كشفت مصادر مقربة من دوائر رسمية فرنسية أمس للمساء أن الرئيس السابق نيكولا ساركوزي الذي قرر الترشح للرئاسيات الفرنسية المقبلة، أدرج الجزائر في رزنامة زياراته خلال الحملة الانتخابية في حالة تخطيه مراحل الفرز الأولى في حزبه أمام جوبي وفيون على الخصوص ومن ثمة ترشيحه. ساركوزي كما تذكر المصادر، كلف مستشاره الدبلوماسي الخاص بالتقرب من السفارة الجزائريةبباريس لرصد مدى الاستجابة لطلب «الفيزا» في حالة تقديمه لاحقا. وأضافت ذات المصادر أن الرئيس الفرنسي السابق متخوف فعلا من تحفظ السلطات الجزائرية عن تمكينه من تأشيرة قدومه للجزائر بسبب تصريحاته العدائية والمجانية السابقة ضد بلادنا. عداء نيكولا ساركوزي للجزائر وللجزائريين لم يعد يخفى على أبسط الملاحظين المحايدين. مؤسس حزب الجمهوريين لم ينس موقف الجزائر من مشروع «إتحاده المتوسطي» الذي خطط له وفصل أركانه وحدد أهدافه ثم راح يسعى لجر دول حوض المتوسط للتوقيع ؟!. وهو بالطبع ما رفضته الجزائر في دبلوماسيتها وعلى لسان الرئيس بوتفليقة شخصيا. إذ ليس مثل الجزائر من يُدفع (برفع الياء) إلى الإمضاء على مشروع أو قرار مسبقا أي دون دراسته والمشاركة في بلورته ومعرفة أهدافه وتفاصيله. عدم انضمام الجزائر إلى «اتحاد ساركوزي» جعل عديد الدول المتوسطية تتراجع وتتحفظ عن الانضمام حتى وإن كان رؤساء آخرون هللوا وصفقوا مبكرا، بل واقتسموا حتى المناصب والأدوار قبل أن ينجلي الغبار ليجدوا أنفسهم في تسلل واضح. ساركوزي حمّّل الجزائر مسؤولية فشل مشروعه. رغم أن الجزائر لها صوت واحد في حالة عرض المشروع على التصويت أوالاستفتاء. فشل المشروع أكد للرئيس الفرنسي السابق وزن الجزائر، وأن لا شيء يمكن أن يمرر في المنطقة دون إشراكها أومباركتها ودعمها، لذلك تبنى ساركوزي إستراتيجية «حرب» مباشرة على الجزائر في كل مكان وفوق كل المنابر، من تونس إلى المغرب إلى أبو ظبي .... في 22 جويلية 2015 تحامل نيكولا ساركوزي من الجارة الشرقية على بلادنا. وحمل الجزائر تدهور الوضع الأمني في تونس. اتهامات كانت تصب في إشعال الفتنة بين الشقيقين. وزرع الشكوك لتقويض كل تقارب أو إقامة شراكة أمنية بين البلدين، لكن مخططه لم ينجح. عاد في 10 ماي 2016 ليصرح بأن الجزائر تشكل تهديدا لأوروبا. وأنها بلد غير مستقر وأنها ستنهار بمجرد انهيار أسعار البترول. وأضاف بأن فرنسا وأوروبا في مواجهة تهديد كبير قادم من الجزائر على الخصوص؟!. اتهامات بالجملة لم يعللها ساركوزي ولو بدليل واحد على الأقل يثبت ما يدعيه، قبل هذه الاستفزازات، بل هذه «الشطحات» كان صرح من أبو ظبي في 19 جانفي 2016 بأن الجزائر هي سبب المشاكل ومتاعب المغرب. وحمل بلادنا «تهمة» غلق الحدود. مع أن أبسط تلميذ في مدرسة ابتدائية يعلم علم اليقين بأن غلق الحدود جاء تبعا لفرض «الفيزا» من جارنا الغربي على الجزائريين في عز الأزمة الأمنية ليقطع أي تنفس سياحي على الجزائريين في سنوات الدم والجنون، بل أكثر من ذلك سارع وزير الداخلية المغربي إدريس البصري (رحمه الله) إلى اتهام الجزائر صراحة بأنها وراء تفجيرات مراكش. قبل أن يعتذر بعد رحيل الحسن الثاني (رحمه الله) وحين أزاحه الملك محمد السادس. حين أبعد من الداخلية، صرح إدريس البصري من باريس بأن الجزائر بريئة مما نسب إليها. هذه الأخطاء من المفترض أن لا تصدر على لسان من يريد أن يقدم نفسه «زعيما» أوروبيا بامتياز. من أخطأ في تدخله العسكري على ليبيا. حلفاؤه بالأمس الذين جرهم إلى حرب لم يستشعروا عواقبها مبكرا هم اليوم يعترفون تباعا بأنهم أخطأوا التقدير وسوء العواقب من هولاند إلى أوباما إلى طوني بلير وكاميرون... لقد أخطأوا ولم يدركوا عواقب ما كانت الجزائر تحذرهم من تداعياته. إذن ما يمكن استخلاصه أن ساركوزي مطالب بالاعتذار للجزائر شعبا وسلطة قبل أن يتقدم بطلب «الفيزا»، هذا ما كشفت عنه مصادر موثوقة للمساء. المصادر أضافت أيضا بأن الجزائر تفضل البقاء على مسافة واحدة من كل المترشحين والمتنافسين يسارا ويمينا لأنه في النهاية شأن يهم الفرنسيين والفرنسيين وحدهم. فلماذا يريد ساركوزي أن ينقل حملته الانتخابية إلى بلادنا؟!. الجزائريون ليسوا معنيين بانتخاباتكم وصراعاتكم. وإذا كان ولابد، فلن يكونوا متعاطفين مع ساركوزي. ليس بسبب «عدائيته» للجزائر والجزائريين ولكن بسبب إدراكنا نحن الجزائريين بأن السياسة والدبلوماسية هي سلوكات وقناعات واستراتيجية ثابتة تبنى على بعد النظر والاستشراف، وليس مواقف تتغير بين الحين والآخر كفصول السنة.