أكد وزير الشؤون المغاربية والاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية السيد عبد القادر مساهل، أمس، أن احتضان الجزائر الاجتماع السابع لدول الجوار، سيكون يوم الفاتح من ديسمبر المقبل للتنسيق والتطرق للمراحل التي وصل إليها الملف الليبي، وذلك بحضور المبعوث الأممي الجديد مارتن كوبلر. جاء ذلك خلال استضافة السيد مساهل في برنامج "ضيف الصباح" بالقناة الإذاعية الأولى؛ حيث أشار إلى أن الجزائر تتابع وتشارك في الجهود المبذولة من طرف الأممالمتحدة وبعض الشركاء ودول الجوار، وتنسّق مع الإخوة الليبيين للخروج باتفاق في ظل حل سياسي شامل للوضع في ليبيا. ويُعقد هذا الاجتماع بالتنسيق بين دول الجوار (تونس، الجزائر، مصر، السودان، تشاد، النيجر وليبيا)، وبمشاركة الاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي؛ من "أجل بحث المراحل التي وصل إليها المسار الأممي بخصوص الملف الليبي". وأكد الوزير في هذا الصدد على وجود "توافق" حول البيانات الصادرة عن كافة الاجتماعات السابقة بين دول الجوار، والتي شددت على ضرورة تسوية النزاع بالطرق السلمية والحوار، وإنشاء حكومة وطنية لحل الأزمة في إطار احترام وحدة وسيادة ليبيا وكذا مكافحة الإرهاب وتنسيق الجهود لذلك. وذكّر السيد مساهل ب "قناعة" الجزائر ب "عدم وجود بديل للحل السياسي والحوار بين الفرقاء الليبيين"، مشددا، في هذا الإطار، على ضرورة "إنشاء حكومة وطنية ذات كفاءات، توكل إليها مهمة إجراء إصلاحات واسعة في البلاد، وتسيير المرحلة الانتقالية"، معتبرا أن وجود حكومة وطنية تتحدث باسم كافة الليبيين، "سيسمح للدولة بمحاربة ظاهرة الإرهاب، التي باتت تشكل خطرا كبيرا على أمن واستقرار ليبيا ودول الجوار كافة". وجدّد الوزير، بالمناسبة، التأكيد على "مساندة الجزائر جهود الأممالمتحدة لإيجاد حل للأزمة الليبية مادامت تعمل في إطار الحل السياسي، وعلى أساس احترام سيادة ليبيا ووحدة ترابها". كما أكد في هذا السياق، التزام الجزائر بمواصلة جهودها مع المنظمة الأممية ودول الجوار من أجل حل الأزمة، مؤكدا "قناعة" بلادنا بوجود رغبة لدى الفرقاء الليبيين من أجل الوصول إلى حل سياسي للأزمة، وتأييدهم التام لوحدة التراب وسيادة الدولة الليبية. وأضاف أن الجزائر كانت سبّاقة في المطالبة بالتسوية السياسية للأزمة الليبية، على أن يكون الحل بإنشاء حكومة وطنية لتسيير مرحلة انتقالية، مشيرا في هذا الصدد إلى وجود إجماع على مستوى الأممالمتحدة وكذا من دول الجوار للحل السياسي، لاسيما مع تعيين الدبلوماسي الألماني مارتن كوبلر كمبعوث أممي جديد إلى ليبيا. وأشار وزير الشؤون المغاربية والاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية، إلى أنه تم الاستماع لكل انشغالات الأطراف الليبية، والتمست قناعة الحل السياسي عند كل الليبيين وتأييدا تاما لوحدة وسيادة ليبيا، مع ضرورة توفر إرادة لمكافحة الإرهاب الذي يتم القضاء عليه في إطار دولة قوية وقادرة. وكانت الجزائر قد حذّرت من ظاهرة تهريب الأسلحة عبر حدود ليبيا، التي جعلت منها مخزنا كبيرا للذخيرة، داعية الأممالمتحدة إلى التكفل بهذه المسألة، لاسيما أن الإرهاب والإجرام المنظم يزيدان من تفاقم الوضع الأمني في ليبيا، وفي منطقة الساحل عامةً. من جهة أخرى، أكد وزير الشؤون المغاربية والاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية بخصوص قضية الصحراء الغربية، على موقف الجزائر الثابت والدائم والمؤيد لحق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره منذ أن سجلت قضية الصحراء الغربية في 1963 لدى الأممالمتحدة ضمن قائمة الدول غير المستقلة"، وأن "الجزائر كانت، وستبقى وفية لمبادئها" المستمَدة من نضالها ضد الاستعمار. وذكر أن هذا الموقف المتمثل في حل هذا النزاع في إطار تصفية الاستعمار وحق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره، تؤكده كل لوائح وقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة ذات الصلة، بداية باللائحة 1514 حول منح الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمرة المكرسة لحق الشعوب في تقرير المصير، والتي كانت مظاهرات 11 ديسمبر 1960 التاريخية ضد الاستعمار الفرنسي في الجزائر، دافعا أساسيا لتبنّيها. وفي هذا الصدد قال ضيف الأولى إن الأمين العام للأمم المتحدة أكد في تصريحه الأسبوع المنصرم، على العودة إلى المفاوضات المباشرة بين جبهة البوليساريو والمغرب، مع إيجاد حل طبقا لكل اللوائح الصادرة عن الأممالمتحدة، سواء من الجمعية العامة أو من مجلس الأمن، التي تصر في مجملها على أن الحل يتم بتقرير المصير للشعب الصحراوي. وشدّد مساهل على أن موقف الجزائر متطابق مع الأممالمتحدة بالنسبة لتسوية قضية الصحراء الغربية؛ أي تفعيل حق الشعوب في تقرير مصيرها؛ حيث ساندت اللائحة 1514 المؤسسة لتسوية الاستعمار التي أُدرجت في ديسمبر 1960 بعد المظاهرات ضد الاستعمار في الجزائر. وبخصوص جر الجزائر كطرف في النزاع قال الوزير مساهل إن كل قرارات مجلس الأمن وكل المفاوضات التي جمعت المعنيين، كانت مباشرة تحت غطاء الأممالمتحدة ما بين جبهة البوليساريو والمملكة المغربية. وفي رده على سؤال حول حقوق الإنسان في الأراضي الصحراوية المحتلة، قال الوزير إن قضية حقوق الإنسان متابَعة من طرف متخصصين في الأممالمتحدة بالنسبة للصحراء الغربية. وإن هناك تقارير ترد من المؤسسات المخصصة للدفاع عن حقوق الإنسان بهذا الخصوص، مشيرا إلى وجود طلب لأن تكون قضية حقوق الإنسان من بين مهام بعثة الأممالمتحدة في الصحراء الغربية. إصلاح جامعة الدول العربية للتأقلم مع التحولات الراهنة على صعيد آخر، دعا السيد مساهل إلى إصلاح جامعة الدول العربية بما يسمح لها بالتأقلم مع التحولات الراهنة على مستوى العالم، ويمكّنها من لعب دور فعال في إطار الدفاع عن مصالح الأمة والشعوب العربية، سواء على المستوى الجيواستراتيجي أو السياسي أو الأمني أو الاقتصادي، مشددا على ضرورة أن تضطلع الجامعة بدور "أكثر نشاطا وتوافقا ودون انحياز لطرف على حساب طرف آخر". وذكّر الوزير بالاقتراح الذي تقدمت به الجزائر خلال احتضانها قمة جامعة الدول العربية عام 2005، لإصلاح الجامعة التي لم تعرف إصلاحا عميقا منذ تأسيسها. وبخصوص القضية الفلسطينية، جدّد السيد مساهل التأكيد على موقف الجزائر "الدائم والداعم" للشعب الفلسطيني في دفاعه عن حقوقه الشرعية. أما عن الأزمتين السورية واليمنية، فقد أكد السيد مساهل أن الجزائر طالما طالبت بحل سياسي لهما انطلاقا من قناعتها بعدم وجود بديل لذلك، واحتراما لوحدة تراب الدولتين وإرادة شعبهما". وقد أعرب الوزير عن تفاؤله إزاء التقدم الذي أحرزته مفاوضات فيينا الأخيرة حول الأزمة السورية؛ بما ينبئ، كما قال، ب "التوجه نحو حل شامل للأزمة". وفي الشأن اليمني يرى السيد مساهل أن الاجتماع المبرمج خلال الأيام المقبلة في جنيف والذي جاء بناء على قرار مجلس الأمن الدولي، ما هو إلا دليل على "وجود إرادة في المفاوضات بين اليمنيين". وفيما يتعلق بمكافحة ظاهرة الإرهاب فقد أكد الوزير على أن "مقاربة الجزائر في هذا الإطار أصبحت نموذجا عالميا (...)، وأن الجزائر حاضرة دائما عندما يتعلق الأمر بالتنسيق بين الدول ومع الأممالمتحدة".