تحوّلت الأشرطة المرسومة إلى فن له قواعده وضوابطه وبتقنيات تميّزه عن باقي الفنون، وفي هذا الإطار نظّمت الجزائر المهرجان الدولي الأول للشريط المرسوم الذي تنتهي فعالياته اليوم اعترافا منها بأهمية هذا الفن في التثقيف والتربية والتحسيس من جهة ومن جهة أخرى في التسلية والترفيه. وفي هذا السياق التقى عددا من فنانيّ الشريط المرسوم من قارة إفريقيا في ندوة بالمكتبة الوطنية أوّل أمس، للنقاش والتحاور تحت عنوان"خيالات، إرث ومستقبل"، وتحدّث المختص في فن الشريط المرسوم "إيلان بيبيي" من الكونغو عن واقع هذا الفن في بعض دول افريقيا السوداء حيث قال أنّ "الشريط المرسوم موجود في أفريقيا ويعاني في الوقت نفسه من مشاكل كثيرة تأتي في مقدّمتها مشكلة التوزيع والانتشار" مضيفا أنّه "لكي يخرج هذا الفن من افريقيا إلى العالمية يجب أن يصبح عنصرا هاما في الاتصال ومختلف وسائطه". وأكّد المتحدّث أنّ فن الشريط المرسوم موجود في أفريقيا بأشكال مختلفة: جريدة، مجلة، ألبوم كامل، ألبوم جماعي وبمختلف اللغات التي يتحدّث بها سكان القارة، ويمّس مواضيعا متنوّعة تثقيفية، تربوية وغيرها، أمّا عن المشاكل التي تعترض مسيرة هذا الفن الجميل فلخّصها إيلان في مشاكل التوزيع، الترويج والإشهار، وأضاف أنه لا توجد أيّ دار نشر في افريقيا كلّها مختصة في الشريط المرسوم. وتناول إيلان الفاعلين في الشريط المرسوم ابتداء من ممارسيّ هذا الفن أمثال "ساليا وبارلي باروني"، ومن ثمّ الجمعيات التي تنشط في هذا المجال وتصدر بعضها مجلات خاصة علاوة على شهادات التخرّج التي تعنى بالموضوع مثل التي نالها المتحدّث(الدكتوراه) تحت عنوان"الإتصال والاجتماع في الشريط المرسوم"، أمّا عن التظاهرات التي تحتضن هذا الفن الذي ظهر أوّل مرة سنة 1948 بالكونغو الديمقراطية وانتشر في سنوات الخمسينات فتتمثّل في العديد من المهرجانات والصالونات آخرها المهرجان الدولي الأوّل للشريط المرسوم بالجزائر. من جهته، تطرّق فنان الشريط المرسوم كابس من السينغال إلى أهمية الأشرطة المصوّرة في تعليم وتثقيف شريحة الأطفال، مضيفا أنّ هذا الفن يحمل في طياته الكثير من الرسائل وهو أيضا وسيلة هامة في الاتصال والتحاور مطالبا الأولياء بتشجيع أبنائهم في مطالعة الأشرطة المرسومة. وتحدّث كابس عن عمله في مجلة ألمانية سينغالية تهتم بالجانب التربوي والتحسيسي وتنشر شريطا مرسوما بصفة مستمرة وهي مجلة "أفريقيا المدنية"، وقال أنّه قام بوضع أشرطة مرسومة حول مواضيع مهمة كالسيدا والانتخابات الرئاسية معتبرا أنّ المواضيع التي تهمّ الأطفال قد تكون مختلفة عن تلك التي تمسّ الكبار. أمّا عن شروط الكاريكاتير فهي حسب كابس متّصلة بمهنة وفن الشريط المرسوم، مضيفا أنّه على الكاريكاتير في الصحافة أن يعرف تقنيات الشريط المرسوم، كما طالب بتكوين شبكة افريقية تجمع بين فنانيّ الشريط المرسوم. وتحدّث فنان الشريط المرسوم "بوتي لوك" من فرنسا عن مشروعه الذي سيعمل على تجسيده مع فنانين من الكونغو والكاميرون ويتمثّل في شريط مصوّر مميّز، وذكر الصعوبات التي تعترض طريقهم لتحقيق غرضهم مؤكّدا في السياق نفسه قلّة أوعدم اهتمام أصحاب الأموال بهذا الفن، بوتي قال أيضا أنّ فن الشريط المرسوم ولد في الجرائد وبالتالي حتى ينتشر هذا الفن عليه أن يعود أولا إلى أصله أي إلى الجريدة التي من الضروري أن تنشر الأشرطة المصورة الإبداعية ومن ثم ستسير الأمور على طبيعتها . بالمقابل، اعتبر فنان الشريط المرسوم بارلي باريوتي من الكونغو أنّ إنشاء جمعيات تضمّ فنانيّ الشريط المرسوم لن يكون مهما إلاّ حول مشروع فني يتّفق عليه الفنانون وهذا حتى يتمكّن الرسام الفنان من العيش بفنه وبكرامة وأن يتمتّع بمسيرة فنية راقية، أمّا "أوليف دابلي" من كوت ديفوار وهو مدير أحد المهرجانات الخاصة بهذا الفن فقد طالب بضرورة استمرارية المهرجانات التي تهتم بهذا الفن مثل ما حدث في الجزائر معتبرا أنّ الفن المرسوم فن لا يدخل في تقاليد القارة. من جهته، أكّد مدير مدرسة الفنون في السنغال في جلسة النقاش التي تبعت تدخلات المحاضرين على أهمية التكوين في فن الشريط المرسوم وهذا من خلال إدماج أسس هذا الفن في البرامج التعليمية.