تسحب اليوم بزوريخ قرعة الدور الثالث من التصفيات المزدوجة المؤهلة إلى نهائيات كأسي أمم إفريقيا والعالم أو ما يعرف ب"مونديال 2010" لكرة القدم. ولا شك أن أنظار كل الجزائريين ستكون هذه المرة مشدودة إلى مقر "الفيفا"، باعتبار أن منتخبنا سيكون من بين أحصنة هذا الدور الحساس، الذي تخشاه كل المنتخبات الإفريقية، التي تراهن على اجتيازه لتحقيق حلمها في الذهاب إلى جنوب إفريقيا بالدرجة الأولى.
ولعل الكثير منا يأمل في أن تكون القرعة متسامحة معنا لتجنبنا الاصطدام بكبار اللعبة، وفي مقدمتهم الكاميرون ومصر ونيجيريا وكوت ديفوار، وهي منتخبات أنصفها الاتحاد الدولي لكرة القدم، حيث وضعها على رأس المجموعات وجنبها التلاقي وجها لوجه، لكن ما باليد حيلة، طالما أن منتخبنا قد صنف في الدرجة الثانية وسيواجه أحد هؤلاء الأربعة.
"الفراعنة" لا يريدون ملاقاتنا.. والأمنية مشتركة وانطلاقا مما ستسفر عنه القرعة، يمكن القول أن لمنتخبنا أوراقه الرابحة في مواجهة أي كان من الفرق الأربعة، التي تأمل هي الأخرى في تفادي مواجهتنا في هذا الدور، وتكفي الإشارة إلى التخوفات العلنية التي أبداها الأشقاء في مصر عندما خصوا الجزائر بالذكر، إذ أن النجم المحترف عمرو زاكي الذي خبر قوة الجزائريين في الدوري الانجليزي، تمنى عدم التلاقي مع "الخضر"، حين قال انهم أقوى من ذي قبل وهم يلعبون كرة ممتازة. كما قالت بعض الصحف المصرية، "إن منتخبنا يأمل في عدم تواجده في أية مجموعة توجد فيها منتخبات عربية، وعلى وجه الخصوص الجزائر، للابتعاد عن حساسية المواجهات بيننا وبينهم".. وربما نلمس مثل هذه الرغبة عند الكثير منا ايضا، لأن المواجهات الكروية الجزائرية - المصرية، كثيرا ما كانت حساسة وصعبة، انطلاقا من رغبة الطرفين في الفوز بجدارة التمثيل، ولعل ذكريات آخر مواجهة في تأهيليات مونديال إيطاليا 1990 لا تزال راسخة في ذاكرة الجماهير العريضة، سواء في الجزائر أو في مصر الشقيقة، وتفادي المواجهة بيننا ربما يعطينا جميعا فرصة التطلع للذهاب سويا الى المونديال كفريقين عربيين، وهي أمنية تراود الأشقاء في المغرب وتونس أيضا، حيث يأمل الجميع تفادي مواجهة مصر انطلاقا من حسابات عربية - عربية .
مواجهة أحد الكبار احتمال لا مفر منه ويبقى علينا أن نتأهب بمسؤولية وبروح عالية لمواجهة كل الاحتمالات، لأن القرعة إذا لم تضعنا في مواجهة مصر فستضعنا في مواجهة الكاميرون ب"أسوده" التي لم تجد من يروضها بعد، أو في مواجهة "الفيلة" بنجومها الكبيرة التي لا يخفى على أحد مدى قوتها، أو في مواجهة "نسور" نيجيريا التي تملك الخبرة والقدرة على التكيف مع كل الظروف، و لو أننا خبرناها قبل اليوم وفزنا عليها في عقر ديارها... لكن في مثل هذا الدور أو هذه المرحلة قد تأتي المخاوف من فرق الصنف الثاني أو الثالث، لأن تصفيات الدور الثاني أظهرت تكافؤا في الإمكانيات، ومن هنا باتت منتخبات ما يعرف بالصنف الثالث مثلا، لا تخشى أحدا ولا تعترف بسجل أو إسم أو تاريخ، انطلاقا من الفكرة التي تقول أن من يريد لعب المونديال، عليه أن يكون جاهزا لمواجهة الصعب والسهل بنفس الإرادة ونفس العزيمة، ولعلنا جميعا ندرك ان منتخبنا الوطني عندما سعى إلى بلوغ هذا الدور، عرف كيف يقزم منتخب "أسود" السينغال ويحافظ على حظوظه كاملة حين تعادل في آخر مواجهة من التأهيليات أمام ليبيريا، التي كانت تأمل هي الأخرى في تحقيق ما يحفظ لها ماء الوجه. وإذا كان المدرب الوطني رابح سعدان قد تفادى قبل اليوم، الخوض في الرهانات قبل معرفة نتائج القرعة، فهو وفي كل الحالات قد ركز في بعض التصريحات على أن اهتمامه سينصب بالدرجة الاولى على ضمان التأهل إلى نهائيات كأس إفريقيا، فكما قال : "لم نضمن التأهل بعد إلى هذه المنافسة وعلينا انتظار القرعة ولكل حدث حديث". ولا شك أن سعدان عندما يتحدث ويقول يجب علينا انتظار القرعة، فإن ذلك معناه أن المرحلة الثالثة من التصفيات ستكون حساسة جدا، وعلينا أن نقر أنه لا فرق بين كبير أو صغير في مراحل معينة، والعبرة في ما يتعرض له المنتخبان البرازيلي والأرجنتيني في تصفيات قارتهما أمام منتخبات صغيرة ومغمورة.