يولي المشروع التمهيدي لمراجعة الدستور الذي كشف أول أمس عن محتواه أهمية لدور المعارضة والمجتمع المدني في الحياة السياسية والبرلمانية من خلال الضمانات الجديدة التي يكفلها الدستور والحقوق والحريات التي تسمح للمعارضة بالقيام بدورها في ظل القوانين الجديدة وعدم الاكتفاء بالممارسة الحزبية عن بعد في شكل إقصاء ذاتي من كل حركية تشهدها البلاد. كما تضمن إشراك المجتمع المدني من خلال كفاءاته الوطنية، بالشكل الذي يكرس طبيعة النظام الديمقراطي والجمهوري، الذي يرتكز على التداول الديمقراطي على السلطة عن طريق انتخابات وكذا الفصل بين السلطات. أكدت المواد المعدلة التي تضمنها المشروع، تعميق الفصل بين السلطات ومنح المعارضة البرلمانية حقوقا تمكنها من المشاركة الفعلية في البرلمان. والجديد في المشروع أنه ينص صراحة على أن الدستور يكفل "الفصل بين السلطات واستقلال العدالة والحماية القانونية ورقابة عمل السلطات العمومية. ففي الفصل الأول المتعلق بالسلطة التنفيذية، تنص المادة 70 على أن رئيس الجمهورية يجسد وحدة الأمة، وهو حامي الدستور. والجديد أن رئيس الجمهورية، حسب المادة 138 من المشروع التمهيدي للتعديل، هو ضامن استقلال السلطة القضائية. أما حصة الأسد من الحقوق، فتضمنتها المادة 99 مكرر التي تنص على تمتع المعارضة البرلمانية بحقوق تمكنها من المشاركة الفعلية في الأشغال البرلمانية وفي الحياة السياسية، لاسيما ما تعلق منها بالاستفادة من الإعانات المالية الممنوحة للمنتخبين في البرلمان، المشاركة الفعلية في الأشغال التشريعية، وكذا في مراقبة عمل الحكومة، ناهيك عن إخطار المجلس الدستوري بخصوص القوانين التي صوت عليها البرلمان والمشاركة في الدبلوماسية البرلمانية. ومن جهتها، حظيت السلطة القضائية بنصيبها من الضمانات لتكرس استقلاليتها و تحمي القاضي من كل أشكال الضغوط والتدخلات، بحيث تحظر المادة 148 أي تدخل في سير العدالة. وبدوره، يستفيد المحامي من الضمانات القانونية (المادة 151) التي تكفل له الحماية من كل أشكال الضغط. و لإضفاء شفافية ونزاهة العملية الانتخابية، وتمكين الأحزاب والمعارضة والمجتمع المدني من مراقبة الانتخابات، تم التأكيد على أن المجلس الدستوري هيئة مستقلة مهمتها السهر على احترام كل ما يتضمنه الدستور من حقوق وحريات. وفي هذا السياق، نصت المادة 170 مكرر على إحداث هيئة عليا مستقلة لمراقبة الانتخابات، تتشكل من قضاة يقترحهم المجلس الأعلى للقضاء وكفاءات مستقلة يتم اختيارهم من ضمن المجتمع المدني، بحيث توكل للهيئة العليا مهمة السهر على شفافية ونزاهة الانتخابات منذ استدعاء الهيئة الناخبة حتى إعلان النتائج المؤقتة للاقتراع. وقد أجمعت العديد من الأحزاب على أن هناك تطورا في مضامين الحقوق والحريات، وأن المشروع رفع سقف الديمقراطية عاليا، بل واعتبرها الخبير فدان وثيقة بمعايير عالمية، ويرى فيها آخرون أن مشروع التعديل تضمن مكاسب للطبقة السياسية والمجتمع، في حين ذهبت الأحزاب المعارضة كعادتها إلى التقليل من ذلك رغم اعترافها بالايجابيات التي تحققت.