اتخذ مسار تعميم استعمال السجل الوطني الآلي للحالة المدنية والهادف إلى تخفيف الإجراءات البيروقراطية وإنهاء معاناة المواطن مع الوثائق الإدارية، وتيرة متسارعة في الأيام القليلة الأخيرة، مع شروع الهيئات التابعة لقطاع العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي، على غرار الصندوق الوطني للتقاعد في إعفاء المواطنين من تقديم وثائق الحالة المدنية في الملف، تزامنا مع الشروع في استخراج بطاقات تسجيل السيارات على مستوى البلديات بدلا من الدوائر، في انتظار أن يتوج المسار بإصدار بطاقة التعريف الوطنية البيومترية مطلع السنة المقبلة. فقد شرعت مصالح الصندوق الوطني للتقاعد في 2 نوفمبر الجاري في العمل بشكل فعلي بالسجل الوطني الإلكتروني للحالة المدنية، وذلك تنفيذا للاتفاق المبرم بين وزارتي العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي والداخلية والجماعات المحلية والذي يعفي المواطنين من تقديم وثائق الحالة المدنية في الملفات الإدارية المطلوبة لدى الصندوق ضمن ملف التقاعد، حيث لن يكون صاحب الطلب من الآن فصاعدا مطالبا بتقديم شهادات الميلاد والزواج والوفاة، والتي ستتكفل مصالح الصندوق الوطني للتقاعد بسحبها بشكل مباشر من السجل الوطني الآلي للحالة المدنية الذي وضعته وزارة الداخلية والجماعات المحلية تحت تصرفها. وإذ يستجيب الإجراء الذي شرع في اعتماده الصندوق الوطني للتقاعد للتعليمة رقم 292 التي وجهها إليه الوزير الأول، عبد المالك سلال في 21 سبتمبر الماضي، والمتعلقة بتخفيف الإجراءات الإدارية عبر الربط بالسجل الوطني للحالة المدنية، فهو يشكل حلقة من حلقات مسار عصرنة الإدارة بالاعتماد على هذا السجل الإلكتروني الذي أضفى على العمل الإدراي في الجزائر طابعا عصريا متطورا يرتكز على الاستغلال الأمثل لتكنولوجيات الإعلام والاتصال، حيث برمجت وزارة الداخلية والجماعات المحلية في مرحلة أولى لتعميم الاستفادة من هذه الآلية العصرية، إدخال هذه التقنية عبر 14 قطاعا ذي طابع اجتماعي، على غرار العدالة والتربية والتعليم العالي والتكوين المهني والصحة والشغل، فضلا عن الجماعات المحلية التي تعتبر الجهة الأكثر تواصلا مع المواطنين والواجهة الأولى للدولة بالنسبة للمواطن، منها يتحدد مستوى الثقة التي تجمعه بالدولة. وحرصا منها على تقوية علاقة الثقة هذه، وتجسيد برنامج القضاء على البيروقراطية الذي باشرته قبل سنوات، ووضعت لأجله آليات عمل متطورة، باشرت وزارة الداخلية والجماعات المحلية أول أمس عملية إصدار بطاقات تسجيل السيارات عبر البلديات، حيث تم إطلاق العملية الأولى على مستوى بلدية الجزائر الوسطى لتتبعها بلديات أخرى بالعاصمة قبل تعميم الإجراء على باقي بلديات الوطن. وهي العملية التي استحسنها المواطنون بشكل كبير، لا سيما أنها لن تتطلب من الوقت أكثر من ربع ساعة أو 20 دقيقة على الأكثر لتسليم البطاقة الرمادية لصاحبها. وكانت وزارة الداخلية والجماعات المحلية قد جسدت في وقت قريب عملية مماثلة تخص إصدار جوازات السفر البيومترية وبطاقات التعريف الوطنية على مستوى البلديات لتخفيف عناء التنقل على المواطنين، وثقل مدة الانتظار داخل مقرات الدوائر والتي كثيرا ما تتسبب في حالات فوضى تثير سخط المواطنين واستياءهم الشديد. ولم تقتصر تدابير تخفيف الأعباء الإدارية على المواطنين المقيمين بأرض الوطن فحسب، بل تم توسيعها لتشمل أفراد الجالية الجزائرية المقيمة بالخارج أيضا، حيث وضعت وزارة الداخلية والجماعات المحلية قيد الاستغلال المزايا التي يوفرها نظام السجل الوطني الآلي للحالة المدنية، لتمكين هؤلاء من الحصول على الوثائق المرغوبة وذلك باعتماد إجراء إصدار وإرسال وثائق الحالة المدنية بطريقة إلكترونية باستخدام الانترنت. وقد أوضحت الوزارة في بيان صادر مؤخرا أن هذه العملية تندرج في إطار الحرص الذي توليه الحكومة لتعبئة كافة الوسائل التكنولوجية، ووضعها في خدمة مختلف جوانب الحياة العمومية للمواطن والمجتمع. ويرتقب أن يتم تعميم هذا الإجراء ليستفيد منه كافة المواطنين الجزائريين، مع إصدار بطاقة التعريف الوطنية البيومترية الإلكترونية المقرر في جانفي القادم، حيث ستمكن هذه البطاقة الذكية التي ستزود بشريحة إلكترونية تحمل رقما تعريفيا لكل مواطن، صاحبها من الاستفادة من خدمات العديد من المصالح الإدارية واستخراج الوثائق المرغوب فيها بمجرد إدخال رقم تعريفه الوطني في بروتوكول نظام التسيير. وستسمح هذه التقنية المتطورة بمجرد إطلاقها في 2016 بتبسيط وتسهيل الإجراءات الإدارية بصفة معتبرة، مع تجنيب الاتصال المباشر بين الأفراد والتقليل من التنقلات وتخفيف الضغط على مصالح الحالة المدنية بالبلديات، وتقليص استعمال الورق على مستوى المؤسسات الرسمية والعمومية. واستنادا إلى تصريحات وزير الداخلية والجماعات المحلية، نور الدين بدوي خلال اجتماعه أول أمس مع أعضاء لجنة المالية والميزانية للمجلس الشعبي الوطني، فمن المقرر أن يتعزز مسار عصرنة الإدارة ومكافحة البيروقراطية خلال العام القادم بتدابير أخرى، تشمل فضلا عن إعداد بطاقة التعريف الوطنية البيومترية والإلكترونية، رفع عدد أوراق جواز السفر من 28 إلى 50 صفحة، إصدار رخصة السياقة البيومترية والإلكترونية، وكذا إنجاز مركز لقاعدة المعطيات لتقوية وتأمين البرامج وتشغيل نظام البلدية الإلكترونية الذي سيسمح بالقضاء نهائيا على عناء تنقل المواطن إلى مقرات البلدية. وتعوّل الحكومة من أجل إنجاح إجراءات عصرنة الإدارة والقضاء على البيروقراطية، على العامل البشري المطالب بالتكيّف مع التقنيات المعلوماتية المتطورة التي تم وضعها لتحسين آداء المرفق العمومي وخدمة المواطنين، وهي العملية التي تبدو صعبة التطبيق في الميدان، في ظل استمرار بعض المظاهر السلبية، التي تعود أسبابها إلى عدم التجاوب السريع لبعض المصالح والموظفين مع هذه التدابير الجديدة.