟ ❊❊ باع المثقف اللبناني نفسه وأعطيك مثالا عن ذلك مرسيل خليفة، أين هو الآن؟، ولماذا هذا الغياب؟ هل نفدت قضايا الشعب العربي؟، ماذا يقول وماذا يفعل؟..هذا الذي كان يطالب بقميص للعراة، أصبح يملك قصورا في باريس، هذا هو المبدع. ❊ أو ليس للمبدع الحق في أن يكون ثريا؟ ❊❊ ليس هذا قصدي، ولكن قصدت من أين جاء هذا الثراء، فنزار قباني كان ثريا وكان يملك على فكرة بيتا في لندن وليس قصرا، ووصل إلى هذا الثراء وكلنا نعرف من أين جاء ثراؤه ولم يدّع في حياته مرة أنّه يناضل من أجل الشعب ومن أجل فلسطين ويقول أحن إلى خبز أمي، أظن أنّ كلّ المثقفين باعوا حالهم، ولم يبق من يدافع عن حق الناس، ومن يواجه الإرهابيين الذين يقتلون الناس لأنهم لا يفعلون ما يريدون، لم نتحد حتى على صفحات التواصل الاجتماعي من أجل مواجهة التطرف الديني في الوطن العربي، هذه مسؤوليتنا وهناك حالة استسلام للمثقف، هي حالة رمادية صعبة ومشكلة، لا تعرف أين أنت في أي بقعة من السماء أو الأرض، أنت معلق ولا تعرف لماذا وكيف.