يروى عن الحسن البصري أن رجلاً شكا إليه الجدوبة فقال له استغفر الله، وشكا آخر إليه الفقر فقال له استغفر الله، وشكا إليه آخر جفاف بستانه فقال له استغفر الله، وقال له آخر ادع الله يرزقني ولداً فقال له استغفر الله، فقيل له في ذلك، فقال: ما قلت من عندي شيئاً إن الله يقول في سورة نوح {فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفاراً يرسل السماء عليكم مدراراً ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهاراً} نوح10-12. وفي أيسر التفاسير للشيخ أبو بكر جابر الجزائري قال من هداية هذه الآية: استنبط بعض الصالحين من هذه الآية أن من كانت له رغبة في مال أو ولد فليكثر من الاستغفار الليل والنهار ولا يمل، يعطه الله - تعالى -مراده من المال والولد. كذلك مما قرأت عن شيخ الإسلام أنه كان عندما تصعب عليه مسألة يستغفر أكثر من ألف مرة حتى ينفتح الباب وتسهل عليه المسألة. كذلك في منتدى آخر قالت أخت إنها كانت قد انتهت من الدراسة وتبحث عن عمل، فتقول جلست أستغفر وأذكر الله بعد صلاة الفجر ربع ساعة أو ثلث ساعة، ثم تقول: بعد شهرين حصلت على عمل. وكذلك رجل كان عنده قضية سياسية وأدخل السجن في بلد عربي، ثم يقول وأنا في السجن جلست أستغفر الله ليل نهار، قد كان الحكم شهورا كثيرة، ثم فقط بعد ثلاثة أشهر وأنا أستغفر أفرج عني، وليس فقط هذا، بل طلبني أحد الأخيار والأثرياء وأعطاني مالا معتبرا، كان حالي سيئا فليس لدي مال وقد فرج الله علي. وكذلك رجل وامرأة لا ينجبون وذهبوا المستشفيات وإلى الخارج للبحث عن العلاج، ثم عندما رجعوا التقوا بشيخ وقال لهم: عليكم بالاستغفار بعد السحر، أكثروا من الاستغفار، ثم بعد شهر جاءهم الفرج وحملت زوجته. ولقائل أن يتساءل، ما الحكمة في الاستغفار؟؟ فإنه ما يُصيب الإنسان من عقوبات ومصائب هي بسبب ذنوبه قال - تعالى -: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ}. وفي الحديث عنه - عليه الصلاة والسلام -: (لا يصيب عبداً نكبة فما فوقها أو دونها إلا بِذَنْب، وما يعفو الله عنه أكثر). رواه الترمذي. قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: (والذنوب سبب للضرّ، والاستغفار يُزيل أسبابه). وقال: فإن العذاب إنما يكون على الذنوب، والاستغفار يُوجِب مغفرة الذنوب التي هي سبب العذاب، فيندفع العذاب. وقال - رحمه الله -: (والاستغفار من أكبر الحسنات، وبابه واسع، فمن أحسّ بتقصير في قوله أو عمله أو حاله أو رزقه أو تَقَلّب قَلْبٍ، فعليه بالتوحيد والاستغفار، ففيهما الشفاء إذا كانا بصدق وإخلاص. وكذلك إذا وجد العبد تقصيرا في حقوق القرابة والأهل والأولاد والجيران والإخوان فعليه بالدعاء لهم والاستغفار. وقال: (قوام الدين بالتوحيد والاستغفار). وقال: (فالعبد دائما بين نعمة من الله يحتاج فيها إلى شكر، وذَنْبٌ منه يحتاج فيه إلى الاستغفار، وكل من هذين من الأمور اللازمة للعبد دائما، فإنه لا يزال يتقلب في نعم الله وآلائه ولا يزال محتاجا إلى التوبة والاستغفار، ولهذا كان سيد آدم وإمام المتقين محمد صلى الله عليه وسلم يستغفر في جميع الأحوال). اه. فإن الإنسان إنما يُصاب بالمصائب، وتقع له الحوادث والكوارث غالباً بسبب ذنوبه، والاستغفار يُزيل أسباب العقوبات. كما أنه سبب في البركة، فإنما تذهب البركة أو تنقص بسبب الذنوب، والاستغفار يدفع تلك الأسباب التي من شأنها إنقاص البركة أو إذهابها. وكذلك بالنسبة للظُّلْم، فإنه يَقع بسبب ذنوب المظلوم. قال ابن القيم - رحمه الله -: (اقتضت حكمة الله العزيز الحكيم أن يأكل الظالم الباغي ويتمتع في خفارة ذنوب المظلوم المبغي عليه، فذنوبه من أعظم أسباب الرحمة في حق ظالمه). اه. وهذا يعني أن ذنوب المظلوم صارت كالمظلّة للظالِم! * عن (منتديات الجلفة) -بتصرف-