أكد رئيس المجلس الشعبي الوطني محمد العربي ولد خليفة أمس الأربعاء بأن تمرير مشاريع القوانين الأخيرة المعروضة على الغرفة السفلى للبرلمان لم يكن "بصفة استعجالية"، مؤكدا على أنها استوفت حقها في الدراسة والنقاش قبل التصويت عليها. وأشار ولد خليفة في حوار ل "وأج" عشية اختتام الدورة الربيعية للبرلمان، إلى أن الطابع الاستعجالي منصوص عليه فعلا في النظام الداخلي للمجلس، والحكومة لها الحق في طلب الاستعجال في تقديم مشاريع القوانين في حال وجود آجال معينة أو عندما تكون هناك ضرورة لذلك، غير أن "القوانين التي تم عرضها مؤخرا لا تندرج في هذه الخانة". وأكد رئيس المجلس في هذا الاطار، أن هذه النصوص القانونية الهامة على غرار قانون الانتخابات والقانون المتعلق بالهيئة المستقلة لمراقبة الانتخابات وحتى القانون الأساسي للمستخدمين العسكريين والقانون الأساسي لضباط الاحتياط، قد تطلبت دراستها أكثر من شهر، بحيث كانت هناك جلسات مطولة "استمر بعضها على مستوى اللجان إلى غاية الصبح"، فضلا عن تزامن مرورها بالمجلس مع شهر رمضان المعظم. وعلى صعيد آخر يتعلق بقانون الانتخابات الذي كان بدوره أيضا محل انتقاد حاد من قبل المعارضة، فقد شدد رئيس المجلس على أنه جاء "ليعطي مصداقية أكبر للأحزاب"، مشبها اشتراط نسبة 4 بالمائة من الأصوات في الانتخابات السابقة من أجل قبول ملف الترشح بأي امتحان عادي يشترط فيه معدل معين. وفي سياق ذي صلة، تطرق السيد ولد خليفة إلى الجدل الكبير الذي دار حول الأحكام التي تضمنهما القانونان الأساسيان للمستخدمين العسكريين و ضباط الاحتياط والمندرجة في خانة واجب التحفظ إلى "عدم فهم المنتقدين لها للمغزى الحقيقي من وراءها". وقال في هذا الصدد بأن :"واجب التحفظ موجود في كل المؤسسات الحساسة في الدولة وعلى رأسها المؤسسة العسكرية وهو ما يعد "أمرا طبيعيا...". مضيفا بأنه "لا يمكن أن نتصور أن يقوم من يعمل في إطار أمني حساس بعد خروجه إلى التقاعد بإفشاء الأسرار أو التعبير عن مواقف مضادة للمصلحة العليا للبلاد". الدورة الربيعية كانت استثنائية بكل المقاييس ومن جهة أخرى، اعتبر رئيس المجلس بأن الدورة الربيعية للبرلمان كانت "استثنائية بكل المقاييس" لتميزها بالتصويت على قوانين أسست ل"انطلاقة جديدة لجمهورية تتوفر فيها كل شروط التعددية السياسية وحرية التعبير" وعلى رأسها التعديل الدستوري. مثمنا مشاريع القوانين التي عرضت أمام المجلس وأهميتها في المسار الديمقراطي في الجزائر. وقال بهذا الخصوص أن هذه الدورة تعد "استتثنائية" لكونها جاءت بدستور جديد وضع قواعد "متينة" للممارسة الديمقراطية مع توسيع دور المؤسسات التشريعية من أجل إسماع صوت الشعب تحت قبة البرلمان. ويرى رئيس الغرفة السفلى للبرلمان أن الجزائر "تجاوزت اليوم مرحلة التمرين على الديمقراطية"، وهو المسار الذي توج بتعديل القانون الأسمى للبلاد بعد سلسلة طويلة من الإصلاحات التي بادر بها رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، "حرصا منه على ‘'سلامة البلاد وجعل الشعب مركز الثقل في كل القرارات التي يتم اتخاذها. مجال أوسع للمعارضة في المرحلة البرلمانية المقبلة وعلى صعيد آخر، تطرق السيد ولد خليفة إلى التغيير الذي طرأ على طريقة عمل البرلمان في المجال التشريعي بمقتضى التعديل الدستوري الأخير والمتعلق باعتماد دورة واحدة تدوم عشرة أشهر على الأقل بدل نظام الدورتين. كما ستتميز المرحلة البرلمانية المقبلة —حسب ما أكده — ب"إفساح مجال أوسع وتكريس حضور أكبر للمعارضة التي مكنها الدستور المعدل من مكتسبات جديدة في العمل البرلماني" على غرار المشاركة في برمجة الجلسات وغيرها. وحول الانتخابات التشريعية المقبلة والرهانات التي تنطوي عليها خاصة بالنظر إلى الوضع الذي تمر به الجزائر، يرى السيد ولد خليفة بأن هذه الاستحقاقات "ستسمح بإضفاء وضوح أكبر على معالم الساحة السياسية الوطنية"، من خلال "الإبقاء على الأحزاب التي تتوفر على المصداقية وتتمتع بقاعدة شعبية". وحول ظاهرة الغيابات المتكررة لنواب المجلس الشعبي الوطني والتي أدت مؤخرا إلى تأجيل جلسة التصويت على عدد من القوانين نتيجة عدم اكتمال النصاب القانوني، أكد السيد ولد خليفة أن "هذه المسألة متعلقة في المقام الأول بضمير النائب"، فضلا عن أن "غيابه قد يكون في بعض الحالات لأسباب تتعلق بالتزاماته على المستوى المحلي تحول دون حضوره للجلسات". وبخصوص برمجة الأسئلة الشفوية التي يتجاوزها الزمن في الكثير من الأحيان، فقد أرجع المتحدث هذا التأخير إلى الالتزامات الكثيرة للحكومة وكذا النواب. غير أنه وعلى الرغم من هذا التأخر فإن المكتب سجل في آخر اجتماع له استيفاء كل الأسئلة الشفوية المبرمجة، يؤكد رئيس المجلس الشعبي الوطني. الدور الرقابي يحده ضوابط متعلقة بمبدأ الفصل بين السلطات وأقر ريس المجلس الشعبي الوطني في السياق، أن آليات الرقابة البرلمانية "موجودة فعلا"، إلا أنها تظل محكومة بالعديد من الضوابط المندرجة ضمن مبدأ الفصل بين السلطات. غير أن هناك حقائق قد لا تكون معلومة لدى الجميع، تحد من مجال عملها". ويأتي تأكيد السيد ولد خليفة في معرض رده على سؤال يتعلق بتراجع الدور الرقابي للبرلمان وتحول المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة إلى "مجرد غرف للتصويت"، على حد قول أحزاب المعارضة التي ترى بأن آليات الرقابة المكرسة سواء لجان التحقيق أو مساءلة الحكومة قد "أفرغت من محتواها"، وهي الآراء التي يقول عنها بأنها "عارية عن الصحة". كما أضاف في ذات الصدد: "بالفعل كان هناك خلال السنوات الثلاثة الماضية، عدد كبير من القضايا التي استدعت فتح تحقيق، حيث طالب نواب منتمون إلى عدة أحزاب بالتحرك من خلال اللجان، غير أن وجود هذه الملفات بيد العدالة حال دون ذلك من منطلق مبدأ الفصل بين السلطات". أما فيما يتعلق بمساءلة الحكومة، فقد ذكر السيد ولد خليفة بأن هذه الآلية سيتم تفعيلها من خلال إلزام الوزير الأول بعرض بيان السياسية العامة للحكومة أمام غرفتي البرلمان سنويا وهذا بمقتضى الدستور المعدل.