كشفت مصادر دبلوماسية خليجية، أمس الأول، ل"المساء" فيما يشبه الاعتراف أن "اجتماع النّفط" ما كان له أن ينجح لو جرى في بلد آخر غير الجزائر... وأضافت ذات المصادر "أن فعاليات المنتدى وكذا الاجتماع العادي الذي تبعه وتحوّل من اجتماع عادي إلى اجتماع استثنائي بسبب ما أضفى إليه من نتائج يمكن وصفها بالتاريخية يعتبر مرجعا أو منطلقا مؤسسا لاجتماع فيينا في نوفمبر القادم. ليس بالأمر السهل جمع 54 دولة - كما تقول ذات المصادر - وليس أمرا عاديا وممكنا في الظرف الحالي على الأقل المتوتر في أكثر من منطقة. وواصل المتحدث يقول إن مشاركة بهذا العدد لم نشهدها إلا في الاجتماعات السنوية للجمعية العامة للأمم المتحدة، وفي بعض المناسبات الأممية والدولية الأخرى. بل إن اجتماع الجزائر ما كان ليتخطى الاختلافات والتجاذبات المتباينة بين كبار منتجي النّفط وينتزع النّجاح لو لم تجر فعالياته في بلد اسمه الجزائر. بلد يحكمه الرئيس بوتفليقة والرئيس بوتفليقة تحديدا" . وأضاف بإعجاب دون أن نقلّل من حسن الاستقبال وكرم الضيافة الطبيعية والتلقائية المعهودة لدى الشعب الجزائري،، فإن ذلك لا يحجب الجهود الكبيرة التي بذلت في السر والعلن من طرف المسؤولين الجزائريين رسميا وعلى جميع المستويات الطاقوية كما لاحظنا. الجزائريون عملوا على توفير الشروط وتذليل عقبات ومسافات "التنافر" بين أطراف فرّقتها الحسابات الجيوسياسية. وإرث من التعقيدات التي أذكتها مصالح وحسابات دولية غالبها لا يصب في صالح شعوب المنطقة نفسها. لذلك كما أكدت هذه المصادر الخليجية التي أوضحت أنها متعودة على اجتماعات النّفط منذ عديد السنين، لكن هذه المرة لمسنا بصمة الرئيس بوتفليقة في الساعات الأخيرة. أي في الساعات الست للمد والجزر. تحسّسنا كما يبرز المصدر في الاجتماع المغلق بعيدا عن أعين الصحافة أن "الوزن الجزائري" بدأ يأخذ منحاه ومكانته في التأثير بأسلوب الإقناع طبعا في توجيه مجرى التفاوض الصعب نحو مخرج لم نكن نتحسّس تفاصيله في تلك اللحظة، ربما بشكل تام ونهائي، لأن الموقف لم يتبلور بالشكل المطلوب. لكن شخصيا كما يضيف المصدر كنت على اقتناع بأن المخرج بدأ يرتسم والحل بدأ يلوح في الأفق. قناعة وعلما بأن "دبلوماسية الأضواء الخافتة " هي حنكة وممارسة جزائرية بامتياز (قالها وضحك). في تلك اللحظات عندما أخذ التفاوض منحى مغايرا للانسداد والتشاؤم لمسنا بصمة الرئيس بوتفليقة، في الدفع نحو حل ما ومخرج توافقي يرضي الجميع...". وانتهت مصادر "المساء" إلى القول : "إن رئيسكم لم يكن حاضرا داخل القاعة. لكن غالبية المشاركين الفاعلين كانوا يتحسّسون ولمسوا تأثيره المباشر على سيرورة وصيرورة الأشغال والنتائج. لقد شعرنا من خلال المساعي التي قادها وزير النّفط الجزائري ونزول الحكومة بأثقالها (كما كتبتم في جريدتكم) ومستشاري الرئيس بوتفليقة، وحتى اهتمام الإعلام الجزائري غير المسبوق في تقديرنا بهذا الاجتماع... أدركنا بأنّ الجزائر عازمة ومصمّمة على بذل كل الجهود لإنجاح المنتدى. وفهمنا أن كل تلك الجهود تعكس رغبة أكيدة لبلدكم وللرئيس بوتفليقة شخصيا في أن لا ينتهي هذا التجمّع الكبير على الخير إلى فشل وهو ينعقد في بلدكم. نحن الخليجيين ندرك العزم الجزائري والقدرة على التفاوض وإدارة مثل هذه الاجتماعات. لذلك كما سلف أن أشرت في البداية كما أضافت مصادر "المساء" إن الاجتماع ما كان له أن ينجح لو انعقد في بلد غير الجزائر. قلنا ذلك لأننا في الخليج وحتى من خارج الخليج ندرك جيدا الوزن الدبلوماسي والحنكة السياسية وبعد النّظر وسداد النّظرة الاستراتيجية التي يتميّز بها الرئيس بوتفليقة، في استشراف التحولات والتوازنات العالمية. وفي إدراك تداعيات الأوضاع الدولية ومعالجة أعقد الأزمات. كنّا شبه متأكدين مسبقا من نجاح الاجتماع رغم صعوبة المهمة والتفاصيل. ورغم فترات "التشنّج" والاختلافات والتصلّب الذي شهده الاجتماع المغلق إلا أننا كنّا فعلا منحازين إلى الجهود وإلى الرغبة الجزائرية في إنجاح المسعى. لأنه في نهاية المطاف كل الدول معنية بإيجاد حل للأزمة النّفطية وانعكاساتها على اقتصادياتها وعلى الاقتصاد العالمي".