حذرت القيادة العسكرية الأمريكية في إفريقيا «أفريكوم» من استمرار حالة اللااستقرار التي يعرفها الوضع في ليبيا، واعتبرت ذلك بمثابة تهديد «كبير» لمصالح الولاياتالمتحدة وحلفائها في إفريقيا. وأكد قائد «أفريكوم» الجنرال توماس د. فالدهوسر أمام أعضاء لجنة الشؤون العسكرية بمجلس الشيوخ الأمريكي أن «تفريخ الميليشيات المسلحة والصراع القائم بين الأطراف الليبية المسلحة في شرق وغرب هذا البلد أدت إلى تفاقم الوضعية الأمنية وأصبحت تنذر بانفلات أمني كبير سيكون عاملا مساعدا على حركة «المقاتلين الأجانب» الذين قد يتسللون إلى دول الجوار مثل تونس ومصر وكل منطقة المغرب العربي. وعرض القائد العسكري الأمريكي خلال هذه الجلسة الإجراءات العسكرية التي اتخذتها هيئته لحماية المصالح الأمريكية في إفريقيا، حيث كشف عن ضربات نفذتها طائرات أمريكية بدون طيار ضد مواقع تنظيم «الدولة الإسلامية» الإرهابي بمدينة سيرت. وقال إنها تهدف إلى حماية مصالح الولاياتالمتحدة وتمكين حلفائها الأفارقة من وضع حد لوضعية اللااستقرار» في ليبيا وكل منطقة الساحل. ولكن المسؤول العسكري الأمريكي اعترف في المقابل بصعوبة تحقيق هذه المهمة بقناعة أن ذلك يتطلب وقتا طويلا وصبرا استراتيجيا في انتظار تشكيل حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا التي يتعين عليها الاضطلاع بمهمة توحيد صفوف الجيش الليبي وفرض سلطة القانون على كل مناطق البلاد. وأكد أن تشكيل حكومة ليبية موحدة يبقى «غير مؤكد» على الأقل «في المستقبل المنظور» بما يستدعي التوصل إلى ما أسماه ب»حل أمني مهيكل» يضم برلمان طبرق والجيش الوطني الليبي كون ذلك هو الطريق الواجب إتباعه» لتحقيق هذا الهدف. وهي المقاربة التي جعلته يؤكد أمام أعضاء لجنة الشؤون العسكرية في مجلس الشيوخ على بذل مزيد من الجهود لإحراز تقدم في مجال المصالحة السياسية بين مختلف فرقاء المشهد الليبي، حاثا في ذلك الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة الرئيس دونالد ترامب على اختيار شركائها في ليبيا بعناية أكبر حتى تتمكن من التأثير على مسار المصالحة بين أطراف معادلتها السياسية. وخلص في الأخير إلى القول «بأننا نبحث عن فرص من أجل لعب دور نشط في مكافحة تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي ودعم حكامة شاملة، التي تبقى الضامن الوحيد لحماية المصالح الأمريكية في منطقة الساحل. وجاءت تأكيدات الجنرال الأمريكي في نفس الوقت الذي عرف فيه الوضع العسكري في ليبيا تدهورا مفاجئا بعد أن تمكنت مليشيات إسلامية مسلحة من بسط سيطرتها على موانئ نفطية إستراتيجية في منطقة ما يعرف ب»الهلال النفطي» في خليج سرت أشهرا بعد سيطرة الجيش الوطني الليبي بقيادة اللواء خليفة حفتر. وشكلت هذه التطورات ناقوس إنذار بالنسبة لمختلف القوى الليبية وحتى الإقليمية والدولية الباحثة عن مخرج للأزمة الليبية بسبب تبعاتها على بلد لم يتمكن من الخروج من متاهة متاعبه السياسية والأمنية. ودعا رئيس حكومة الوفاق الوطني الليبية، فائز السراج، كل القوى إلى الانسحاب «فورا» من هذه الموانئ ووضعها تحت جهاز أمني موحد يخضع لإشراف الشركة الوطنية الليبية للنفط.