استحسن المواطنون فتح مكاتب ومراكز البريد خلال السهرة، كونها أزالت عنهم عناء الزحمة خلال النهار وما يترتب عن ذلك من متاعب وشجارات وقلق، وتدّب منذ ال13 سبتمبر الجاري حركة دؤوب بالمؤسسات المذكورة صنعها توافد عدد هائل من المواطنين الراغبين في سحب أموالهم، مما جعل الاكتظاظ يخف بشكل طفيف خلال فترات العمل العادية. ولم يخف بعض المواطنين العاصميين أنهم صاروا يغادرون شبابيك البريد عندما يجدونها مكتظة نهارا، لأنهم يقصدونها خلال السهرة، خاصة أولئك الذين يتأثرون بالصيام ولا يستطيعون مقاومة الوقوف في طوابير منهكة للقوى ومثيرة للأعصاب، وبرأي أحد المواطنين فإن أغلب الوافدين نحو البريد ليلا من فئة الكهول والمسنين الذين تنفسوا الصعداء وأثلجت المبادرة صدورهم خاصة المصابين بالأمراض المزمنة كالروماتيزم، الربو.. وغيرها ويأملون أن تبقى هذه المبادرة "سنة مؤكدة" خلال الشهر الفضيل. ويظهر من خلال تصرفات الزبائن ومستخدمي البريد خلال الليل أنه أكثر هدوء وسكينة ويفسر بعض من وجدناهم ببريد برج الكيفان ذلك بكون المواطنين يستعيدون توازنهم الغذائي والعصبي بعد الإفطار، ولا يبقى هناك مبرر للنرفزة والقلق، وهو ما لاحظناه فعلا بالبريد المذكور إذ تحولت الأروقة الى أماكن للسهر وتجاذب أطراف الحديث، فهناك من الشباب من رأيناهم يحملون أكواب القهوة ويقفون في طوابير أو يراقبون أصدقائهم وهم يتحدثون ويقهقهون، بينما لا نرى هذا المشهد نهارا خاصة خلال الظهيرة. وللسهر على راحة وأمن المواطنين تقوم مصالح الأمن بتنظيم حركة المرور بالقرب من مراكز البريد ومراقبة الأشخاص، وترصد حركات اللصوص الذين يتسللون الى مثل هذه المرافق في جنح الظلام للانقضاض على أغراض المواطنين.