صعدت أسعار النّفط أمس، لأعلى مستوى لها منذ أكتوبر مع تزايد التوافق في السوق على أن منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك) ستتغلب على الخلافات الداخلية، وذلك بعد التصريحات المتفائلة التي أطلقها أكبر المنتجين في الأيام الأخيرة حتى من خارج المنظمة. ولعل أبرزها تأكيد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أول أمس، أن روسيا مستعدة لتجميد إنتاج النفط عند المستوى الحالي. وقالت مصادر بأوبك لوكالة «رويترز» إن اجتماع خبراء المنظمة في فيينا قرر تقديم توصية للاجتماع الوزاري الذي ينعقد الأسبوع المقبل، بأن يناقش مقترحا جزائريا لخفض الإنتاج بنسبة تتراوح بين 4 و4.5 في المائة. وقال بوتين في مؤتمر صحفي في ختام قمة منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ «أبيك» التي عقدت في عاصمة بيرو: «موقفنا لا يزال من دون أي تغير... لقد أكدنا مرارا أننا مستعدون لتجميد إنتاج النفط عند المستوى الحالي له. ونحن لا نرى أي إضرار بالنسبة لقطاع الطاقة في بلادنا»، حسبما نقلته وكالات الأنباء الروسية والعالمية. وأضاف بوتين أن وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك، على اتصال دائم مع شركات الطاقة في البلاد، وهي أبدت استعدادها للانضمام إلى هذا المقترح. ورغم أنه صرح بعدم قدرته التأكيد بنسبة 100بالمائة أنه سيتم التوصل إلى اتفاق حول تجميد إنتاج النفط خلال اجتماع (أوبك) المقبل، إلا أنه لفت إلى أن «الخلافات الرئيسية التي لم تتم إزالتها بشكل عام يمكن إزالتها لأنه لم تبق هناك أية مسائل جدية».وقفزت العقود الآجلة لمزيج برنت 85 سنتا للبرميل إلى 49.75 دولارا للبرميل بحلول الساعة لتتجه نحو مستوى 50 دولارا للمرة الأولى منذ نهاية أكتوبر. وزاد سعر العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 68 سنتا أو ما يعادل 1.4 بالمائة إلى 48.92 دولارا للبرميل. وسجل هذا الارتفاع بالتزامن مع مواصلة اللجنة العليا التقنية لأوبك محادثاتها لليوم الثاني في مقر المنظمة بفيينا لتحضير التوصيات التي سترفعها إلى الاجتماع نهاية الشهر. وهي التي تعكف على دراسة آليات تطبيق اتفاق الجزائر الرامي إلى تسقيف إنتاج المنظمة عند مستوى 32.5 مليون برميل يوميا. حيث وجدت اللجنة لحد الآن صعوبات في تحديد الحصص، وهو الإشكال الذي شكك في إمكانية تطبيق الاتفاق، خاصة بسبب مطالبة العراق باستثنائه من الخفض ورغبة دول أخرى من بينها إيران وليبيا ونيجيريا التي تضرر إنتاجها بسبب عقوبات أو صراعات في زيادة الإمدادات. إلا أن تصريحات أخيرة لأهم الفاعلين في المنظمة وخارجها أعادت طمأنة السوق، لاسيما بعد أن ساد جو من التفاؤل حول توافق سيخرج به اجتماع فيينا. وهو المرجح لاسيما بعد أن عرفت الأسابيع الماضية عودة تراجع أسعار الخام إلى مستويات يتفق جميع المنتجين على أنها لا تخدمهم.ونقلت وكالة «رويترز» عن إبراهيم وايا مندوب نيجيريا لدى (أوبك) قوله إن جميع الدول ينبغي أن تتوصل لاتفاق وإن اللجنة تبحث اتفاقا لخفض الإنتاج لمدة ستة أشهر بداية من جانفي المقبل. وكانت الوفود المشاركة في اجتماع أول أمس، أكثر تفاؤلا على عكس الحال في اجتماع أكتوبر، الذي فشل في إحداث التوافق. ولكن يبدو أن هناك إصرارا كبيرا لدى مندوبي المنظمة لإنجاح مسعاهم وهو ما يؤكده تصريح أحدهم حين قال «سنستمر حتى 30 نوفمبر إذا لزم الأمر كي تكون الأمور سلسة للوزراء».ومحتم على أعضاء (أوبك) وحتى المنتجين خارجها التوصل إلى اتفاق ملموس ينفذ ميدانيا لأن أي فشل في إخراج اتفاق الجزائر من عنق الزجاجة سيؤدي حتما إلى انهيار غير مسبوق في أسعار النّفط، لأن الفائض في العرض مازال متواصلا في سوق تبحث عن توازن بعد حالة الفوضى التي سادتها. كما أن (أوبك) هذه المرة إذا لم تلتزم باتفاقها التاريخي فإنها ستفقد مكانتها في سوق النّفط العالمية.