تشرع وزيرة الخارجية الأمريكية، كوندوليزا رايس، يوم غد، في زيارة تاريخية إلى ليبيا ستكون مناسبة لطي صفحة من الصراع الدبلوماسي بين طرابلسوواشنطن تكرّس بينهما منذ وصول العقيد الليبي معمر القذافي إلى سدة الحكم قبل 39 عاما. وتبدأ وزيرة الخارجية الأمريكية جولة مغاربية في أول محطة بالعاصمة الليبية ثم تونس والجزائر وتختمها بالمغرب، تتناول خلالها العلاقات الأمريكية مع مختلف هذه العواصم في محاولة لترتيب الأوراق الأمريكية في منطقة تعتبر منطقة نفوذ فرنسية بحكم العلاقات التاريخية. وعبّر ديفيد وولش مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية المكلف بشؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا عن أمله في أن تتوج زيارة رايس إلى المنطقة بنتائج طيبة وأكد بأنها دليل على نجاح السياسة الخارجية للولايات المتحدة. ولم يخف وولش الهدف من زيارة رايس إلى ليبيا، وقال إنه رغم أن هذا البلد بلد صغير من حيث عدد سكانه ولكنه غني بثرواته النفطية، دون أن يخفي رغبة ملحة لحصول شركات أمريكية على صفقات استغلال لحقول النفط الليبية. كما لم يخف المسؤول الأمريكي الأهمية التي أصبحت توليها بلاده لكل منطقة شمال إفريقيا على عدة أصعدة، تجاريا وسياسيا وحتى أمنيا في إطار الاستراتيجية الأمريكية لمحاربة الإرهاب. ورغم الأهمية التي توليها واشنطن لتطبيع علاقاتها مع طرابلس، فإن الإدارة الأمريكية لم تشأ إزالة اسم ليبيا من قائمة الدول الداعمة للإرهاب في العالم رغم حسن النوايا التي أبدتها طرابلس في تعاملها مع الدول الغربية بصفة عامة والولايات المتحدة على وجه خاص وطيّها صفحة دعم الإرهاب. وقال وولش إن ذلك لن يتم إلا إذا قدمت السلطات الليبية كل التعويضات للمتضررين من تفجير طائرة بانام الأمريكية فوق أجواء لوكيربي الأسكتلندية وطائرة "يوتا" الفرنسية فوق الأجواء النيجرية بالإضافة إلى تفجير ملهى ليلي في ألمانيا والذي تسبب في مقتل عناصر من قوات المارينز. وينتظر أن تطغى على جولة رايس المغاربية وفي جميع محطاتها مسألة محاربة الإرهاب وإعادة إثارتها لقضية إقامة قيادة عسكرية أمريكية في إفريقيا والمعروفة اختصارا باسم "أفريكوم" بزعم محاربة الإرهاب في منطقة الساحل الإفريقي وقطع الطريق أمام تنظيم القاعدة من موضع قدم في هذا الجزء من القارة الإفريقية. ورفضت كل العواصم المغاربية وحتى الإفريقية استقبال هذه القاعدة فوق أراضيها رغم التطمينات الأمريكية بأن المسعى لا يهدف إلى إنزال قوات أمريكية ضخمة في أية دولة إفريقية للعب دور الشرطي في القارة. وقد اضطرت إدارة الرئيس جورج بوش أمام هذا الرفض إلى إبقاء هذه القيادة في ألمانيا إلى غاية العثور على دولة لاستقبالها. وتبدي الدول الإفريقية مخاوف من تحوّل تلك القيادة إلى أشبه بقاعدة عسكرية ضخمة في إفريقيا غطاؤها محاربة الإرهاب، ولكن الهدف منها إعادة ترتيب الأوراق الأمريكية لفرض السيطرة في القارة وزحزحة مكانة القوى الاستعمارية السابقة وخاصة فرنسا وبريطانيا.