سطّر المتحف العمومي البحري لشهر التراث عددا من الفعاليات والنشاطات في محاولة منه لتعزيز مكانة الوسط البحري لدى المجتمع، ليس فقط كونه فضاء ترفيهيا فحسب، بل يتعداه ليشكل حاضنة تاريخية، ومجالا تراثيا يمتلك الخصوصية والثراء بالنظر إلى محاوره وتفرعاته المشكلة لسوق استثماري مثالي، وقاعدة تموينية تساهم بشكل فعال في تعزيز الإرادات كصنف من أصناف الدخل القومي، وذلك تحت ضوء تبني الاستراتيجيات و المخططات الإدماجية، ومناهج التسيير العقلاني للموارد، تكريسا للشعار الذي يرفعه هذا العام شهر التراث "التراث كقيمة اقتصادية". في هذا السياق، ينظم المتحف عددا من المواعيد بقصر "رياس البحر" على غرار الزيارات والمحاضرات الموجهة لفائدة الكشافة الإسلامية، إلى غاية 18 ماي، علاوة على تنظيم ورشة لصناعة نماذج من البواخر التاريخية للبحرية الجزائرية من 24 أفريل الجاري إلى غاية 30 منه، كما سيتم في الخامس ماي الداخل تنظيم يوم إعلامي حول "دور التراث الثقافي البحري في تنمية المجال السياحي، لينتقل المتحف في الثاني عشر ماي إلى مدينة سكيكدة التي ستحتضن إلى غاية الثامن عشر ماي المقبل أسبوع التراث الثقافي البحري بدار الثقافة "محمد سراج". وتندرج هذه النشاطات والفعاليات في مساعي المتحف البحري الذي تبنى الاستراتيجيات الخاصة بتنمية مستدامة تشمل الاستثمار في التراث الثقافي البحري، والتي تساهم بشكل أكيد في نشر الوعي والتوعية بأهمية التراث الثقافي خاصة مع ضرورة إشراك المجتمعات المحلية في قضايا إدارة التراث على اعتبار علاقتها المباشرة بهذا الرصيد، وتشكيل نسق تكاملي ومخططات متداخلة تندمج فيها التنمية الثقافية مع التنمية البشرية والاقتصادية، ليكون استغلال التراث الثقافي البحري كمورد حيوي، حسب القائمين على هذه المؤسسة المتحفية، مبنيا على الحرص والمحافظة على مضامينه وأبجدياته، كما أن هذا التكامل الذي وفقه سيشكل التراث ثروة قومية، يساهم بشكل أكيد وبفعالية في تكريس مستوى أرفع من الوعي المجتمعي على ضوء المداخيل المرجوة، والفائدة المطلوبة. وهو الأمر الذي يعمل المتحف العمومي الوطني البحري في هذا السياق على تحقيقه من خلال رسالاته التعليمية والثقافية والإنسانية، ترسيخا للقيم والعادات النبيلة، وتفعيل قيم الولاء والانتماء والارتقاء بالوعي العام لدى المواطن المقيم والزائر، والعمل على تنمية قدرات الأفراد الإبداعية والفكرية ولاسيما في مجالات الحفاظ على الشواهد والمقتنيات وإبراز الأبعاد الحضارية للجمهورية بتوظيف واعتماد أفضل الممارسات والمعايير المتبعة في مجالات العلوم وتقديم الرؤية والقيادة المنشودة نحو استغلال رشيد للموارد الثقافية. ويصرّ المتحف البحري في أفق التزاماته في هذا السياق، على تشجيع وتعزيز المبادرات من جانب الشركات ومؤسسات القطاع الخاص في خلق شراكة حقيقية مستدامة بين القطاعين الخاص والعام، بهدف دعم المشاريع الثقافية والسياحية في الوطن خاصة وما تزخر به المنظومة الثقافية في إقليمها الساحلي من ثراء وتنوع يشكل سلعة مثالية للترويج والتسويق، وجعلها ركنًا من أركان التنمية الاقتصادية والاجتماعية ودفعا نحو تطوير القطاع السياحي كقاعدة للتنوع الاقتصادي، وبنجاح هذه الشراكة سوف تضع الجزائر نفسها وبشكل فعلي على خارطة الدول التي خطت خطوة نوعية نحو استحداث اقتصاد بديل، يحافظ على صلابة المنظومة، خاصة وأن ما يعرف عن الجزائر تميزها بما تمتلكه من إرث ثقافي ومقومات حضارية وتاريخية.