فتحت المليشيات العربية الكردية الناشطة على الحدود السورية التركية جبهة قتال جديدة ضد تنظيم «داعش» الإرهابي في مدينة الرقة، ضمن خطة عسكرية لتفتيت الجهد العسكري لهذا التنظيم الإرهابي المنهك في مدينة الموصل، حيث يخوض أعنف المواجهات مع القوات العراقية المدعومة بطيران التحالف الدولي بقيادة الولاياتالمتحدة. وحظي تحالف القوات العربية الكردية في سوريا قبل شن هذا الهجوم بدعم القوات الأمريكية ضمن خطة عملية لاستعادة المدينة التي جعل منها التنظيم الإرهابي قبل قرابة ثلاث سنوات أول عاصمة له في سوريا. وتأتي أولى هجمات هذا التحالف تزامنا مع إقدام القوات الكردية العراقية على محاصرة المواقع الخلفية للتنظيم في مدينة الموصل ثاني أكبر المدن في العراق لمنع وصول الإمدادات إليه انطلاقا من مدينة الرقة، وكذا منع عناصره من الفرار إليها في حال اندحروا في الموصل. وأكدت مصادر قيادية للقوات العربية الكردية أن المعركة الكبرى لتحرير الرقة قد بدأت وأن وحداتها أصبحت على بعد 50 كلم فقط من قلب هذه المدينة التي شكلت النواة الأولى لميلاد «داعش» بفضل موقعها الاستراتيجي على الحدود التركية التي مكنتها من تعزيز صفوفها وخزائن أموالها بفضل النفط السوري المهرب إلى الخارج. وقرر تحالف المليشيات العربية الكردية شن أولى هجماته بعد توصله إلى اتفاق مع التحالف الدولي ضد التنظيم الإرهابي بقيادة الولاياتالمتحدة لمنع القوات التركية من المشاركة في هذه المعارك. وجاء الإعلان عن هذا الاتفاق في نفس اليوم الذي وصل فيه قائد هيئة أركان الجيوش الأمريكية الجنرال جوزيف دانفورد، إلى أنقرة في زيارة لم يتم الإعلان عنها من قبل حيث التقى بنظيره التركي حالوسو اكار. وجاء هذا الاتفاق عكس تصريحات الرئيس التركي طيب رجب اردوغان، الذي أصر في السابع والعشرين من الشهر الماضي، على مشاركة جيش بلاده في العمليات العسكرية في شمال سوريا وتوسيع نطاقها إلى غاية مدينة الرقة عاصمة التنظيم الإرهابي في سوريا. وهو الإصرار الذي أبداه بخصوص معارك مدينة الموصل العراقية عندما رفض الانصياع لإرادة بغداد التي طالبت بسحب القوات التركية من العراق ودخل في ملاسنات حادة مع الوزير الأول العراقي حيدر العبادي. وتكتسي الرقة أهمية خاصة بالنسبة لتنظيم «داعش» كونها أول مدينة يعلنها عاصمة له في سوريا، واعتبرها المدينة النموذج لما يسميه ب«دولة الخلافة» وهو ما جعل مساعد كاتب الدولة الامريكي للخارجية انطوني بلنكن، يؤكد منتصف الشهر الماضي، تزامنا مع بدء العمليات العسكرية في الموصل أن مدينة الرقة تبقى العاصمة الحقيقية لتنظيم الدولة الإسلامية. ودافع بلنكن عن موقفه بعد أن تحولت المدينة إلى مركز قيادة لاتخاذ القرارات الخاصة بتنفيذ عمليات إرهابية في العالم، وجعل العديد من رؤساء الدول الغربية يؤكدون أن القضاء على تنظيم «داعش» يمر حتما عبر استعادة السيطرة على مدينة الرقة.