أكد عبد القادر مساهل، وزير الشؤون المغاربية والاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية، أنّ معرض الكتاب يعد فرصة للتبادل بين أفارقة الشمال والجنوب، وفي لقاء «دروب الغربة، مسارات الكتابة الهجرة في الأدب الإفريقي» الذي احتضنته قاعة «الجزائر» في إطار نشاطات «روح البناف»، بمناسبة معرض الكتاب الدولي. أوضح مساهل أهمية موضوع الهجرة في الأدب الإفريقي، خاصة لما نرى رجال الكلمة الأفارقة يعيشون الغربة، الأمر الذي يستدعي التأمّل. صرح الوزير، أول أمس، قائلا «للأسف الكُتّاب الأفارقة يهجرون إلى الغرب سعيا وراء حرية التعبير، لكنهم يصطدمون بقيود الناشرين الذين يبحثون فقط عن صور معاناة القارة فقط»، وأشار إلى أن إفريقيا تريد أن تكون شريكا في التغيير الكبير الذي يشهده العالم، واختارت صوت التحضر والتقدم نحو الأفضل. وبعد أن أكد مساهل أن الأدب الجزائري يتميز بموضوعي المقاومة والتحرر، أشار إلى أن الأفارقة كانوا ولا زالوا في مواجهة ثقافة غريبة عنهم، واليوم تتهاطل آلاف الصور السلبية عن النزوح والهجرة، مضيفا أن الرجل الإفريقي هاجر منذ القدم هروبا من الاستعمار نحو الاستقرار. هذه الحركة لعبت دورا مهما في عملية البناء، وتطور تلك الدول على عكس الغرب الذي كانت توجهه نحو الجنوب للاستعمار. تابع وزير الشؤون المغاربية والاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية يقول؛ «الهجرة الداخلية في إفريقيا تقدر ب 20 مليون شخص، لهذا فهي أكبر وأهم من تلك المتوجهة نحو الغرب»، وأردف قائلا «على القارة أن تتحرك وتفكر بمنطق التعاون، فالعالم اليوم تحول إلى تكتلات، وهذا ليس دور السياسي فقط بل الإعلامي والمثقف أيضا». من جهته، اعتبر الكاتب السينغالي مومار غي أنّ دافع الهجرة يعود إلى مشكل حرية التعبير، إضافة إلى الأسباب الاقتصادية والسياسية. أما مواطنه الباحث أبو إبراهيم ندونغ، فاعتبر أن الحضارة تبنى على مجموعة من ذكريات ومعارف الأجيال السابقة، والأدب هو سبيل الوصول إليها، وقال «نحن نخسر شبابنا في الهجرة، أسعى إلى تقاسم أفكار تنموية مع الشباب الجزائري والإفريقي.. البلدان الذكية كتركيا والصين تستهدف إفريقيا لإمكانياتها البشرية والمادية، فالقارة السمراء أرض خصبة، وأوروبا وصلت إلى مرحلة الإشباع». أما مديرة النشرة السينغالية «هيلو غيلابيرت»، فقالت بأن شباب القارة متشائم للأسف ويستهين بإمكانياته، والأمر حسبها يعتبر السبب الأول للهجرة، «فنحن نسير على أرض تحتها الذهب، وعلينا إدراك ذلك، لأن الإرث الاستعماري رسخ العكس». دعت إلى ضرورة رواية حكايتنا بأنفسنا دون البحث عن إرضاء وإعجاب الغرب، منتقدة المنظومة التربوية في أغلب دول القارة، لأنها منتجة في الغرب، وهي مفخخة وتعرقل حركة النهوض. كما تكلم الروائي الجزائري أحمد صديق الزيواني عن تجربته في كتابة رواية «كمراد» التي تناولت معضلة الهجرة، والتي اعتبرها أول عمل عربي من هذا الجنس تطرق لهذا الجانب، موضحا أن الكتابة هي لحظة وعي، وبحكم موقع مدينة أدرار التي ينتمي إليها، وباعتبارها نقطة عبور للقوافل والمهاجرين الأفارقة، أثار انتباهه، وخلص خلال تنقله بين دول إفريقيا لتقصي هوامش الهجرة، إلى أن أسباب الظاهرة هي الفقر، الحروب الأهلية، والانقلابات السياسية والأوبئة. خلصت مداخلة الصحافي الفرنسي تييري بيري، إلى أن الهجرة تدل على الألم والأدب يبنى على هذا الأخير مثلما يبنى على السعادة، إذن حسبه الهجرة حقل خصب ومغر للإبداع، مؤكدا على التفريق بين الكتاب المهاجرين والروائيين الذين يكتبون عن المهجر.