استعرضت الفنانة سعاد سبكي، في ندوة صحفية عقدتها أمس بالمسرح الوطني، تفاصيل عملها الجديد المتمثل في مسرحية موجّهة للجمهور الصغير بعنوان "قرية الأمان"، تتناول في أسلوب فني بسيط قيم الخير والوفاء والوقوف صفا في وجه العدوانية، وكانت المناسبة فرصة تحدّثت فيها الفنانة عن واقع المسرح الصغير في بلادنا وعن تجربتها في هذا النوع. أشارت السيدة سبكي، مخرجة العرض، إلى أنّ "قرية الأمان" تجربة جميلة تضاف لمسيرتها في إخراج الأعمال الموجّهة للجمهور الصغير الذي –حسبها- لم يحظ لحدّ الساعة بالرعاية الفنية المطلوبة، مرجعة ذلك إلى عدة أسباب منها صعوبة هذه الأعمال وقلة الاهتمام، موضحة أنّ بداياتها كانت في مسرح الطفل وكانت دوما تلحظ مدى التفريق غير المنطقي بين مسرح الكبار ومسرح الصغار إلى أن جاءت الفرصة مع جمعية "امحمد اليزيد" ثم مع الراحل بن قطاف في مسرحية نالت الإعجاب وكانت بمثابة دخول المسرح الوطني إلى المسرح الصغير في "المعلم الفاضل". وهنا تشير سبكي إلى أنها اكتشفت الإخراج وبالتالي أصبحت بهذه التجارب تجلس أرضا بعد كل عرض وتناقش الصغار الذين كانوا أهم ناقد، مؤكّدة في كلّ مرة أنّ الممثل هو الركن المتين للعرض فإذا لم يكن صادقا لم يقتنع به الصغار حتى لو كان مستوى البهرجة عاليا من حيث الألوان واللباس. بالنسبة للمسرحية فهي قصة خيالية بسيطة لكنها ذات جوهر ثمين، تروي قصة سكان قرية يعشقون الطبيعة وسحرها الذي يفتنهم لذلك سخّروا أنفسهم لخدمتها، ويتجسّد هذا الجمال والرقي والصفاء في حبّ الخير بين هؤلاء، لكن للأسف يتربّص الشر كعادته لكلّ جميل وهناك وراء الجبل المحاذي للقرية بالغابة السوداء (الغابة الكحلة) يسكن شخص شرير يظهر في يوم صيفي حار، حينما يجفّ البئر ليدخل قرية الأمان وينبهر بها ليبدأ الصراع بينها وبين السكان فيحاول خداعهم بمكره كي ينال من رغد العيش الذين يتمتعون به.. إنّه صراع من أجل البقاء، لمن ينتصر الخير بقوته ليسود السلام والمحبة. عن المسرحية، يؤكّد مؤلّفها يزيد صحراوي أنّها من وحي خياله الخصب وتنصهر فيها كلّ تجاربه الخاصة بالمسرح الصغير، وأشار إلى أنّه احترم فيها ذكاء الطفل وقدّم كلّ ما يجلبه، مبتعدا في ذلك عن الأسلوب الخطابي والوعظ المباشر وكذا لغة الشارع الذي هو ضدّ استعمالها في اللغة المسرحية، وهنا أضاف قائلا "لقد أصبح الجمهور الصغير عرضة لأعمال غير راقية لا تحترم متطلباته وذوقه وعقله". من جهة أخرى، تمّ التأكيد على أنّ هذا الجمهور قد يكل ويمل من العرض علما أنه لا يتجاوز الساعة فلغة الكلام وحدها تسبب له الضجر لذلك تم تطعيم العرض بمجموعة من الرقصات والأغاني التي كتبها المؤلف مع هامش من الترفيه والتصفيق، وأكّدت المخرجة أيضا أنّه تمّ استقبال تلاميذ المدارس في التدريبات واستمعت رفقة الممثلين لتساؤلاتهم، كما اقترحت على المؤلف أن يكون دور الراوي غير مباشر لذلك أقحمته في العرض ليبدو كالطيف. حضر الندوة أيضا السيد السعيد بن سلمى رئيس الدائرة الفنية بالمسرح الوطني، الذي أشار إلى أنّ هذه المؤسسة العريقة لديها مشروع خاص بمسرح الطفل لموسم 2016-2017 وسيكون من ضمن مؤطريه مختصون نفسانيون لكنه لم يعلن عن تفاصيل هذا البرنامج، وأكّد على نقص الإمكانيات التي ستحد من جولة هذا العرض عبر الولايات، كما أن هناك مشكل آخر وهو قوة الدعاية التي تتطلب ميزانيات خاصة. للتذكير فإن العرض الشرفي سيكون غدا على الثانية والنصف زوالا بالمسرح الوطني وسيمتد أيام 22 و23 و26 جانفي الجاري.