حملت "المساء" انشغال المواطنين وشكّهم في أن ما يحدث من شح في السماء والجفاف الذي بات يهدد الأرض والشرب سببه غضب الله تعالى من خطايا الناس وغرقهم في الذنوب والمعاصي، حيث طرحت السؤال التالي على الإمام موسى مزروق قائلة: "في حديثنا إلى المواطنين، بلغنا من كبار السن أننا معاقَبون بسبب غضب الله علينا، وفي استماعنا إلى خطب الجمعة فهمنا أن شح الأثرياء وعدم إخراجهم الزكاة سبب فيما نحن فيه من الجفاف، فما هو رأي الدين في الظاهرة؟ رد الإمام موسى مرزوق قائلا: "ما يصيب الإنسان إلا مما كسبت يداه، مصداقا لقوله تعالى: "ظَهَرَ الفَسَادُ فِي البَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ" (الروم:41)، فما يحدث من جفاف وقحط له أسباب مردها ما يفعله الناس من الذنوب والمعاصي، وهي إشارة من الله تعالى للرجوع إليه، فلو أن الإنسان انحرف ولم يجد من ينير له الطريق لضاع، لكن رحمة الله تعالى اقتضت أن ينبه الإنسان، ويقدّر له مراجعة نفسه، ليعرف أنه بدأ يحيد عن الصواب وانحرف لقوله تعالى: "لعلهم يرجعون"، فهذا الجفاف من العلامات التي تطالبنا بالرجوع إلى بارئنا. وواصل محدثنا قائلا: "الاستغفار مفتاح الخيرات والبركات، فالله تعالى يأمر الناس بالاستغفار بنية خالصة وإيمان قوي، مرغّبا في التوبة والرجوع إليه؛ فقد جاء رجل إلى الحسن البصري فقال له: "إن السماء لم تمطر!"، فقال له: "استغفر الله"، ثم جاء رجل آخر فقال له: "أشكو الفقر!"، فقال: "استغفر الله"، ثم جاء ثالث فقال له: "امرأتي عاقر لا تلد!"، فقال له: "استغفر الله"، ثم جاء رابع فقال له: "أجدبت الأرض فلم تنبت!"، فقال له: "استغفر الله"، فقال الحاضرون للحسن البصرى: "عجبنا لك، أو كلما جاءك شاك قلت له استغفر الله؟!"، فقال لهم: "ما قلت شيئا من عندي، وقرأ قوله تعالى: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا) نوح الآية 10، ومنه يتضح جليا أنه علينا التضرع بخالص الدعاء والإكثار من الاستغفار.