مع دخول أول محرم من كل سنة هجرية، تتحول أسواق مدينة وهران، خاصة سوق المدينة الجديدة، إلى مكان مفضل للنساء القادمات من مختلف أرجاء الولاية لشراء مستلزمات الاحتفالات بليلة عاشوراء التي لا تزال احتفالاتها وتقاليدها تصارع من أجل البقاء، رغم التطور والعصرنة. تعد اللحوم البيضاء أو لحم الدجاج من أهم متطلبات العائلات الوهرانية خلال أيام عاشوراء، حيث يشهد الإقبال عليها ارتفاعا كبيرا بهدف استعمالها في مأكولات معروفة لدى العائلات الوهرانية، على غرار «الرقاق» المسقي بالمرق والحمص، حيث تجد العائلات ضالتها في اقتناء لحم الدحاج الذي ارتفع سعره منذ أسبوع ليصل إلى حدود 300 دج للكيلوغرام الواحد، بعد أن كان يقدر ب230 دج للكيلوغرام، إذ تفضل العديد من العائلات شراء الدجاج وذبحه عند مدخل المنازل، وهي العادة التي تراجعت كثيرا بحكم تراجع كميات الدجاج الحي المعروض للبيع وارتفاع ثمنه. وقد أكد لنا أحد الباعة أن الإقبال على شراء الدجاج عرف ارتفاعا مند حلول أول يوم لشهر محرم، مما رفع ثمنه إلى حدود 1200 و1500 دج للدجاجة الواحدة أو ما يعرف ب«دجاج العرب»، فيما لا يلقى الدجاج المعروف ب«دجاج الكهرباء» والذي يتم تربيته داخل مزارع التسمين الخاصة بكميات كبيرة، إقبالا من طرف المواطنين يعرض بثمن 1000 دج للدجاجة الواحدة، وقد أكد أحد الباعة بأن التقاليد تفرض ذبح دجاج العرب، تيمنا بيوم عاشوراء. كما تقوم بعض العائلات الميسورة بذبح خروف وهي ظاهرة أكد بخصوصها أحد الأشخاص المتابعين للشؤون الثقافية بالمنطقة أنها عادة دخيلة على العائلات الوهرانية، كونها اعتادت على ذبح الدجاج. يعرف الرقاق هو الآخر إقبالا كبيرا من طرف العائلات الوهرانية، على اعتباره أحد أهم المأكولات المطلوبة لصناعة «طاجين الرقاق»، حيث تحولت الأسواق إلى أماكن لعرض هذا المنتوج التقليدي الذي يصنع من الدقيق والطحين (الفرينة) والملح، غير أن تحضيره يتطلب خبرة من طرف النساء، الأمر الذي تعجز العديد من النساء حاليا على صناعته. وقد كشفت لنا السيدة بختة، معروف عنها صناعة الرقاق، بأنها حرفة توارتثها الأجيال، غير أن بعض النساء لم يتعلمنها رغم أهميتها. كما أنها تتطلب الصبر والدقة كون العجين الخاصة بالرقاق يكون رقيقا جدا قصد الحصول على رقاقات العجين وطهيها فوق طجين خاص وعلى درجة حرارة متوسطة ووضعه في المرق. كشفت المتحدثة بأنها تقوم ببيع 10 قطع من الرقاق بمبلغ 600 دج، حيث تلقى طلبا كبيرا لا تستطيع مجابهته خلال الأيام الأخيرة، في الوقت الذي يعرض خلاله منتوج «الرقاق» بكميات كبيرة في الأسواق، ويعرف هو الآخر إقبالا من طرف بعض النساء، حيث يوضع داخل أكياس بلاستيكية أمام مداخل سوق المدينة الجديدة وسوق الأراسي لا باستي سابقا غير أن غالبية النساء يفضلن شراء «الرقاق» من النساء اللائي يصنعه في منازلهن، وقد علقت إحدى السيدات قائلة بأن «الرقاق» مادة موجهة للأكل، لذلك وجب معرفة المرأة التي تقوم بصناعته لأن المنتوج المعروض في الأسواق يكون قد حضر منذ أيام، كما يعرض في الشمس، مما يجعله في بعض الأحيان غير صالحا للأكل. تعرف الأسواق كذلك إقبالا كبيرا على بعض الخضر، على غرار الجزر، اللفت والبصل، وهي المنتجات التي ارتفعت أثمانها مؤخرا بسبب الطلب الكبير عليها، خاصة اللفت الأبيض والوردي ذو الذوق الفريد في المرق، حيث اختفى كليا من بعض الأسواق بسبب الطلب الكبير عليه. وعن كيفية تحضير هذه الأكلة الشهيرة، ذكرت لنا السيدة سعدية بأنه يتم تحضير المرق الذي يتكون أساسا من الجزر، اللفت، البصل والحمص وهي مجموعة الخضر التي تشكل توليفة المرق الذي يحضر في طاجين من الطين، ويوضع فوق «الرقاق» الذي يوزع ويقطع داخل صحن كبير ويوضع فوقه الدجاج الذي طبخ مع المرق، ليقدم ساخنا. كما يأكل باليد وهو ما يجعل طعمه خاصا جدا.