لقي تبنّي مجلس الأمن في جلسة تصويت له أول أمس الجمعة، في نيويورك، لمشروع القرار المناهض للبناء الاستيطاني بأغلبية 14 صوتا مقابل امتناع دولة واحدة عن التصويت هي الولاياتالمتحدةالأمريكية، ترحيبا واسعا لدى الهيئات والمنظمات الدولية والإقليمية والمحلية، علاوة على الدول التي لها صلة مباشرة أو غير مباشرة بالملف الفلسطيني. وكان مقررا أن يتم التصويت على القرار الخميس الماضي، إلا أنه تم إرجاء التصويت في اللحظات الأخيرة لأجل غير مسمى بطلب من مصر ممثلة المجموعة العربية في مجلس الأمن، وقد تم التصويت عليه بطلب من أربع دول هي السنغال وماليزيا وفنزويلا ونيوزلندا. ويطلب مشروع القرار وقف البناء الاستيطاني بوصفه «غير شرعي وغير قانوني» بما يشمل كافة الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، بما في ذلك ما يسمى النّمو الطبيعي. ويعد ملف الاستيطان أبرز أوجه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وأحد الأسباب الرئيسة لتوقف آخر مفاوضات للسلام بين الجانبين في العام 2014. وترفض سلطات الاحتلال الاسرائيلي أي مطالب فلسطينية لوقف البناء في تلك المواقع الاستيطانية. وبهذا الخصوص قال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، أول أمس، إن الولاياتالمتحدة سمحت بتمرير قرار أممي يطالب إسرائيل بوقف بناء المستوطنات على الأراضي الفلسطينية المحتلة بغية الحفاظ على إمكانية تحقيق حل الدولتين. وأضاف كيري، في بيان له إن «ذلك المستقبل هو حاليا في خطر مع استمرار الإرهاب والعنف والتحريض وبسبب خطوات غير مسبوقة لتوسيع المستوطنات يقوم بدفعها من يقر بمعارضته لحل الدولتين». وأوضح أن «هذا هو السبب الذي جعلنا ألا نعارض بضمير مرتاح اتخاذ قرار في الأممالمتحدة يبين بوضوح أنه يجب على كلا الجانبين أن يعملا الآن على الحفاظ على إمكانية إحلال السلام». وكانت الإدارة الأمريكية قد لجأت في السابق إلى استعمال حقها في النّقض من أجل وقف نحو 30 لائحة ضد إسرائيل وفي 2011 استعملت حق (الفيتو) ضد لائحة مماثلة لتلك التي تم تبنّيها هذه المرة من قبل مجلس الأمن. لكن بعد مضي خمس سنوات قررت إدارة أوباما التي تربطها علاقات صعبة برئيس الوزراء الاسرائيلي بن يمين نتنياهو، عدم استعمال حقها في النّقض في آخر محاولة لفرض رؤيتها من أجل اتفاق سلام في الشرق الأوسط. وحمل الموقف الأمريكي المتأرجح حتى قبيل أيام من المصادقة على اللائحة كيان الحكومة الاسرائيلية التي لجأت إلى طلب مساعدة الرئيس المنتخب دونالد ترامب. في موقف فريد من نوعه لرئيس منتخب طلب ترامب من إدارة أوباما استعمال حق النّقض من أجل رفض مشروع اللائحة الذي قدمته مصر باسم الدول العربية. في تصريح للصحافة أوضح بين رودس، المستشار المساعد للأمن الوطني «لا يمكننا القيام عن حسن نية باستعمال حق (الفيتو) ضد لائحة تعبّر عن مخاوف بشأن ميولات لا تخدم حل الدولتين». ورفض السيد رودس، اتهامات الحكومة الاسرائيلية التي أشارت في بيان لها إلى أن الإدارة الأمريكية شاركت في تحرير مشروع اللائحة. وحسب المسؤول الأمريكي فإن أوباما لم يعلم فريقه في الأمن الوطني بقراره المتعلق بالامتناع عن التصويت قبل صباح يوم الجمعة. واسترسل قائلا «ما على نتنياهو إلا أن يلوم نفسه» لأنه لم يأخذ بعين الاعتبار التحذيرات المتكررة للولايات المتحدة من عواقب توسيع النشاطات الاستيطانية التي أدت إلى زيادة الضغط الممارس من قبل المجتمع الدولي. بان كي مون يرحب من جهته رحب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، بقرارمجلس الأمن الدولي بوقف الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية. وأعرب كي مون حسبما أفادت قناة «سكاي نيوز» الإخبارية اليوم الجمعة عن أمله في أن يفضي لتهيئة الأجواء لاستئناف مفاوضات فعّالة. ورحب البرلمان العربي على لسان رئيسه مشعل بن فهم السلمي، بالقرار وقال في بيان له أمس، إن هذا القرار الأممي «يعتبر خطوة مهمة في طريق إعادة الحق للشعب الفلسطيني المظلوم وإن نضاله بدأ يحصد ثماره». كما دعا مجلس الأمن الدولي إلى «ضرورة الضغط على اسرائيل لتطبيق هذا القرار وباقي القرارات الأممية حتى تعود للشعب العربي الفلسطيني حقوقه المسلوبة ليتمكن من إقامة دولته الوطنية وعاصمتها القدس الشريف». نفس الترحيب أعربت عنه منظمة التعاون الإسلامي على لسان الأمين العام للمنظمة يوسف العثيمين، الذي قال إن «هذا القرار يعد تاريخيا ويسهم في تثبيت حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة، داعيا في الوقت نفسه إلى تنفيذه». روسيا مستعدة لاحتضان المفاوضات من جهتها أكدت وزارة الخارجية الروسية استعداد موسكو لاحتضان مفاوضات مباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وذكرت الخارجية الروسية في بيان لها «جهود روسيا تتجه إلى هذا الهدف وتستمر بتعزيز عملية التفاوض في الشرق الأوسط كعضو «الرباعية» للوسطاء الدوليين» مضيفة «نود أن نذكر باستعدادنا لاستضافة القادة الفلسطينيين والإسرائيليين في موسكو، ونأمل أن يكون تركيز الأطراف على التعاون البنّاء والتقدم في عملية السلام في الشرق الأوسط التي ستسود في المستقبل القريب». وأكد البيان أن حل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي «لن يتم إلا من خلال مباحثات مباشرة دون أية شروط مسبقة بين الطرفين». وأشارت الخارجية الروسية إلى أن قرار مجلس الأمن الدولي بشأن التسوية الفلسطينية الإسرائيلية «يستند إلى موقف المجتمع الدولي حول عدم شرعية النشاط الاستيطاني الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية». وأضاف البيان أن الاتحاد الروسي «صوت لصالح القرار، استنادا إلى حقيقة أن مضمونه يقوم على صياغات ثابتة تعكس موقف المجتمع الدولي من عدم شرعية الاستيطان الإسرائيلي». الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة، أكد فور صدور القرار أنه «صفعة كبيرة للسياسة الإسرائيلية وإدانة بإجماع دولي كامل للاستيطان ودعم قوي لحل الدولتين». واعتبر أن القرار الذي أقر بمبادرة من فنزويلا وماليزيا ونيوزيلندا والسنغال يمثل «دعما دوليا كاملا لسياسة الرئيس محمود عباس، القائمة على حل الدولتين على أساس إقامة دولة فلسطينية ضمن حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية والتوصل إلى سلام دائم وشامل في المنطقة».