أكد وزير الصناعة والمناجم عبد السلام بوشوارب، أمس، الطابع الاستعجالي الذي يكتسيه مشروع القانون المتعلق بالقياسة بالنّظر لتزامنه مع مرحلة التحول الاقتصادي التي تستوجب مطابقة مختلف الأطر والأدوات المرتبطة بترقية التنافسية الاقتصادية مع لمرحلة الجديدة، وأشار إلى أن هذا النّص يضمن للجزائر نظام قياسة مطابق للمراجع الدولية ويحمي المستهلك الجزائري ويعزّز السيادة الوطنية على المنتجات، مؤكدا من جانب آخر التزام قطاعه بتسريع إصدار كل النصوص التطبيقية المرتبطة بقوانين الاستثمار وتطوير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وكذا التقيييس والقياسة قبل نهاية مارس المقبل. بوشوارب أوضح في رده على انشغالات نواب المجلس الشعبي الوطني خلال الجلسة التي تم تخصيصها أمس، لمناقشة مشروع القانون المتعلق بالنظام الوطني للقياسة، بأن هذا النص الجديد سيرفع من مستوى التحصيل شبه الجبائي الذي لا يزال متدنيا ولا يفوق حدود ال40 بالمائة، من خلال تطوير وسائل الرقابة والتنصيص على عقوبات صارمة في حق الغشّاشين، مع مراعاة التقليل من عقوبة الحبس والرفع في القيمة المالية للغرامات. وحول مدى جدية ومصداقية المخابر والهيئات التي يستحدثها المشروع في إطار توحيد معايير القياسة في العمل على منع الغش، أكد الوزير أن هذا المشروع الذي يأتي لسد فراغ قانوني ونقائص كثيرة يحملها القانون القديم الذي يعود تاريخه إلى نحو ربع قرن، يعتبر قانونا صارما وتمت الاستعانة في إعداده بآراء الخبراء وكذا جمعيات المجتمع المدني بهدف ضمان حماية المستهلك، مضيفا في نفس الصدد بأن قطاع الصناعة والمناجم سيسهر على تجنيد كل طاقاته لتطبيق هذا القانون، ومن بين هذه الطاقات ذكّر باستحداث المخابر اللامركزية للمعاينة والتفتيش والتي لا تحتاج حسبه إلى ميزانية خاصة لمباشرة عملها على اعتبار أنها ستكون تابعة للهيئة الوطنية للقياسة التي تم ترقية دورها بموجب هذا النص. وخلال عرضه لمشروع القانون أبرز السيد بوشوارب، حرص السلطات العليا في البلاد على إعطاء دفع قوي لتطوير الاقتصاد الوطني، لا سيما من خلال تحديد رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، للتوجه الاقتصادي الجديد في الدستور المعدل وإعلانه نمطا جديدا للنمو، مشيرا في سياق متصل إلى أن القوانين المرتبطة بقطاعه تم إصدارها واعتمادها في ظرف قياسي لم يتعد ال10 أشهر، في إشارة إلى قوانين الاستثمار والتقييس وترقية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة. وأبرز بوشوارب في نفس الصدد الطابع الاستعجالي الذي يكتسيه مشروع قانون القياسة الذي يهدف إلى اعتماد معايير وطنية موحدة في مجال القياسة وتكييفها مع المراجع الدولية، موضحا بأن هذا المشروع الذي لا يخرج عن نطاق الإصلاحات الاقتصادية "بالرغم من أن ظاهره تقني إلا أن جانبا منه يتعلق بالسيادة الوطنية". كما لفت الوزير إلى أن قانون التقييس ومشروع القانون المتعلق بالقياسة يشكلان ركيزة لدعم تحديث الجودة، مؤكدا بأن القياسة التي تعتبر إحدى البناءات الأساسية لتدعيم جودة المنتجات ضرورية لمرافقة التنمية الاقتصادية والصناعية على الخصوص مع تلبية الحاجيات الدولية، لاسيما من خلال الرفع في مستوى النظام الوطني للقياسة وفق المرجعية الدولية في هذا المجال. من هذا المنطلق وبعد أن شدد على حاجة الجزائر إلى نظام قياسة مبني على هيكل تنظيمي واضح ومنسجم، يسخر لترقية الإنتاج الوطني ويضع تحت تصرف المتعاملين الاقتصاديين والهيئات الاقتصادية القدرات الوطنية للإشهاد بالمطابقة والاعتماد، كما يسمح بتموقع المنتجات الوطنية في الأسواق، أشار الوزير إلى أن النّص الجديد يدمج جوانب جديدة هي القياس إلى جانب القياسة القانونية، حيث يتعلق الأمر بالقياسة الأساسية والقياسة الصناعية. كما يحدد النص طرق وكيفيات تسيير البنى التحتية للقياسة بمختلف أنواعها من خلال إنشاء مجلس وطني للقياسة، يعد بمثابة فضاء للتشاور بين جميع الأطراف المعنية بهذا المجال، وتحديد كيفية ربط آليات القياسة المركزية واللامركزية وتأهيلها وتسييرها مع ضبط شروط وضع تنظيمات القياسة وأدواتها. ويعيد مشروع القانون المتعلق بنظام القياسي وضع نظام هيكلي يضم إلى جانب المجلس الوطني للقياسة، هيئة وطنية مسؤولة عن السلسلة الوطنية للمعايير وعن التنسيق بين هيئات المعاينة والتفتيش تتمثل في الديوان الوطني للقياسة القانونية الذي سيتم ترقية دوره وأدائه، كما يضم المخطط شبكة مختبرات لامركزية ومخابر للمعاينة وإجراء التجارب تقدم خدمات في مجال القياسة، وكذا هيئة مؤهلة تتكون من هيئات التفتيش والرقابة وأخير مراكز التكوين والمؤسسات المتخصصة في هذا المجال. ومن المزايا المتوخاة من مشروع القانون الجديد، ذكر الوزير بضمان استقلالية وطنية أكبر ترتبط بالسيادة الوطنية وتمكن من الاستغناء عن الهيئات الدولية للقياسة وتحقيق مكاسب من الجانبين المالي والزمني، كما يفيد المشروع في زيادة التنافسية الاقتصادية وفي تعزيز القدرات الوطنية في مجال القياسة بتشجيع إنشاء هيئات متخصصة في هذا المجال، وإنشاء استثمار وطني في ميدان استحداث مخابر المعاينة والبحث والتطوير ما يمكّن الجزائر من الانضمام لمنظمة القياسة الدولية وكسب الاعتراف الدولي بنظام القياسة الجزائري. للإشارة فقد تركزت انشغالات النواب أثناء مناقشتهم لمشروع القانون المتعلق بالقياسة حول الضرورة الملحة لتسريع وتيرة تطبيق الأحكام المتضمنة في النص، من خلال إصدار النصوص التطبيقية وإنشاء الهيئات المنصوص عليها في المشروع وتمكينها بكافة الوسائل التي تسمح لها بتأدية دورها على أكمل وجه. هذا الانشغال رد عليه الوزير بتأكيد التزامه بتسريع إصدار النصوص التطبيقية، مشيرا إلى أن النّصين المتعلقين بقانون التقييس صدرا في الجريدة الرسمية، فيما تم تمرير 5 نصوص من أصل ثمانية نصوص مرتبطة بقانون الاستثمار على الحكومة، ويرتقب تمرير باقي النصوص وكذا النصوص المتعلقة بقانون تطوير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وتلك التي تخص مشروع القانون محل المناقشة بالبرلمان، لتكون جاهزة كلها قبل نهاية الثلاثي الأول من العام الجاري، على حد تأكيده. وإذ ثمّن النواب المزايا التي يحملها هذا المشروع، دعوا إلى التصدي الصارم لظواهر الغش في القياسة وكذا فرض مراقبة على أجهزة القياس التي تغزو السوق الوطنية حاليا، لا سيما تلك التي لها تأثير على صحة الإنسان، كأجهزة قياس ضغط الدم والسكري وقياس الحرارة، فضلا عن أجهزة أخرى للقياسة لا تعتبر حسبهم دقيقة ومطابقة للمعايير القانونية ومنها عدادات الماء والكهرباء والغاز، وبعض الأجهزة الكهرومنزلية وقطع الغيار المغشوشة التي تسبب الكثير منها حسب بعض المتدخلين في كوارث أليمة في ظل غياب الأطر القانونية الواضحة للقياسة.