يُعدّ شاطئ قرباز الخلاب الذي يقع وسط منطقة رطبة ذات أهمية دولية مصنفة ضمن اتفاقية رامسار وذلك ببلدية جندل (شرق سكيكدة)، أحد المواقع النادرة والمميّزة للساحل الجزائري؛ حيث تتوفّر على البحر والطبيعة العذراء. ويشهد هذا الشاطئ كلّ سنة حركة دؤوبة من طرف المصطافين المتوافدين عليه من مختلف مناطق البلاد، وتحديدا من ولايات قالمة وقسنطينة وأم البواقي، خصوصا بعد تعبيد الطريق المؤدي إليه الذي يتوسط غطاء نباتيا متنوعا وكثيفا. للوصول إلى شاطئ قرباز يوجد طريقان، الأوّل عبر بلدية جندل بدائرة عزابة، وهو طريق سهل يتوسّط المنطقة الرطبة قرباز- صنهاجة، والثاني عبر بلدية فلفلة (شرق سكيكدة)، حيث يضطر السائقون إلى عبور منطقة جبلية وعرة ومليئة بالمنعرجات. يُعدّ عبور الطريق الجبلي المؤدي إلى شاطئ قرباز انطلاقا من أعالي منطقة العاليا ببلدية فلفلة، مسلكا صعبا ومتعبا لأيّ سائق بسبب المنعرجات والمنحدرات، وكذا لضيق الطريق؛ حيث يحتاج إلى الكثير من التركيز عند عبور سيارتين في اتجاهين معاكسين في نفس الوقت. ويجد أغلب أصحاب المركبات صعوبة في اجتيازه، إلاّ أنّ رونق الطبيعة العذراء والجمال البري للمواقع المحيطة به، يزيل عنهم كلّ تعب وينسيهم كلّ مشقة. مقصد سياحي غابي بامتياز لمن يريد تغيير وجهته السياحية خلال موسم الاصطياف من البحر إلى الغابة، فإنّ المنطقة الرطبة قرباز - صنهاجة ستكون مقصدا سياحيا بامتياز له، فهذا الموقع الذي يتوسّط بلديتي بن عزوز وجندل محمد سعدي، يُعدّ من بين أهم وأجمل المناطق الرطبة على المستوى العالمي، إذ تتربّع على مساحة إجمالية ب 42100 هكتار، وهي مصنّفة ضمن المناطق العالمية المحمية طبقا للمادة 21 من اتفاقية رامسار الدولية، وهي ممتدة عبر بلديات ابن عزوز والمرسى وجندل بولاية سكيكدة إلى غاية بلدية برحال بولاية عنابة. كلّ من يزور هذه المنطقة الرطبة ينبهر بجمالها، فهي تضم 9 بحيرات في غاية الروعة تتربع على 2580 هكتارا، وتمتاز بطابعها البيئي الخاص، سواء تعلّق الأمر بطبيعة غاباتها المحيطة بها أو بنوعية النباتات الممتدة على طول هذه البحيرات من الجانبين. وما زادها سحرا وجمالا تلك البحيرات؛ مما جعلها ملجأ وعلى مدار الفصول الأربعة، لمختلف أصناف الطيور المهاجرة والنادرة في العالم؛ ما أضفى على المنطقة جمالا خاصا. 200 صنف من الطيور تبهر من يراها يعيش بمنطقة صنهاجة - قرباز ما يقارب 230 صنفا من الطيور، 140 صنفا منها تعيش في المناطق الرطبة، وهي في الأصل طيور نادرة جدا، على غرار النعام الوردي والكركي وأبي الساق الأبيض والبلشون الأرجواني والهدهد والنورس التي تسحر كلّ من يراها. وقد أحصت محافظة الغابات بولاية سكيكدة خلال سنة 2015، ما تعداده 11185 طيرا مهاجرا بالمنطقة الرطبة قرباز صنهاجة، حسبما أكد المكلف بالتنوع البيولوجي بدار البيئة "دنيا" لولاية سكيكدة. وأوضح بدر الدين سويسي أنّ هذا العدد في تحسّن، خصوصا أنّه تمّ إحصاء سنة 2014 ما لا يقل عن 7726 طيرا مهاجرا بنفس المنطقة الرطبة، مرجعا هذه الزيادة إلى عدة عوامل، أهمها المجهودات التي تقوم بها محافظة الغابات، على غرار الدوريات المستمرة لتفادي الصيد العشوائي لهذه الطيور، فضلا عن مراقبة النشاط الصناعي. جمعيات تدق ناقوس الخطر رغم كونها منطقة رطبة مصنفة عالميا إلا أن غطاءها النباتي يظل عرضة باستمرار لاعتداءات مختلفة منذ عدة سنوات؛ ما جعل جمعيات كثيرة مختصة في مجال البيئة والطاقات المتجددة، تدق ناقوس الخطر، ومن بين هذه الجمعيات "بريق 21" لترقية الطاقات المتجددة والتنمية المستدامة لسكيكدة، التي تدعو باستمرار إلى ضرورة حماية المنطقة الرطبة قرباز - صنهاجة من هذه الاعتداءات؛ حيث أفاد رئيسها محمد طبوش، بأن المنطقة الرطبة قرباز- صنهاجة تتعرض ل "إتلاف خيراتها بسبب حرائق الغابات المفتعلة في أغلب الأحيان، وكذا تعدي العديد من الفلاحين عليها من خلال قيامهم باستغلال الأراضي عن طريق قطع الأشجار بطرق عشوائية، إضافة إلى الرعي المفرط وغير المراقَب؛ ما تسبب في النقص الفادح في الغطاء النباتي بهذه المنطقة". وطالب رئيس الجمعية السلطات المعنية بإيجاد حل سريع وفعال لهذا المشكل الذي يتفاقم يوما بعد آخر؛ ما يعرّض -حسبه - الغطاء النباتي لهذه المنطقة الرطبة، للتعرية، ويتسبب في هجرة عدد كبير من الطيور جراء نفاد المخزون المائي السطحي والجوفي.